السبت , نوفمبر 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / مساهمة بوداود عمير: رواية “شرق المتوسط” للكاتب الكبير عبد الرحمن منيف

مساهمة بوداود عمير: رواية “شرق المتوسط” للكاتب الكبير عبد الرحمن منيف

رواية “شرق المتوسط” للكاتب الكبير عبد الرحمن منيف، الذي تعود ذكرى رحيله هذا الأسبوع؛ أدهشتني عندما قرأتها لأول مرة، مطلع التسعينيات فيما أذكر؛ لم يسبق لي أن قرأت مثلها في الرواية العربية، بنفس الجرأة والشجاعة، رواية ثورية بامتياز، حاول من خلالها منيف كما كتب “أن تكون صرخة في جو الصمت، تنبيها، في الوقت الذي تبدو في الأفق غيوم سوداء كثيفة زاحفة، لعل شيئا يحدث قبل أن يدمر الإنسان هذه المنطقة، ويصبح مشوها ولا يمكن إنقاذه، إن هذا الرواية لا تعني أحدا وتعني كل الناس أيضا”.

يعتبرها النقاد رواية مؤسسة لما أصبح يعرف بأدب السجـون أو المعتقلات، ورغم أن سجون الأنظمة العربية تضجّ بمعتقلي الرأي، لكن تناول قضيتهم ومعاناتهم، ومقاربتها أدبيا، يصبح أمام القمع، ضربا من التحدي؛ وحتى إن تم تناولها في بعض الأعمال الروائية لكن بشكل رمزي، كمحاولة للتحايل على الرقيب. وحدها رواية “شرق المتوسط” استطاعت أن تتخلص من التوجس، بدت ناطقة مباشرة باسم أوضاعهم المؤلمة، وقد جسد صرخاتهم في السجن البطل “رجب”. رواية قالت المعاناة بكل تفاصيلها، لم تحدد مكانا، ولم تسمّ بلدا بعينه، ذلك لأن الهم مشترك والمعاناة واحدة، يطاول جميع دول المنطقة ماضيا وحاضرا.

ميزتان لعبد الرحمن منيف، منحتا بعدا مختلفا ومميزا لأعماله: يكاد لا تعرف له جنسية، ولم يستقر طيلة حياته الحافلة بالترحال في مكان محدد؛ يقول منيف: “ولدت في عمّان بالأردن، لأبّ سعودي وأمّ عراقية، وعشت فترةً من طفولتي في الأردن ثمّ في السعودية. وبدأت دراستي في بغداد وبعدها انتقلت إلى القاهرة ومن ثمّ انتقلت إلى يوغسلافيا؛ ومن ناحية العمل فقد بدأت في سوريا وانتقلت بعد ذلك إلى لبنان ومنه إلى العراق”. الميزة الثانية، أن تخصصه علمي بحت، لم يتخرج من كلية الآداب؛ فقد اشتغل خبيرا نفطيا وترأس تحرير مجلة “النفط والتنمية” الصادرة في العراق.

فليس غريبا أمام هذا التميز في مسار حياته وفي كتاباته، أن يبدع أشياء مختلفة وجديدة على الأدب العربي المعاصر، يكاد لم يسبقه فيها أحد. مثل خماسيته “مدن الملح” المتكونة من خمسة أجزاء، رواية لايكمن تميزها في ضخامة حجمها فحسب، بل في ثيماتها وشكل كتابتها؛ أو مساهمته في تأليف عمل مشترك مع الكاتب والمترجم الفلسطيني الراحل جبرا إبراهيم جبرا، رواية بعنوان: عالم بلا خرائط، رواية كسر في فكرتها نرجسية الكاتب العربي.

لمحة تعريفية: بوداود عمير، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاص ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي وكاتب مقالات في العديد من الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللغة العربية، مجموعة من الكتب التاريخية والأدبية، فمن الكتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجم: لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري عام 2008، كتاب النسب الشريف عام 2009، سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة عام 2010، كما ترجم المجموعة القصصية ياسمينة وقصص أخرى لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية ومنقحة سنة 2015. وصوب البحر، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان صديقتي القيثارة  للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم.

بوداود عمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super