قدم المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، أمس الأربعاء، تقريره حول الذاكرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث تضمن 22 نقطة تبحث -حسبه- عن طريق لطي ملف الذاكرة المتعلق بحقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر، لكن أبرز ما جاءت به الرئاسة الفرنسية بعد تسلمها نسخة منه قولها إنها تعتزم القيام بـ”خطوات رمزية” لمعالجة الملف، لكنها لن تقدم “اعتذارات”.
بعد ستة أشهر من تكليفه بالمهمة، خرج إلى العلن الملف الذي كان يشتغل عليه المؤرخ الفرنسي، بنجامين ستورا، حيث احتوى أكثر من عشرين مقترحا في إطار ما تراه باريس رؤيتها لحلحلة ملف الذاكرة، فيما أوصى المكلف بالمهمة بنجامين ستورا في تقريره، بتشكيل لجنة “الذاكرة والحقيقة” تضطلع بتعزيز مبادرات الذاكرة المشتركة.
واقترح المؤرخ الفرنسي ذاته أن تتكون هذه اللجنة من “شخصيات مختلفة منخرطة في الحوار الفرنسي الجزائري، والملفت في تصريح الرئاسة الفرنسية، إثر تسلمها تقرير المؤرخ بنجامان ستورا، الفصل في قضية الاعتذار.. والتأكيد أنها تعتزم القيام بـ”خطوات رمزية” لمعالجة الملف، لكنها لن تقدم “اعتذارات”. وهو ما يقرأ بأنه رد على موقف تتبناه عدة أطراف في الجزائر لا تزال تؤكد على اعتذار فرنسي عن جرائمها خلال الحقبة الاستعمارية (1830-1962) ولا ترى أي تطور في العلاقات الثنائية من دون تقديم الاعتذار.
وحسب ما تسرب من تقرير المؤرخ بنجامين ستورا الذي حمل 22 نقطة، الإشارة إلى الاحتفالات الرسمية، الأمير عبد القادر، علي بومنجل اعتراف فرنسا باغتياله، ملف المفقودين، التجارب النووية، الرفات، الحركى، إنشاء مكتب شباب فرنسي جزائري للترويج لأعمال المبدعين الشباب، إعادة تنشيط مشروع متحف تاريخ فرنسا والجزائر، تنظيم مؤتمر دولي هذا العام مخصص لفرانسوا مورياك وريموند آرون وجان بول سارتر وأندريه ماندوز وبول ريكور، وتنظيم معرض بالمتحف الوطني لتاريخ الهجرة حول الاستقلال الإفريقي هذا العام، إنشاء لجنة مؤرخين فرنسية جزائرية مسؤولة عن تاريخ مدفع “بابا مرزوق”.
وقبل شهر من الآن، وجه المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة والمدير العام لمؤسسة الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، انتقادات للطرف الفرنسي بخصوص مسألة التعاون حول ملف استرجاع الأرشيف والذاكرة الوطنية، مؤكدا أنه “يراوح مكانه بسبب سوء نية الطرف الفرنسي”.
وأفاد المستشار شيخي إنه “منذ مرور أزيد من 6 أشهر على تعينيه من قبل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون ممثلا عن الجانب الجزائري في العمل الجاري مع الدولة الفرنسية حول الملفات المتعلقة بالذاكرة الوطنية واسترجاع الأرشيف الوطني لم يتواصل مع المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا إلا مرتين عبر الهاتف”. وأشار أن هذا الأخير قدم أعذارا بأنه يعد تقريرا بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا يمكنه الحديث عن هذا الملف قبل تسليم التقرير النهائي إلى قصر الإليزيه.
ومن المنتظر أن يثير هذا التقرير الجدل والنقاش في الأوساط السياسية والتاريخية في الجزائر وحتى في فرنسا، خاصة أنه يحمل نقاطا حساسة في ملف العلاقات التاريخية بين البلدين، على غرار الإشارة إلى الحركى والأقدام السوداء وأبنائهم، إضافة إلى بعض النقاط الخلافية والمعقدة.
إسلام كعبش
الوسومmain_post