ساهمت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي إلى القاهرة في التأكيد على الضوء الأخضر الذي منحته باريس للقيادة المصرية بخصوص دورها العسكري داخل ليبيا فيما تعلق بمكافحة الجماعات المتطرفة، في وقت تؤكد الجزائر على حل سياسي سلمي للأزمة.
أكد جون ايف لودريان، وزير الخارجية الفرنسي، خلال الزيارة الأخيرة التي أداها إلى القاهرة ” تضامن بلاده مع مصر في مكافحة الإرهاب “، مشيرا إلي أن فرنسا ” لن تسمح بنمو تنظيمات إرهابية في ليبيا تهدد أمن فرنسا ومصر “، وفهم من خلال هذه المواقف المعلنة من وزير الخارجية الفرنسي خاصة عند قوله إن الاعتداء على مصر هو اعتداء على فرنسا، أن باريس تمنح الضوء الأخضر للرئيس السيسي لمواصلة ” حربه ” على الجماعات المتطرفة في منطقة الشرق الليبي، وهي المنطقة التي تستحوذ عليها قوات عسكرية تابعة للحليف خليفة خفتر، وتؤسس فرنسا على توسيع التعاون مع مصر في عدد من المجالات كمكافحة الإرهاب، ما يترجم الشراكة التي أصبحت تجمع الدولتين في أزمة ليبيا بالخصوص دعم الماريشال حفتر وتقوي المحور المصري الإماراتي الفرنسي داخل ليبيا بالمقارنة مع المحور الجزائري التونسي الذي يستظل بمظلة الأمم المتحدة ولم يجد لحد الساعة توليفة تستطيع من خلالها دفع مختلف الأطراف في ليبيا للقبول بمسودة اتفاق حل نهائي شامل للازمة من دون إقصاء أي طرف على حساب آخر.
في ذات السياق، أبرز الدكتور عامر مصباح في مقال تحليلي له على أن التطورات الأخيرة في الأزمة الأمنية الليبية ” أكدت على بوادر بروز تطورات استراتيجية كبيرة قد تؤثر على الأمن القومي الجزائري في المستقبل بشكل حاد، والمحددة في إعلان الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون الانخراط الفرنسي النشط في الأزمة الليبية، وإعلان الأمم المتحدة بأن دولة الإمارات قد خرقت القرار الأممي الخاص بحظر السلاح على ليبيا وذلك عند قيامها بتزويد خليفة حفتر بأسلحة متطورة “؛ مؤكدا أن فرنسا طورت علاقاتها الأمنية مع مصر من أجل معالجة الأزمة الأمنية الليبية “.
حذر الدكتور عامر مصباح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3 في مساهمة تحليلية على موقع المجلة الجزائرية للدراسات السياسية والإستراتيجية بعنوان ” فكي كماشة الإستراتيجي وتحديات الأمن القومي الجزائري ” من كل هذه التطورات المهمة التي تعمل مجتمعة باتجاه تهميش الدور الجزائري الإقليمي وربما إلغائه تماما، إن نجحت الأطراف المذكورة سابقا في فرض مقاربتها الأمنية لحل الأزمة الأمنية الليبية “.
وأكد عامر مصباح أنه ” لا شك في أن الدور الفرنسي المهيمن في الأزمة الأمنية الليبية سوف يؤثر بشكل مأساوي على الدور الإقليمي للجزائر، وذلك عن طريق التحالف مع مصر ودولة الإمارات في دعم خليفة حفتر، للسيطرة على العاصمة طرابلس والقضاء على خصومه؛ مما يعني بطريقة أخرى إنهاء دور حلفاء أو على الأقل أصدقاء الجزائر في طرابلس، خاصة وأن البعض منهم أصبحوا مصنفّين من قبل مصر والإمارات كجماعات أو شخصيات إرهابية، وهم الذين استضافتهم الجزائر في دورات مختلفة للحوار من أجل خلق التوازن مع محور الصخيرات “، مضيفا في السياق ذاته أن ” التحالف المصري-الإماراتي يشكل تهديدا جديا للأمن القومي الجزائري، عن طريق زيادة نفوذ دور الإمارات المهيمن في مستقبل ليبيا، وهي الدول الخليجية التي تتبنى مقاربة إقليمية خطيرة قائمة على التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول، تحت عنوان مكافحة الإسلام السياسي “. وأثبت بأن ” زيادة دور الإمارات يعني بطريقة أخرى فتح المجال واسعا أمام الدور المغربي في ليبيا؛ والضغط على الجزائر عن طريق المغرب من الغرب وحكومة حفتر من الشرق للانصياع إلى الإملاءات الإماراتية، كما تفعل مع قطر وغير قطر “. وشدد الأستاذ الجامعي عامر مصباح أن ” الأخطر في النفوذ المصري-الإماراتي، أنه يجري تحت غطاء المقاربة الفرنسية، والمعزز بواسطة دعم الرئيس الأمريكي ترامب للدور الإقليمي المصري الجديد “.
في المقابل حذر الدكتور عامر مصباح من أنه ” إذا لم يكن هناك مقاربة استراتيجية جزائرية مدعومة من قبل كل من روسيا وتركيا، سوف يصبح الأمن القومي الجزائري بين فكي كماشة مغربية-ليبية؛ والأسوأ من ذلك أن تعمل الحكومة الجديدة في ليبيا على إحياء مقاربة القذافي القديمة وهي دعم الطوارق في منطقة الصحراء الكبرى “.
إسلام كعبش
الرئيسية / الحدث / بعد مساندة فرنسا للتدخل المصري:
الجزائر مطالبة بانتهاج مقاربة جديدة للأزمة الليبية
الجزائر مطالبة بانتهاج مقاربة جديدة للأزمة الليبية