ترفع مجددا العائلات القاطنة بالحي القصديري “موحوس” والمتواجد على مستوى بلدية برج الكيفان نداءها إلى السلطات العليا وعلى رأسها المسؤول الأول على الولاية، التدخل العاجل لإنقاذها والأوضاع المتدنية التي تتكبدها وإنهاء حلقات مسلسل المعاناة التي تعيشه في بيوت تفتقر لأدنى العيش الكريم، في ظل الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يتخبطون فيها، والتي أقل ما يقال عنها أنها مأساوية.
وخلال جولة قادت يومية “الجزائر” إلى الحي، عبرت العائلات التي تقطن هذه البيوت القصديرية والبالغ عددها 167 عائلة عن استيائها الشديد وتذمرها من صمت الجهات الوصية وعدم ترحيلها إلى سكنات لائقة بدل العيش في بيوت مبينة من بالطوب وتفتقر لأدنى ضروريات الحياة الكريمة، أين أكد مقيمو هذا التجمع السكني أن الأخير تنعدم به جميع المرافق الضرورية ولم تلق شكاويهم المتكررة للسلطات المحلية الحل المطلوب، لتتفاقم مشاكلهم وتدخلهم في دوامة التخلف والفقر حتى وإن اختلفت الظروف التي جمعت هذه العائلات، إلا أن المعاناة التي يعيشونها واحدة ولم يشفع عامل السن للكبار ولا للصغار الذين يحظون بالنصيب الأكبر من التهميش، خاصة وهذا الحي الذي نشأ خلال الحقبة الاستعمارية كغيره من البؤر الفوضوية ظهر نتيجة أزمة السكن التي تعرفها البلاد.
وفي هذا السياق عبر السكان عن استيائهم الشديد حيال الوضع المزري الذي يكابدونه يوميا بسبب تماطل الجهات المعنية في تجسيد وعودها بترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، حيث أكدت العائلات أنها تعيش حياة مزرية في ظل جملة من النقائص حولت حياتهم إلى جحيم، وكل أملهم أن يحظوا بالتفاتة من السلطات التي تتجاهل مطالبهم وفي سياق حديثهم أكد هؤلاء هذه البيوت أصبحت غير ملائمة للسكن بسبب الأضرار التي لحقت بها والتي أصبحت مصدر أمراض خطيرة أصابت معظمهم بسبب الرطوبة خاصة في فصل الشتاء، فحالاتهم الصحية أثقلت كاهلهم بسبب فواتير الأدوية التي تفوق طاقتهم، ولذلك فهم يطالبون السلطات المحلية بالتدخل الفوري ووضع حل لهم في القريب العاجل بترحيلهم إلى سكنات لائقة تخلصهم من عناء ما يعيشونه سنين، كما أشار المواطنون لجملة من المشاكل الأخرى على غرار اهتراء طرقاتهم، انعدام قنوات الصرف الصحي،خاصة انتشار القمامات ومتطلبات العيش الكريم، وهو ما أثر بشكل سلبي على السكان ودفع السكان مرارا وتكرار لمطالبة مسؤولي البلدية للنظر في مشاكلهم التي تسوء يوميا دون أن تحرك هذه الأخيرة ساكنا من شأنه رفع المعاناة التي يتكبدونها، أين باتت هذه العائلات تحلم بيوم الرحيل وتتمنى وصول تاريخ الترحيل قبل آجاله بسبب المعاناة التي يتخبطون فيها، فالحياة داخل تلك البيوت القصديرية لم يعد يحتمل بتاتا -على حد تعبيرهم-.
انتشار النفايات والطرق المهترئة والمسالك الضيقة أرق السكان
يشكو مقيمو الحي من المعابر الضيقة التي يسلكها القاطنون من أجل الالتحاق بمساكنهم، وذلك في ظل افتقار الحي إلى طريق واضح ومهيأ، فالمسالك الوعرة تصعب من الحركة والتنقلات اليومية للمواطنين الذين ضاقوا ذرعا من هذه الوضعية، ويزداد الوضع سوءا عند تساقط الأمطار، أين تضاف إلى تلك الأخيرة أوحال وبرك مائية يصبح اجتيازها يشبه المستحيل، فضلا عن أن ضيقها وصعوبة تجاوزها، كما يعاني هؤلاء السكان من صعوبة توفير قارورات غاز البوتان التي يجلبونها من مسافات بعيدة وإيصالها لبيوتهم في ظل عدم إيصالهم بشبكة الغاز الطبيعي، كما يعاني الحي من الانتشار العشوائي للنفايات المنزلية، حيث تحول إلى شبه مفرغة عمومية، بحيث لا تتوفر لديهم حاويات القمامة ما دفع بالسكان إلى رميها بطريقة عشوائية والنتيجة تراكم القمامة، التي أصبحت مصدرا لانبعاث الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات اللاسعة والجرذان، حيث أكد البعض أنهم عانوا من تكاثر الباعوض سيما خلال الصيف، بالإضافة إلى الحشرات والحيوانات الضالة التي أصبحت لا تفارق الحي، كما أن الأمراض المنتشرة جراء تكدس النفايات أجبر السكان على العيش في مأساة حقيقية وهم ينتظرون ترحيلهم إلى بيوت لائقة في إطار برنامج رئيس الجمهورية وولاية الجزائر
وجوده أعاق التنمية المحلية
إلى ذلك، شكل وجود هذا التجمع الفوضوي عائقا أمام وصول التنمية المحلية عن الأحياء المجاورة، حيث أكد المتحدثون أن تموقعه بهذه المنطقة حال دون استفادة التجمعات السكنات من العديد من التجهيزات على غرار تزويدهم بشبكة الغاز الطبيعي كونه يشكل شبه حاجز، فضلا عن أن إزاحته ستسمح بإنجاز مشاريع تنموية لإزالة النقائص التي يعيشها المتضررون من تواجد هذه السكنات الهشة التي شوهت صورة المشهد العمراني العام لهذه المدينة الساحلية، وإعطاء صورة جميلة لبلدية برج الكيفان خصوصا قطاع التهيئة والأشغال العمومية، خاصة وأن أغلبية المشاريع توقفت بسبب عدم تسوية وضعية هذا الحي وإجلاء قاطنيه نحو سكنات تحفظ ماء وجههم وترفع عنهم الغبن والمعاناة التي يتكبدونها به لسنوات أمدها، أين عبر الكثير عن امتعاضهم من السلطات وتأخرها في عملية الترحيل والتي يعيش فيها السكان، مبدين استنكارهم من الانتظار والوعود التي لا تزال تتردد على مسامعهم، حيث يناشدون بالتسريع في الترحيل والسكن في سكنات لائقة.
الشكاوى لم تجد آذانا صاغية
قال سكان هذا في تصريحاتهم لليومية أن معاناتهم تعود إلى زمن بعيد، وعلى الرغم المراسلات العديدة للمسؤولين أشاروا فيها إلى حجم معاناتهم، حيث أوضح لنا أحد سكانه أنهم لم يتلقوا حتى الوعود، مما زرع الشك في نفوسهم وزعزع الثقة بمسؤوليهم، بعد ما تحولت حياتهم إلى جحيم، سيما وأن الحي كان من المفروض أن يبرمج ضمن الأحياء التي أحصتها الولاية سنة 2007 لأجل إجلائها نحو سكان لائقة، غير أن تجاهل منتخبيهم المحلين لوضعهم حال بالحي الذي يعود تاريخ إنشائه إلى الحقبة الاستعمارية، وبعد سلسلة النداءات التي رفعها مقيموه لمصالح المحلية، قام المجلس الشعبي البلدي بمراسلة الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء تحصلت اليومية على نسخة من الطلب الذي تم رفعه منذ سنتين عبر مصادرها الخاصة، بيد أن المراسلة لم تعبر عن رغبة المواطنين في الترحيل بعد أن طالب رئيس البلدية تسوية وضعية السكنات في نفس العقار بدل إعادة إسكانهم، وهو الذي حاز في نفس المواطنين وأثار سخطهم من عدم أخذ رئيسهم مطلبهم على محمل الجد، خاصة وأن جلهم يطالبون بالترحيل لا بتسوية وضعية سكنات أكل عليها الدهر وشرب.
ليبقى هذا حي الفوضوي ضمن الأحياء المنسية بالبلدية التي يطالبوا شاغلوه عبر منبر جريدة “الجزائر”التفاتة من السلطات المحلية لإنصافهم وإخراجهم من العزلة التي يعيشونها والتدخل العاجل لترحيلهم إلى سكنات لائقة جراء المعاناة اليومية التي طال أمدها لإخراجهم من دائرة التخلف.
فيفي عبد السلام