وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، رسالة عشية إحياء اليوم الوطني للذاكرة المخلد لذكرى مجازر 8 ماي 1945، هذا نصها الكامل :
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
أيتها المواطنات، أيها المواطنون،
يحتفي الشعب الجزائري في الثامن من شهر ماي باليوم الوطني للذاكرة، المخلد لذكرى المجازر الشنيعة التي اقترفت في ذات اليوم من سنة 1945.
إن هذه الذكرى تندرج ضمن الأيام الوطنية الخالدة التي صنع فيها هذا الشعب العظيم أمجادا وملاحم تاريخية عظيمة ستظل متجذرة في وجدانه، لتذكي في نفوسنا النخوة وتقوي اللحمة الوطنية والروابط بالوطن وتزرع في ضمير الأمة الاعتزاز بروح النضال والمقاومة التي ترسخت لدى أبناء أرض الجزائر الزكية وعبر الأجيال المتعاقبة.
لقد أنجبت الجزائر على مر تاريخها العريق أجيالا من الوطنيين المقاومين والمناضلين تشهد على تعلقها بمثل الحرية والكرامة، وما يوم الثامن ماي 1945 الذي عملنا على تكريسه يوما وطنيا للذاكرة، إلا تعبيرا ساطعا قويا عن روح المقاومة الأصيلة في الأمة وتمسكها بتلك المثل النبيلة.
لقد ظل الوطنيون الأحرار من أبناء مدرسة الحركة الوطنية على مدى سنوات مريرة من النضال الوطني يهيئون لساعة الحسم التي دوت فيها حناجر الثائرين في سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن، في ذلك اليوم المشؤوم الذي كشف عن فظاعة وبشاعة المجازر المرعبة التي ارتكبها غلاة الاستعماريين، فكانت تلك الجريمة ضد الإنسانية منطلقا لتدويل القضية الجزائرية وطرحها في أروقة هيئة الأمم المتحدة .. إلى أن انبثقت من زخم النضال الوطني المستميت شرارة الكفاح المسلح في الفاتح من نوفمبر المجيد 1954.
إن الدولة، وفاء للتضحيات الجسيمة التي خاضها الشعب الجزائري بإباء وشرف، عازمة في جزائر جديدة سامقة وفية على أن تضع ملف التاريخ والذاكرة في المسار الذي نتمكن فيه من إضفاء كامل الشفافية والنزاهة والموضوعية، بعيدا عن أية مساومات أو تنازلات
وفي هذا السياق، فإننا نتطلع في المدى القريب إلى إحراز التقدم المأمول في هذا المسار، آخذين في الحسبان الأهمية التي يكتسيها العمل الموكول للجنة المشتركة من المؤرخين لمعالجة جميع القضايا بما في ذلك تلك المتعلقة باستعادة الأرشيف والممتلكات ورفات المقاومين والتجارب النووية والمفقودين.
وفي هذا الشأن، كنا قد أكدنا أكثر من مرة أننا ماضون بحزم في الدفاع عن حق الشعب الجزائري بتكثيف المساعي لمعالجة مسألة التاريخ والذاكرة بشجاعة وإنصاف وبإضفاء الوضوح الكامل على هذا الملف الحساس.
إننا ونحن نحتفي باليوم الوطني للذاكرة، وإذ نستعيد في هذه المناسبة بكل فخر التضحيات الجسام للشعب الجزائري، لمدعوون لنجعل من مثل هذه المناسبات ومن الأمجاد التي يحفظها التاريخ للأمة الجزائرية عبر المراحل والحقب إرثا وطنيا غاليا، يغرس في نفوس الأجيال المتعاقبة الوفاء للشهداء الأبرار الذين نترحم على أرواحهم الطاهرة ونتوجه بمناسبة الذكرى الثامنة والسبعين (78) لمجازر 08 ماي 1945، إلى إخوانهم المجاهدين أطال الله في أعمارهم بالتحية والتقدير.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار،
تحيا الجزائر حرة سيدة أبية،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.