السبت , نوفمبر 16 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة مصطفى بوسنة: علاقة الفن التشكيلي بالأدب.. فرانسيس بيكون نموذجا

مساهمة مصطفى بوسنة: علاقة الفن التشكيلي بالأدب.. فرانسيس بيكون نموذجا

 

الحديث عن علاقة الرسام البريطاني فرانسيس بيكون 1909-1992 بالأدب  فرصة ثمينة لإعادة استكشاف أسرار و خبايا  مرسم هذا الفنان الذي ما تزال لوحاته تلهم الفلاسفة و الأدباء إلى اليوم، فنان يحب الكتب وتشهد آلاف الكتب في مكتبته الخاصة على هذا الشغف.

في الستينيات و السبعينيات  كان من العيب أن يشار الى الرسام باعتباره فنانا تشخيصيا، أما إذا اعترف بتأثره بالأدب فهذا يفقده اي مصداقية في نظر الجميع..

ربط بيكون أعماله بأعمال الأدباء المفضلين لديه و ذلك لإعادة اختراع هذه الروابط بين اللوحة و الكتاب أو بين النص و الرسم حيث نجح فعلا في ترجمة الكثير من قراءاته الأدبية الى صور مبتكرة و مذهلة  بثها في الكثير من أعماله الشهيرة، كان خيال بيكون قد تغذى كثيرا على الأدب فأعماله كانت لوقت طويل موضوع تأمل من طرف الكثير من معاصريه الفلاسفة و المفكرين و النقاد و الأدباء أمثال كلود سيمون، ميلان كونديرا، جيل دولوز، فيليب سوليرز بحيث يمكن القول إن إبداعه قد شكل قاعدة لموضوع أدبي حقيقي في فرنسا خاصة..

 

في معرضه  بمركز بومبيدو بباريس سنة 1996  وهو آخر معرض له يركز على الأعمال التي أنجزها في 20 سنة الأخيرة من حياته (1971 – 1992) أعمال تكشف مدى تأثير الأدب على لوحاته.. وقد تمّ توزيعها على ست قاعات، وتنظيمها حول بعض كتبه المفضلة، هي “أورستيا” لإسخيلوس، و“إنسان مفرط في إنسانيته” لنيتشه، و“قصائد” لتوماس ستيرنز إليوت، و“عصر الإنسان” لميشيل ليريس، و“التجربة الداخلية” لجورج باطاي و“قلب الظلمات” لجوزيف كونراد.

6 أعمال شعرية وأدبية وفلسفية تمّ اختيارها ووضعها في علاقة مع لوحاته في سينوغرافيا طريفة، حيث جعلت ما بين كل فضاء مخصّص للوح ثلاثي من أعمال بيكون بِنْياتٌ شاغرة في الظاهر، ولكنها مملوءة في الواقع بأصوات بعض الممثلين المعروفين أمثال ماتيو أمالريك، ودوني بوداليداس، وجان مارك بار، وكارلو برانت، وهم يقرؤون بالفرنسية أو الإنكليزية فصلا أو أكثر من المؤلفات التي يعشقها الرسام البريطاني.

يبدو تأثير المسرحي اليوناني أسخيلوس واضحا جدا خصوصا في كثير من الرسومات ( المعانة الإنسانية، الشعور بالعزلة ..الخوف من الموت..) والمأساوية لعالم محبط.

أعمال بيكون تجعلنا نتساءل..هل الإنسانية مشوَّهة؟ أجزاء من اللحمِ النيء، أرواح مُعذَّبة، معزولة ومسجونة داخل معضلاتهم الوجودية، التي هكذا رآها الفنان البريطاني – الأيرلندي…

الإنسانية كانت مشوهة في فن ما بعد الحرب؛ إذ احترف بيكون فن البورتريه، ولكنها كانت بورتريهات من نوعٍ خاص، فوجوه مُلهميه على الدوام مشوَّهةٌ بعنف، يصرخون، حتى وجهه هو شخصيًا لم يسلم من التشويه في بورتريهاتٍ ذاتية؛ فلُقِّبت لوحاته باللوحات الصارخة، ولقِّب هو بـفنان الرعب.

لم يستسلم بيكون ، بل قام بالتطوُّع في الدفاع المدني؛ إذ كان مسؤولًا عن المهام التي تشمل مكافحة الحرائق، والإنقاذ المدني، واستعادة جثث الموتى، وبعد فترة من التواجد في شوارعٍ مليئة بالركام، استقال بيكون من خدمته المدنية عام 1943، بعد أن تفاقمت حالة الربو لديه، ليترك الحرب ويعيش داخل كوخ مستأجر صغير مع صديقه إريك هول؛ إلا أن الحرب لم تتركه، بل توغلت داخل روحه، وبدأت تشوهاتها في التسرُّب إلى لوحاته.

لمحة تعريفية: الفنان مصطفى بوسنة رسام ونحات ومصور دخل إلى المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تعلم قواعد الفن التشكيلي ومداعبة  الريشة على يدي كبار الرسامين من أمثال مصطفى عيدود ودينيس مارتيناز.. تميز المسار الفني لمصطفى بوسنة بالنجاح، حيث أقام عدة معارض داخل وخارج  الجزائر. وقد أقام معرضا لآخر أعماله “حديقة النور” في نوفمبر الماضي  بالجزائر العاصمة.

 

التشكيلي مصطفى بوسنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super