بعثت التغييرات التي أتى بها التعديل الحكومي الأخير، برسائل مبهمة تؤشر على وجود صعوبات حقيقية تحول دون إيجاد السلطة العمومية لوصفة تقود بها القطاعات الحكومية الإستراتيجية، من بينها قطاعي الطاقة والمالية الذين أضحت الأضواء مسلطة عليهما أكثر منذ سنة 2014 التي شهدت تعرض أسعار النفط لهزة عنيفة أفقدت الجزائر جزءا كبيرا من مداخيلها.
استنزفت وزارة المالية منذ سنة 2014 أربع وزراء لم يعمروا أكثر من سنة على رأس القطاع وهم كل من محمد جلاب الذي تسلم مهامه في حكومة سلال الثالثة بتاريخ 5 ماي 2014 خلفا لسابقه كريم جودي الذي عمّر سبع سنوات بالقطاع، قبل أن يتركها بعد عام وتسعة أيام لعبد الرحمان بن خالفة الذي استلم حقيبة المالية اثر تعديل حكومي أجراه رئيس الجمهورية بتاريخ 14 ماي 2015 وهو بدوره أنهيت مهامه بعد عام وشهر تاركا شؤون الوزارة لحاجي بابا عمي بتاريخ 12 جوان 2016 غداة التعديل الوزاري الجزئي الذي أجراه رئيس الجمهورية، قبل أن يكون مصيره مصير سلفه حينما أنهيت مهامه بموجب التعديل الحكومي الأخير فاسحا المجال للمدير العام السابق للضرائب عبد الرحمان راوية.
وبالمقابل استنزفت وزارة الطاقة في حكومة سلال ثلاث وزراء هم يوسف يوسفي، صالح خبري، بوطرفة قبل أن يتم استخلافه برئيس مدير عام لشركة سونلغاز مصطفى قيطوني.
وتؤشر التغييرات التي طرأت على وزارة المالية في كل تغيير أجراه رئيس الجمهورية منذ العهدة الرابعة على أن الجزائر تعيش حالة من التخبط المالي والاقتصادي، ما نغص على صناع القرار إيجاد رجالات وكفاءات ميدانية يقودون هذه المرحلة التي خسرت فيها الخزينة ملايير الدولارات بعدما وصل فيها سعر النفط إلى مستويات متدنية.
و يتوسم متابعون للشأن الاقتصادي خيرا من وراء الاستعانة بعبد الرحمان راوية على رأس قطاع المالية وهو الذي كان يشتغل في ميدان الضرائب، وحجتهم في ذلك أن الحكومة تسعى لمحو وتجاوز الأخطاء السابقة التي وقع فيها بعض الوزراء ممن مروا على القطاع، في صورة بن خالفة الذي كانت له سقطات حالت دون أن تكون له بصمة في قطاعه من ضمنها دخوله في متاهة الإفتاء بشرعية القرض السندي الذي طرحته الحكومة والذي كانت تطمح من خلاله الحكومة استقطاب اكبر قدر من أموال الجزائريين.
ويجزم الخبير الاقتصادي كمال رزيق بوجود حالة من التيه بهرم السلطة في إيجاد الرجل الأنسب لقطاع المالية، وهو ما يفسر تعاقب أربع وزراء على القطاع دون أن تكون لمستهم واضحة، مشيرا في اتصال مع “الجزائر” ان كثرة التغييرات أضرت كثيرا بالقطاع لان الوزير لا يمكن أن يطبق برنامجه في ظرف سنة، معيبا في نفس الوقت بالاستنجاد بالمدير السابق للضرائب عبد الرحمان راوية الذي لم يستطع رفع نسبة التحصيل الضريبي إلى 20 في المائة، مشددا على أن تحديات كبيرة تنتظره من ضمنها ضرورة إصلاح المنظومة المصرفية والجمركية والبنكية.
عمر حمادي