الأحد , نوفمبر 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة بوداوود عميير: الطاهر وطار شاعرًا !

مساهمة بوداوود عميير: الطاهر وطار شاعرًا !

 

نعرف الطاهر وطار قاصا وروائيا وكاتب مسرحيات ومقالات، وحتى مترجما: فقد صدرت له ترجمة لديوان الشاعر الفرنسي فرنسيس كومب، تحت عنوان “الربيع الأزرق”. لكن لم نكن نعرف أنه كتب شعرًا، إلى أن كشف الصديق الباحث الأستاذ الأخضر رحموني، من أرشيفه الخاص، نصا شعريا نادرا، كتبه عمي الطاهر، كان قد نشره في أسبوعية “الشعب الثقافي”، العدد رقم 08 الصادر بتاريخ 05 أكتوبر 1972.

المحاولة الشعرية أو “التجربة الشعرية” كما وصفها صاحب “اللاز”، تحمل عنوان: “البكاء والألم”؛ ولأن كاتبنا الكبير رجل متواضع، لا مكان لديه للغرور، يؤمن بالنقد الذاتي قبل نقد الآخرين؛ كتب كلمة ساخرة يشكك في شعرية نصه، الذي لا يعرف إن كان نثرا أو شعرا: يقول الطاهر وطار:”لم أتطفل يوما عن فن من الفنون، خاصة الشعر، الذي لا أعرف له وزنا أو بحرا أو حتى واديا، لكن ذات مساء، وإثر إرهاق شديد، وفي خضم اجتماع مطول، وجدت بين يدي هذه الكلمات. كل من أقرؤها له من الأصدقاء، يقول لي انه ليس نثرا، وأنا أقول أنه ليس شعرا أيضا، و يبقى السؤال الكبير ما هو هذا الكلام؟ أخيرا قلت لعله أثر فني فأنشره حينئذ، وانتظر ردود النقاد و الشعراء و القراء…”.

يقول في المقطع الأول من هذا النص الشعري/النثري:

عندما أبكي من القلب/ تثاقل علي الآلام/ مدة أطول ثم تزول/ وكم أشعر بالراحة، عندما تزول/ إلا أن الألم الكبير / الكبير إطلاقا، والذي لا يزول/ هو أن بكاء القلب متواصل/ متواصل أبدا / فما يريح من بكاء القلب؟ / أسألكم ما يريح؟ / أنا أجيبكم انه البكاء المتواصل / لا على النفس لا على الذات / أؤكد لكم هذا / بدل أن تبكوا من القلب على آلام القلب / ابكوا بصدق وبعمق / عن آلام المعذبين / عن آلام الملايين / وأؤكد لكم أن آلامكم تزول / تزول مدة أطول / وأطول.

بدا لي النص موحيا ومعبّرا، حتى وإن كان مثقلا بالشعاراتية الايديولوجية، السائدة يومها، مما أفقده بعض بريقه، ولكنه رغم ذلك أفضل قليلا مما يكتب الآن تجنيا باسم الشعر. من حسن الحظ أن الطاهر وطار تفطن بنباهته، في لحظة مفصلية من مساره الإبداعي، أنه لم يخلق لكتابة الشعر، هكذا كسبنا قاصا وروائيا عظيما، كان ممكنا أن يكون شاعرا فاشلا.

تحية خاصّة للكاتب الباحث الصديق الأخضر رحموني، الذي يحتفظ بعناية فائقة بأرشيف المجلات والصحف الجزائرية القديمة، والتي هي نفسها لم تعد تمتلك أعدادها القديمة. ضياع الأرشيف في مؤسساتنا الاعلامية العمومية، كارثة حقيقية، وتلك قصة أخرى.

لمحة تعريفية: بوداوود عميير، من موإلىد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيإلى وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة  للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن إلىوم…

بوداوود عميير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super