شدّد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، أمس الأربعاء، على أنّ “غض الطرف عن إبادة الفلسطينيين في غزة لا يخدم أمن المنطقة”.
في الكلمة الختامية لأشغال الدورة العشرين لاجتماع وزراء خارجية إفريقيا – دول شمال أوروبا، التي احتضنها المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، أبرز عطاف أن “الجميع متمسك بالعمل الدولي متعدد الأطراف، وبالنظام الدولي القائم على قواعد واضحة ومنصفة تحتكم إليها جميع الأمم على قدم المساواة، كدول ذات صوت مسموع و أمن مضمون وسيادة مصانة ومصالح محترمة”.
ومن هذا المنطلق، اعتبر وزير الخارجية أنّه مما لا شك فيه أن “عالمنا اليوم، أحوج ما يكون لإعلاء هذه القيم، ونحن نشهد عودة مظاهر الاحتكام لمنطق (توازن القوى) ومنطق (الأقلية الساحقة على حساب الأغلبية المسحوقة) ومنطق (الكيل بمكيالين) في التعامل حتى مع أبشع الجرائم التي ترتكب بحق شعب بأكمله، على شاكلة المجزرة التي لحقت بأهلنا في غزة (الثلاثاء) وسط صمت دولي رهيب”.
وتابع قائلاً: “وكأنّ لسان حال المجتمع الدولي يقول: سكوت، هناك شعب يقتل! سكوت، هناك شعب يدمر! سكوت، هناك شعب يهجر! سكوت، هناك شعب تتم إبادته”، مضيفاً بالقول إنّ “هذا السكوت في وجه الفاجعة لا يطاق. هذا الشلل في كل المراجع والمعالم والضوابط القانونية الإنسانية التي تُخرق وتًداس، لا يُقبل”.
وشدّد عطاف على أنّ “غضّ الطرف عن الإبادة كاملة الأركان التي تدور رحاها في غزة لا يمكن البتة أن يخدم أمن المنطقة وإنهاء الاحتلال فيها وإحقاق الحقوق لصالح أصحابها الشرعيين”.
وعلى صعيد النتائج التي خلصت إليها الأشغال دائماً، فإنّ الأخيرة أكدت أنّ “التعاون الإفريقي – شمال أوروبي يجب أن يواصل نموه ليشكل نموذجا يحتذى به ضمن الإطار الأوسع للشراكة بين الشمال والجنوب، بدعمه لمبدأ الملكية الإفريقية، ومرافقته لتجسيد الأهداف والأولويات القارية”، يضيف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج.
وأوضح عطاف: “الأمر يكون في سياق الجهود المبذولة لإنجاز وتفعيل المشاريع الرائدة للأجندة الطموحة 2063، وبالخصوص منطقة التجارة الحرة القارية التي تعد بذاتها أداة متكاملة الأركان لتنمية إفريقيا، أو في سياق المساعي الرامية لضمان تكفل إفريقي بالمشاكل الإفريقية، عبر بلورة آليات تستجيب أكثر لمتطلبات الراهن القاري في مجالات حفظ السلم والأمن”.
أما آخر نتيجة خلصت إليها الأشغال، يقول عطاف، فأكدت أن التعاون والتنسيق بين دول إفريقيا – شمال أوروبا، عليه تجاوز عامل “الظرفية” وعدم الاقتصار على اجتماعات سنوية، مشددا على ضرورة أن “يمتد الأثر البناء والتأثير الإيجابي للعلاقة المتميزة التي تجمع بين دولنا إلى المحافل الدولية، وعلى رأسها المنظمة الأممية، أين يمكن أن نعمل سويا ككتلة متجانسة لإعادة الزخم المطلوب للمبادئ والأهداف المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة”.
بدوره، قال وزير خارجية الدنمارك والمتحدث باسم دول شمال أوروبا، لارس لوك راسموسن، في كلمته الختامية أن هذا الاجتماع الوزاري “حقق الأهداف المرجوة” وكان “ناجحاً”، مؤكدا أن المناقشات التي عرفها كانت “مثمرة”.
وجدد الوزير الدنماركي تأكيد “التزام بلدان الشمال الأوروبي بتقاسم التجارب والخبرات” مع إفريقيا، مرحّباً بـ “الثقة القائمة بين الجانبين والتي سمحت بإجراء مناقشات صريحة ومثمرة”، لكنه أعرب عن أسفه “كون معظم بلدان الشمال الأوروبي لا تملك معرفة معمقة عن إفريقيا، ويمكن أن يكون ذلك فجوة ويؤدي إلى ضياع الفرصة لنا جميعاً”.
وأعرب المتحدث باسم دول شمال أوروبا عن شكره للجزائر لاستضافتها هذه الدورة، معلناً أنّ الاجتماع المقبل سيكون في ماي 2024 بكوبنهاغن.
الجزائر ملتزمة بمواصلة العمل للدفع بأهداف السلم والأمن دولياً وإقليمياً
أكد عطاف، استعداد الجزائر والتزامها، تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية، بمواصلة العمل للدفع بأهداف السلم والأمن دولياً وإقليمياً.
وشدّد الوزير على استعداد الجزائر، “التي تتأهب لشغل مقعد غير دائم بمجلس الأمن، والتزامها، تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، بمواصلة العمل بالتنسيق معكم جميعا، للدفع بأهداف السلم والأمن دولياً وإقليمياً، ولتعزيز دعمنا الجماعي للقضايا العادلة، ولإسماع صوت الحكمة المرتكز على المبادئ والقيم التي تخدم البشرية جمعاء”.
وأوضح عطاف أنّ النقاشات الثرية التي تمت يومي الثلاثاء والأربعاء “أبانت عن حسٍ عال من المسؤولية، وعن اهتمام كبير بالمواضيع المطروحة، وعن تمسك أكبر بهذه الآلية الهامة التي تجمع دولنا وتوحد مساعينا، وترسخ التزامنا بالمبادئ والأهداف التي كرستها منظمة الأمم المتحدة”.
وذكر وزير الخارجية خمس خلاصات أساسية للنتائج التي تمخضت عن اجتماعات الدورة، تجلت الأولى في التأكيد على أن الأشغال “أكدت تمسك الجميع بها، وهي التي نجحت إلى حد كبير في تأطير حوارنا وفي توطيد علاقاتنا، وفي تنسيق مساعينا المشتركة خلال العقدين الماضيين”، لافتاً إلى القناعة التي تكوّنت بـ “أهمية اعتماد ترتيبات إجرائية تصون الذاكرة المؤسسية للجهود المشتركة، وتساهم في استدامة وفي تعزيز هذا الإطار التشاوري والتنسيقي”.
وتمثلت ثاني خلاصة -يقول- في تسليط الأشغال الضوء على “التحديات غير المسبوقة التي تشهدها الأوضاع العالمية والإقليمية في ظل منظومة أممية شبه مشلولة، وعلاقات دولية يسودها الاضطراب والاستقطاب، وواقع قاري مثقل بالأزمات المتراكمة والصراعات المتفاقمة، والتهديدات الإرهابية التي تعاني منها الدول والشعوب الإفريقية، لا سيما في منطقة الساحل الصحراوي”.
وفي السياق، لفت عطاف إلى أن المشاورات خلصت إلى ضرورة العمل من أجل تحويل التحديات المذكورة إلى فرص للتعاون والشراكة وتوظيف الطاقة الشبابية الهائلة في إفريقيا، بما يخدم الأهداف والتطلعات المشتركة في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة.
ق. و