الأحد , نوفمبر 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الثقافة / الكاتب والمخرج المسرحي دريس بن حديد لــ “الجزائر”: “نملك أقلاما نقدية محترمة وتوزيع المهرجانات الثقافية على الولايات خطوة محمودة”

الكاتب والمخرج المسرحي دريس بن حديد لــ “الجزائر”: “نملك أقلاما نقدية محترمة وتوزيع المهرجانات الثقافية على الولايات خطوة محمودة”

 

أنا مع الاهتمام بمؤلفينا والاقتباس من أعمالنا في مجال المسرح

شدد الكاتب والمخرج المسرحي دريس على ضرورة الاهتمام بالمؤلفين الجزائريين والاقتباس من الأعمال الجزائرية لترجمتها على ركح المسرح، بدل الاعتماد على نصوص جاهزة، مؤكدا وجود أقلام نقدية محترمة تجيد النقد وفك ألغاز الأحاجي والدلالات والرمزيات التي يلجئ إليها مصمم العرض المسرحي، لافتا إلى بعض الأصوات التي تتقن “تصفية الحسابات” في نقدها للأعمال.

في سياق آخر، أشاد ذات المتحدث في حوار له مع جريدة “الجزائر”، بالإرادة السياسية التي أعادت النظر في تنظيم المهرجانات  الثقافية الفنية، بحيث أعطت كل الولايات نصيبها من تنظيم هذه التظاهرات، معتبرا أنها خطوة جيدة لمواكبة التطورات الراهنة للثقافة، خاصة في ظل الوضع الجيوسياسي الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بشتى المجالات، وخاصة الثقافة فهي قوة ناعمة، كما ثمن أيضا تنظيم المهرجان الثّقافي الوطني للمونولوج والفنون المسرحية الذي انعقد مؤخرا في ولاية تندوف معتبرا أنه بمثابة بارقة أمل للمسرح في الجنوب، معرجا على مهرجان ليالي الصحراء الذي انعقد في أدرار واعتبره إضافة للمشهد الثقافي والمسرحي الوطني والدولي ، كما تحدث عن جديده على غرار مسرحية “مانيا” التي عرضت مؤخرا في المسرح الوطني الجزائري  “محي الدين بشطارزي” وكذا رواية “ايكاروس”… فيما يلي نص الحوار:

 

انعقدت مؤخرا بولاية تندوف، ولأوّل مرّة فعاليات المهرجان الثّقافي الوطني للمونولوج والفنون المسرحية… كونك محافظ المهرجان، ماهو تقييمك للتّظاهرة؟

في الحقيقة كانت التظاهرة بمثابة بارقة أمل أحييت أمالنا كفاعلين مسرحيين لبعث الحركية المسرحية وأقصد هنا الأحداث الثقافية التي تستقطب الجمهور التندوفي الغفير الذي كان المؤشر الفعلي على نجاح التظاهرة وبالمناسبة هو جمهور نحسد عليه بحق، فبعد الحدث تهاطلت علينا العروض لاحتضان تظاهرات أخرى مشابهة للمهرجان الثقافي الوطني للمونولوج والفنون المسرحية، ومن هذا المنبر وجب علينا شكر وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي التي تفطنت لضرورة بعث من هذه النشاطات الثقافية.

هنا نشير على أن موقع تندوف الجغرافي، بحاجة إلى هكذا تظاهرات التي من شأنها أن تكون ثكنة ثقافية تحمي شبابنا من الكثير من الآفات الاجتماعية وتجعلهم ينفتحون على الثقافات المسرحية الأخرى وتخلق فيهم حب الفن عمومًا والمسرح بالخصوص خاصة عندما يرون ويلمسون نجاح المهرجان والصدى القوي الذي خلفه نجاح الطبعة بشهادة العديد من الوجوه الفنية والإعلامية وكذا الإقبال الكبير جدًا للجمهور كما ذكرت سلفاً، من جهة أخرى الطبعة شهدت عروضا فنية في المستوى، كما وقفنا على عديد الأخطاء التي من المؤكد أننا سوف نتفاداها من اجل استمرار المهرجان ونجاحه فنياً وتقنياً.

 

تمثل واحدا من أبناء الجنوب المبدع في مجال المسرح (كتابة وإخراجا)… كيف ترى المسرح في الجنوب الجزائري، خاصة في ظلّ بروز مواهب كثيرة في المجال، وسن مؤخرا ليالي مسرح الصحراء الدّولية؟

المسرح في الجنوب زاخر بالمواهب وفي شتى المجالات ولطالما كان الجنوب ولادا سخيا   رغم الجغرافيا والظروف المناخية التي تجعلنا نبذل جهدا مضاعفا من أجل تحقيق الفعل المسرحي تمثيلًا وكتابةً وإخراجاً، أما عن سؤالك المتعلق بمهرجان ليالي الصحراء فأشدد على أنه إضافة للمشهد الثقافي والمسرحي الوطني والدولي لكن هناك بعض الملاحظات أتمنى من منظمو التظاهرة تجنبها في السنوات المقبلة، وهي عدم إقصاء الأسماء المسرحية الصحراوية، فعلى سبيل المثال تم تحييد المخرج والكاتب المسرحي الكبير الدكتور عبد القادر رواحي وهو ابن مدينة أدرار، وإقصاء جمعية النسور للمسرح وهي أول جمعية مسرحية في الجنوب رغم طلبها الانتساب للمهرجان، لذلك يجب على المنظمين الذين لطالما رافعو من أجل رفع الغبن عن المسرح والمسرحيون في الجنوب، أن لا يسقطوا في هذا الفخ.

 

بدا جليا اهتمام السّلطات العليا في البلاد ممثّلين بمسؤولي قطاع الثّقافة والفنون بمختلف ولايات الوطن، وذلك من خلال توزيع التّظاهرات على تنوعها على هذه الولايات… ماهي الرسالة التي تقولها بخصوص هذا الأمر؟

سؤال في غاية الأهمية فوجود الإرادة السياسية مهمة جدًا لمواكبة التطورات الراهنة للثقافة في ظل الوضع الجيوسياسي الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بشتى المجالات، وخاصة الثقافة فهي قوة ناعمة، من شأنها التأثير على الرأي العام بل وصناعته في كثير من الأحيان، كما نرى أن توزيع التظاهرة مهماً جداً ووجب الأخذ في الاعتبار الموقع الجغرافي والكثافة السكانية للمنطقة وكذا طبيعة المكون لهذا الوعاء الديموغرافي وهي أمور بالتأكيد لن تغيب عن ذهن القائمين على الثقافة في الجزائر الحبيبة.

 

بالحديث عن مسرحية “مانيا” التي كتبت نصّها وأخرجتها وعرضت على ركح “بشطارزي”… كيف ترى هذه التجربة؟

“مانيا” كانت ولاتزال من الأعمال الفنية التي بذلنا جهدًا في إنجازها بدءً بالكتابة التي آمل أنتي وفقت في نسج خيوطها وانتهاء بالعملية الإخراجية التي كانت منهكة كثيرا، باعتبار أنني كنت ممثلًا فيها، القيام بالإخراج والتمثيل في آن واحد أمر غير صحي بالنظر لتجربة “مانيا” غير أن هذا لا ينفي أنني أستمتع بالأمرين.

العمل من إنتاج مشترك بين المسرح الوطني الجزائري وجمعية النسور للمسرح وكان تتويجًا للتعاون المشترك بين الطرفين والذي يمتد لسنوات عديدة، كما ننوه أن توزيع العمل لا يزال مستمرًا.

 

هل أنت مع الأصوات التّي تنادي بالتّركيز على النّصوص الجزائرية من أجل ترجمتها على الرُّكح، وعدم التّهليل للاقتباسات خاصّة من النّصوص العالمية؟

أكيد فالكتاب الجزائريون لطالما أبانوا عن إبداعهم وإتقانهم لعناصر الكتابة المسرحية من أفكار تحملها الخشبة بكل أريحية، ذلك أننا في الجزائر ككل، أمة مسرح باقتدار ونجيد التحكم وخلق عناصره ومن تلك العناصر التأليف المسرحي، أما عن الاقتباس فأنا أثمنه حين يكون من روايات جزائرية ونحن نشهد في الآونة الأخيرة موجة اقتباس لروايات واسيني الأعرج مثلًا وقد شاهدت بعض العروض مثل: “رمادة 19″ لشوقي بوزيد و”نساء كازنوفا” لعلي جبارة وكانا عرضين جسدا خلطة حارة كان إحدى مكوناتها الاقتباس الجزائري لأعمال جزائرية.

 

ماذا تقول بخصوص النّقد المسرحي الجزائري؟

هناك أقلام محترمة تجيد النقد وتجيد فك ألغاز الأحاجي والدلالات والرمزيات التي يلجئ إليها مصمم العرض المسرحي، غير أن الملفت للانتباه أن بعض هذه الأقلام تنتهج سياسة تصفية الحسابات وبعضها الآخر، يحجم بعض العروض فيصغرها أو يعظمها أو يتفهها على حسب علاقته بمخرج العرض أو كاتب النص أو الجهة المنتجة له، بغض النظر على فحوى العرض ذاته، وهو أمر مقيت، المتضرر الأول جراء فعله والمضي فيه هو المسرح بالدرجة الأولى.

 

صدرت لك حديثا، وعن دار “خيال للنّشر” رواية موسومة “إيكاروس”، ماهي دلالة العنوان وهو كلمة يونانية وعلاقته مع أحداث الرّواية؟

“إيكاروس” أسطورة من الميثولوجيا اليونانية، تحكي الأسطورة اليونانية قصة إيكاروس الذي كان محتجزا وأباه في متاهة جزيرة ” كريت” عقابا لهما من “مينوس” ملك الجزيرة، و للهروب من عقاب مينوس استعان الاثنان بأجنحة ثبّتاها على ظهريهما بالشمع، أثناء هروبهما من المتاهة، حلّق الابن إيكاروس قريبا من الشمس، متجاهلا نصيحة والده دايدالوس فهوى صريعا بعد أن أذابت أشعة الشمس الشمع المثبّت لجناحيه.

هي أسطورة تبدو فيها الشمس الخطر المحدق بنا، هي الأسى والحزن والألم الذي يخلفه الحب، وكيف أننا ورغم إدراكنا للمخاطر الكامنة وراء علاقة فاشلة؛ يكوينا الصديق بنار الخداع ثم نصر على إنشاء علاقة جديدة، ثم يكوينا الحب فنقع فيه مجددا ليبدو ذلك الإصرار تنديدا بالنصائح التي تٌخلفها التجارب الفاشلة رغم رؤية العقل لنتيجتها بوضوح عبر سيمائيات مختلفة تؤكد اليقين وسط الضياع وانعدام الثقة. الموت والحرية وهزائم الاغتراب النفسي ….ذلك ما إجتمع في رواية ايكاروس من خلال أبطالها الذين عاشوا الماضي بكل الألم وشككون في الحاضر ويجهلون المستقبل.

 

وماذا عن أحداث الرواية؟

رواية “ايكاروس” تندرج ضمن أدب “كورونا” وتحكي قصة طبيب شاب جزائري  من مدينة البُليدة هذا الطبيب الذي يسافر إلى إيطاليا بالضبط إلى مدينة ميلان بعد أن يستفيد من منحة دراسية لإكمال تخصصه الطبي وهناك يكون تحت إشراف طبيبة جميلة تدعى إيلينا فيقع في غرامها منذ اليوم الأول وبسبب شهامته تقع هي الأخرى في حبه رغم أنهما عانا الأمرين من قصص حب فاشلة بل ومأساوية ومما زاد الطين بلة وقوع ساندرا وهي طبيبة مقيمة في حب أكرم وتسعى جاهدة لجعله يقع في حبائلها لكن دون جدوى فهو متيم بالفاتنة إيلينا ، وفي خضم صراع هذا المثلث تظهر كورونا بكل جموحها لتفرق الحبيبين فهما من قارتين مختلفتين وتحتل المدينتين ميلان والبُليدة بكل الجنون الممكن لتعم رائحة الموت والفقد والفراق، الرواية تسلط الضوء على الجائحة في موجتها الأولى وكيف أن كل شئ قد تأثر بها حتى…. وقد تم إختيار العنوان والقصة ليتم إسقاطهما على قصة الطبيبين العاشقين وكيف أن الإنسان يرمي بنفسه إلى مهلكة الحب رغم تحذيرات القلب فإيلينا وأكرم ورغم سوابقهما المأساوية إلا أنهما وقعا في حب بعضهما، تماماً كما حدث لإيكاروس فعاشا و كلهم عزم على عدم تكرار الماضي عبر الوقوع مجددا في الحب ذلك العزم الذي يولد عظيما  في نفس الإنسان في الساعات الأولى التي تعقب الصدمات والخيبات في من أحببناهم ووثقنا فيهم يوما ما… فنقرر تغليف قلوبنا بهالة كثيفة  من الحيطة والحذر  لكن العزم عبد الذاكرة وإن كان عظيم المولد  قليل النفاذ فسرعان ما سيتلاشى ذلك العزم في عدم معاودة تسليم القلب للآخر لحظة العثور على من نعتقد للمرة الثانية أنه الآخر المناسب وأن قلبنا هذه المرة  في أيدي أمينة ومن يدري لعلها بداية النهاية لإلامنا أو أنها بداية لخيبة وجرح جديدين ،في الحقيقة ليس الحب وحده من يكون ميداناً لاختبار قدراتنا على تحمل الخيبات، هناك الصداقة أيضا بل وكل علاقة اجتماعية تكون الثقة والطيبة وقوداُ لها، ذلك بالضبط ما حدث لإيكاروس  فأسرف وهو في طريقه إلى الحرية  بالوثوق في جناحيه ونسي أن الشمس لها القدرة على إذابة الشمع المثبّت للجناحين، ليكلفه الاطمئنان وتناسي نصيحة والده دايدالوس الذي يلعب دور العقل الناصح لنا قبل التورط في الحب أو الصداقة او اللذان يقودنا نحوهما القلب دون الرجوع إلى العقل المُخزِن لعشرات الخيبات والذكريات السيئة. كلفه ذلك غالياً  والأمر نفسه انطبق على إيلينا عندما وثقت في خوان وانطبق ايضا على أكرم عندما وثق في حبيبته إيمان فأخذا أي خوان وإيمان دور الشمس في إذابة الثقة فيمن حولهما وكل من جاء بعدهما ولأن الحب كيمياء ولأن للنسيان قدرة عجيبة على محو الحزن ولأن العزم عبد الذاكرة وقع الاثنان في الحب مرة أخرى رغم تحذيرات القلب ورغم وجود كورونا وبناءها جداراً صلباً مفرقاً الحبيبين مثقلاً إياهما بهزائم الاغتراب النفسي.

 

صبرينة ك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super