الأربعاء , ديسمبر 25 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة التشكيلي مصطفى بوسنة: لوحة ميلاد فينوس لرسام عصر النهضة ساندرو بوتشيلي

مساهمة التشكيلي مصطفى بوسنة: لوحة ميلاد فينوس لرسام عصر النهضة ساندرو بوتشيلي

 

لوحة ميلاد فينوس لرسام عصر النهضة ساندرو بوتشيلي… التفت الفنان يمنه ويسره يحدق في الوجود و يتساءل أين أجد ضالتي المعقودة جدائلها بالسحر؟ وأين يكمن عالم أجد فيه ما يتعدد معناه ولا تغلق بالمداد سماواته ! عالم عبق بالدهشة والأحلام والجمال !

ولم يزل على تلك الحال من التساؤل والحيرة حتى لمعت في ذهنه الفكرة، وقال صارخا بأعلى صوته: هي الأسطورة !

وكانت الأسطورة وكان الفن الخالد !، ولم تبرح الأسطورة و إلى يومنا هذا تمد الفنان والشاعر والكاتب بمعين لا ينضب من الأفكار والمعاني، بل ولم يتوقف الأمر عند من ذكرنا فلقد استمال أمرها معشر علماء النفس فهاهو كبيرهم فرويد يؤسس من أسطورة اوديب تحليله النفسي الشهير،  وهاهم معشر الموسيقيين يؤلفون سيمفونياتهم الخالدة من وحي الأسطورة وسماواتها الرحبة !

ولم يقف أمر الاستلهام تلك الأساطير دون الفنون الغربية وحدها، بل تعدها وشمل أصقاع كثيرة من العالم ومن ضمنها العالم العربي. إلا إن الاستمتاع بتلك الفنون والأفكار بقي منقوص، ولم تكتمل متعة المشاهد للعمل الفني ولذته، وذلك لإفتقاد الكثيري معرفتهم بتلك الأساطير، مما فوت عليهم الكثير من المتعة والجمال.

نقدم لوحة ميلاد فينوس لساندرو بوتيشيلي. التي تناولت واحدة من تلك الأساطير. وكما أسلفنا ان ذكرنا أن الكثير من الفنانين وعلى مر العصور استهواهم هذا المجال الرحب، والذي عبروا من خلاله وقدموا أجمل اللوحات وأروعها ! هو رسام إيطالي من عصر النهضة و صف المؤرخ فازاري سندرو بأنه “شخص مرح” يدبر الحيل لزملائه الفنانين وبلداء الذهن من المواطنين؛ وما من شك في أنه قد جمع في شخصه كثيراً من الرجال، شأنه في ذلك شأننا جميعا، وأنه كان يتقمص هذه الشخصية أو تلك حسبما تتطلبه الظروف، أما نفسه الحقيقية فقد استبقاها سراً رهيباً خافية عن العالم

ساندرو بوتشيلي 1445-1510 عاش في فلورنسا… من أبرز فناني عصر النهضة الإيطالية كان تحت رعاية أسرة ميديتشي القوية،  وقام بتصويرالعديد من اللوحات الرائعة للعديد من الشخصيات اتسمت بالدقة البالغة تنم عن ملاحظة قوية للشخصية الجالسة أمامه. و تصوّرُ لوحةُ “ولادةِ فينوس الأسطورةَ الكلاسيكية لانبثاقِ فينوس من البحر…. في اللوحة، تولدُ رمز الحبّ، فينوس، من المحارة، كامرأةٍ ناضجة تماماً، وقد وصلَت شاطئ البحر. يقترحُ الباحثونَ تفسيراتٍ عديدة لهذا العمل من أبرزها أنَّ بوتيتشيلي قدّمَ الفكرةَ الأفلاطونية الحديثة عن الحبِّ الإلهي في شكلِ فينوس. ولا تزالُ “ولادةُ فينوس” لبوتيتشيلي أحدَ أثمنِ الأعمالِ الفنيّة في عصرِ النهضة.

في اللوحة نشاهد الرسام وقد جسد فينوس كفتاة فاتنة جميلة، تخرج من صدفة ذهبية كانت تحتويها في الماء، تحاول بسذاجة تغطية جسدها بشعرها الذهبي المنسدل وبأناملها الرقيقة. تبدو الصدفة قريبة من اليابسة، وكأن فينوس تستعد للقدوم الى الأرض ونشر الحب والجمال فيها، وقد رسم بوتيشيلي ذلك برفع إحدى القدمين عن الصدفة مشكلا استعدادها للقيام بالخطوة الأولى.

في الجانب الأيمن نرى فتاة ىشابة ترمز للربيع تقترب من الفتاة وتمد اليها وشاحا مطرزا بألوان الربيع ووروده، وفي الجانب الأيسر نرى زفيروس وكلوريس متعانقين، يحلقان بجانبها وينفثان اليها ريح الغرب والحرارة حتى يزوداها بالكمال والانوثة ويضعان اللمسات الأخيرة على ولادتها. منح بوتشيلي اللوحة مسحة شاعرية وانثوية لدى نثره الورود والأشجار الخضراء وألوان الربيع على مساحتها، حتى يكون الفصل الذي ولدت فيه رمز الحب والجمال مناسبا ويضفي على اللوحة ألقا أكبر.

وكما هو الحال في معظم أعمال الفنانين وخاصة فناني عصر النهضة، تظهر الأنثى المثالية في عمر ما بين الـ 16- 25 عاما، وهو العمر الذي تبدو فيه المرأة في أبهى صورها وتجلياتها.

ظلت أعمال بوتشيلي عامة تدور حول الاساطير والميثولوجيا، وقد جسد معظمها بروعة ومثالية كبيرة. وقد ظلت لوحة مولد فينوس لبوتشيلي أفضل الأعمال الفنية بحيث تم استعمالها أيضا في مناسبات كثيرة لها علاقة بالمرأة .

ولم يكن وقتئذ قد تجاوز 56، ولعله كان لا يزال فيه شئ من القدرة الفنية، ولكنه أخلى مكانه ليوناردو ومايكل أنجلو، وانزوى في ظلمات الفقر النَّكِد. وقد أعانه آل ميديتشي، الذين كانوا عماده من قبل، ببعض الصدقات، ولكنهم هم أنفسهم كانوا قد ذهبت ريحهم؛ ومات الرجل وحيداً، ضعيفاً، في السادسة والستين من عمره، بينما كان العالم السريع النسيان يجري في مجراه المعتاد. وكان من بين تلاميذه فلپينو ليپي، ابن معلمه… وليس لدينا شيء من تصويره بعد عام 1500 مقطع من لوحة ميلاد فينوس…

التشكيلي مصطفى بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super