من المنتظر أن تناقش الحكومة في الأيام القليلة القادمة مشروع قانون الاستثمار الجديد، وهو القانون الذي جاء بعد أربع سنوات فقط من القانون الحالي، والذي تؤكد وزارة الصناعة، أنه من شأنه بعث استثمارات كبرى “جدية” و”مجدية” لخلق الثروة والنهوض بالاقتصاد الوطني، وأن ينصف المستثمرين بعد قانون “مجحف”، غير أن خبراء يؤكدون أن العبرة ليست في صياغة قوانين “براقة” فحسب، إنما في إزاحة المعيقات الحقيقية التي تقف عائقا أمام الاستثمارات ومنها الفساد، المحسوبية، البيروقراطية الإدارية وأهمها عدم ثبات القوانين.
ينتظر المستثمرون والمتتبعون للشأن الاقتصادي الإفراج عن النسخة الأصلية لمشروع قانون الاستثمار والتي سلمت النسخة الأصلية منه للوزارة الأولى السبت المنصرم، لدراسته، وبعدها سيتم تمريره على البرلمان للمصادقة عليه، ليدخل حيز التطبيق خلال أسابيع، رغم تأكيد وزارة الصناعة والمسؤول الأول على رأسها الوزير فرحات آيت علي براهم في عدة مناسبات، أن القانون “جاء ليضمن حرية التصرف المسؤولة لفائدة مسيري المؤسسات العمومية والخاصة شريطة أن تكون الاستثمارات التي يقومون بها عقلانية ومنتجة” وأنه يمنح كل الضمانات من “شفافية ووضوح” لفائدة المستثمرين العموميين والخواص بحيث “لا يمكن التعسف في استعمال السلطة في حق أي مستثمر”، كما يضمن أيضا عدم التفرقة في المعاملة ما بين المستثمرين العموميين والخواص كما يعطي الأولوية للمشاريع الاستثمارية الأكثر مردودية للبلاد.
غير أن هناك تخوف من أن تبقى نصوص القانون الجديد حبرا على ورق كالقانون الحالي الذي صدر في 2016 وعرف تعديلات في 2019، والذي حسب المختصين ضم هو الآخر العديد من الايجابيات، لكن البيروقراطية والمحسوبية في توزيع الصفقات جعل منه قانونا بلا روح، حسب الكثير من المراقبين، ولم يقدم الشيء المرجو منه من استقطاب للاستثمارات الأجنبية، وتشجيع المحلية والدفع بعجلة التنمية في مختلف المناطق وخلق الثروة و مناصب الشغل، واعتبر الخبراء أن العبرة ليست في صياغة قوانين إنما في القضاء بالدرجة الأولى على الممارسات التي تعيق عملية الاستثمار، والعمل على ثبات القوانين لطمأنة المستثمرين.
وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي، أحمد طرطار في تصريح لـ”الجزائر” أن الدستور الجديد جاء لمعالجة عديد من النقاط، ومن بينها عدم ثبات القوانين، فمن المفروض-حسبه- أن تدوم القوانين لـ10 سنوات على الأقل، وهذا عادة لا يحدث في الجزائر، فقانون الاستثمار الحالي صدر في 2016، وعرف تعديلات في 2019، واليوم الجزائر مقبلة على قانون استثمار جديد، رغم أن قانون 2016 كان هو الآخر آنذاك مرحب به، وجاء بالعديد من النقاط الايجابية التي تخدم الاستثمار لكنه للأسف الشديد-يقول طرطار- “تم تطبيقه بلا روح”.
واعتبر طرطار أن قانون الاستثمار الجديد “يعمل على أن يكون هناك إنصاف بين المستثمرين سواء محليين من القطاع العمومي أو الخاص، ومن الأجانب”، غير أن الأجانب “مشكلتهم بالدرجة الأولى أنهم ينظرون إلى الجزائر أنها منطقة باهضة التأمين، أي أن منشأتهم و لحمايتها حسبهم تتطلب تأمينا كبيرا وهذا يكلف أموال كبيرة بالمقابل”، وهذه النظرة حسب طرطار بقيت لصيقة بالجزائر نتيجة السنوات الماضية التي عاشتها من اللاأمن.
والنقطة الثانية التي أشار إليها الخبير الاقتصادي هي أنه “يجب أولا القضاء عليها لتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الجزائر، مشكل عدم ثبات القوانين ما يجعل الاستثمار مخاطرة غير محمودة العواقب، إضافة إلى جانب البيروقراطية، والرشوة”، مؤكدا أنه “لا يمكن نجاح أي قانون في ظل هذه الممارسات”.
وبخصوص المساواة بين المستثمرين، قال طرطار إن “الجزائر ليس بها مستثمرين حقيقيين”، غير أنه قال في المقابل، إنه “يوجد عدد قليل من المستثمرين ليس لديهم أموال كافية لكن لديهم القدرة على الإبداع وتحقيق المشاريع الطموحة، ما يتطلب دعمهم وإزاحة المعيقات البيروقراطية أمامهم، والتعامل معهم بشفافية دون محسوبية”.
وشدد الخبير الإقتصادي ذاته على أن “قضية التمييز بين المستثمرين مرفوضة في اقتصاد السوق، فالمفروض أن يترك المستثمرون للتفاعل فيما بينهم، منتج مع منتج، صاحب مشروع مع صاحب مشروع مشابه، يتنافسون وفق قوانين السوق وفق ما يطلبه المستهلك”.
رزيقة. خ
الرئيسية / الاقتصاد / تناقشه الحكومة في الأيام القليلة القادمة:
هل ينجح قانون الاستثمار الجديد في إعادة الحيوية للإستثمار بالجزائر؟
هل ينجح قانون الاستثمار الجديد في إعادة الحيوية للإستثمار بالجزائر؟
تناقشه الحكومة في الأيام القليلة القادمة:
الوسومmain_post