يعرف حجم التعاون الإقتصادي بين الجزائر وقطر الذي تجسده الإستثمارات القطرية نموا في السنتين الأخيرتين، لاسيما بعد الشراكات الإستراتيجية التي أطلقها البلدان في مجال الحديد والصلب ثم التوجه نحو ميادين أخرى، كالصناعات الكميائية والغذائية وإنجاز المنشآت الصحية، ما يؤكد أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين دخلت مرحلة الشراكة الإستراتيجية.
وتعد قطر أكبر دولة عربية مستثمرة في الجزائر بنسبة تزيد عن 74 في المئة من إجمالي الاستثمارات العربية، وتغطي قطاعات حيوية مهمة للبلدين مثل صناعة الصلب والإتصالات والتعاون في المجال الصحي.
فبعد الإستثمار الضخم الذي جمع البلدين في مجال هام وهو الحديد الصلب، من خلال الشركة الجزائرية-القطرية للصلب ببلارة والتي تجاوزت تكلفتها الاستثمارية 2 دولار، والتي تعد من أكبر وحدات الاختزال في العالم، كما يصنف المصنع واحدا من أضخم المجمعات الصناعية في الجزائر وأفريقيا، بطاقة إنتاجية تقدر بمليوني طن سنويا من منتجات الصلب النهائية ومن المقرر أن تصل في المرحلة القادمة 4 ملايين طن سونيا من منتجات الحديد وفقا للاتفاق المبرم بين الجزائر وقطر في عام 2022 لاستكمال المرحلة الثانية من توسعة مجمع “بلارة” للصلب، ويتوقع أن ينافس عالميا عند بلوغ معدل الإنتاج 5 ملايين طن سنويا، تأتي مشاريع هامة أخرى ستسجد في القريب العاجل، و أهمها انجاز مركب كميائي ومشروع مصنع الألبان.
مشروع مركب كميائي بالتعاون بين سوناطراك و”باور انترناشيونال هولدينغ” القطرية
بالنسبة لإنجاز المركب الكميائي، فيتعلق الأمر بمركب لإنتاج مادتي البيوتين والبوليبوتين، والذي ترغب الشركة القطرية “باور انترناشيونال هولدينغ” Power International Holding” إنجازه في الجزائر بالشراكة مع مجمع سوناطراك.
وقد كان وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، قد استقبل الخميس الماضي، سفير قطر لدى الجزائر، عبد العزيـز علـي النعمه، وأكد استعداد شركة سوناطراك للعمل مع الشركة القطرية Power International Holding من أجل انجاز مركب إنتاج مادتي البيوتين والبوليبوتين والذي يندرج ضمن الإستراتيجية الوطنية لتطوير الصناعات التحويلية، وتثمين موارد الجزائر من المحروقات، من أجل المساهمة الفعالة لهذا القطاع في عملية تنويع الاقتصاد الوطني وخلق القيمة المضافة ومناصب الشغل.
وأكد الوزير أن “هذا المشروع يمكن تصوره في إطار مشروع متكامل يشمل كذلك الاستثمار في البحث واستغلال احتياطات جديدة يمكنها أن تساهم في تزويد هذا المشروع بالغاز”.
وتم الاتفاق على تنظيم زيارة إلى الجزائر، خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2023، لفائدة وفد من الشركة القطرية من أجل تعميق المحادثات مع شركة سوناطراك بهذا الخصوص.
أما السفير القطري فقد أكد استعداد واهتمام الشركات القطرية بالاستثمار في الجزائر، في إطار قانون المحروقات الجديد وإنجاز مشاريع كبرى في مجال البحث والاستكشاف والصناعات التحويلية والبتروكيماويات.
مشروع الألبان بالجلفة.. خبرة قطرية في خدمة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان في الجزائر
وفي إطار التعاون الاقتصادي الجزائري-القطري، يعد المشروع الخاص بالألبان بولاية الجلفة، والذي سيتم تجسيده بالشراكة مع شركة “بلدنا” القطرية المتخصصة في إنتاج الحليب في المستقبل القريب، من بين المشاريع الهامة ضمن هذا التعاون، وقد كان والي الجلفة، عمار علي بن ساعد، قد استقبل في 19 جوان الماضي، ممثلين عن شركة “بلدنا” القطرية، عرض فيه أهم المؤشرات والمقومات الاقتصادية والاجتماعية للولاية قصد الاستثمار بها.
وقد كان والي الجلفة قد صرح في مناسبة سابقة بأنه قد تم اختيار ولاية الجلفة لاحتضان هذا المشروع من بين 4 ولايات وذلك لتوفر الظروف الملائمة على مستواها، حيث تم عقد اجتماع في شهر مارس الماضي، مع لجنة الخبراء من أجل وضع اللمسات الأخيرة لهذا المشروع الذي ستنطلق به الأشغال قبل نهاية 2023 ويكون عملي في سنة 2024 بطاقة إنتاجية في البداية تقدر بـ 336 مليون لتر من الحليب سنويا، على أن تتضاعف الكمية مستقبلا.
مشروع المستشفى الجزائري القطري الألماني.. تعاون آخر لتعزيز الشراكة
ومن بين أهم المشاريع المشتركة بين البلدين، مشروع المستشفى الجزائري –القطري- الألماني، ب سيدي عبد الله بالعاصمة، و الذي اشرف من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رفقة أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إطلاق مشروع بناء المستشفى، في 1 نوفمبر 2022، على مساحة قدرها مائة ألف متر مربع.
وسيتكفل هذا الصرح الطبي الكبير بمعظم الحالات المرضية والعمليات الجراحة المستعصية التي تتطلّب تحويل المرضى للخارج، كما سيستقطب الكوادر الطبية الجزائرية التي تعمل بالخارج، وذلك للمساهمة في رفع مستوى الخدمات الطبية المقدّمة للمرضى وعائلاتهم، ضمن بيئة طبية نموذجية بمواصفات عالمية.
وتبلغ قدرة المستشفى الاستيعابية 400 سرير و20 غرفة عمليات حديثة، إضافة إلى خدمات الإسعاف والطوارئ، كما سيقدّم خدمات جراحية متنوّعة مثل الجراحة العامة، القلب المفتوح، أورام العظام والجراحات التجميلية، فضلا عن الجراحة الإشعاعية التجسيمية للأعصاب والدماغ، إلى جانب احتوائه على قسم متخصّص في طب الأطفال وبرامج زراعة الكبد ونخاع العظام والخلايا الجذعية والقلب والغدد الصماء، والجهاز الهضمي، ورعاية الأطفال حديثي الولادة.
الخبير الإقتصادي، مراد كواشي:
“العلاقات الإقتصادية بين الجزائر وقطر تعكس عمق العلاقات والتوافق في الرؤى”
قال الخبير الاقتصادي، مراد كواشي، إن “العلاقات الجزائرية-القطرية عرفت تطورا كبيرا خلال السنتين الماضيتين، خاصة من الجانب الاقتصادي، وهو نتيجة للتوافق السياسي الكبير بين قيادتي البلدين في أغلب القضايا العربية، الإقليمية والدولية”.
وأضاف كواشي في تصريح لـ”الجزائر” أن “هناك عدة مشاريع ضخمة أقيمت بين البلدين، كالشركة الجزائرية-القطرية للصلب ببلارة، إحياء قطاع السياحة في الجزائر من خلال استثمارات ضخمة لتحديث مركبات سياحية والفنادق في الجائر، إضافة إلى وجود تنسيق في مجال الطاقة، ومشاريع ستتجسد قريبا كمشروع المستشفى الجزائري-القطري الألماني”.
وأشار كواشي إلى المشروع المقبل بين البلدين في مجال الألبان الذي اختيرت ولاية الجلفة لاحتضانه، ووصفه بـ”المشروع الهام” والذي تعول عليه الجزائر كثيرا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير العملة الصعبة التي يتم تخصيصها لاستيراد كميات كبيرة من مسحوق الحليب سنويا.
واعتبر كواشي أن تجربة الشركة القطرية “بلدنا” في هذا المجال هي تجربة رائدة يمكن للجزائر الاستفادة منها، خاصة وأنه تم اختيار المكان المناسب لهذا المشروع وهو ولاية الجلفة التي تتميز بمساحات واسعة يمكنها من تربية الأبقار.
رزيقة. خ