يغامر المهاجرون الأفارقة من دول الساحل الافريقي في السفر إلى الجزائر وليبيا عبر الصحراء الكبرى التي تعد إحدى أكثر مناطق العالم خطورة ، على الرغم من تكثيف الجزائر لدوريات الجيش عبر المنافذ والحدود.
وتحصر أوربا جهودها في مكافحة الإرهاب دون المساعدة على تنمية هذه الأقاليم لوقف نزيف الهجرة.
كشفت المنظمة الدولية للهجرة، أول أمس وفق آخر استطلاع ميداني أجرته أن غالبية المهاجرين الأفارقة أكدوا عزمهم على السفر إلى الجزائر وليبيا، مهما كانت الصعاب ومن ثم الوصول إلى أوروبا، في حين فضل 37% منهم الذهاب إلى أوروبا، خاصة إسبانيا وإيطاليا .
وتتبعت المنظمة منذ جوان 2016، حركة المهاجرين ومعظمهم من بلدان جنوب الصحراء الكبرى وغرب أفريقيا على وجه الخصوص، الذين يقطعون مسافات طويلة وغالبًا ما يواجهون ظروفًا قاسية وينفقون مبالغ كبيرة من المال للوصول إلى وجهتهم النهائية.
وقالت المنظمة إن الغالبية من المسجلين في نقاط مراقبة التدفق بمالي لوحدها هم دون سن 18 عامًا، ويرافق بعضهم الأوصياء القانونيون الكبار، بينما يسافر الآخرون بمفردهم وهم من الأطفال غير المصحوبين بذويهم والمنفصلين عنهم.
وكان 86% من المهاجرين الذين تم تحديدهم في نقاط مراقبة التدفق من مواطني البلدان الخمسة التالية: غينيا ومالي وغامبيا والسنغال وكوت ديفوار.
كل المنافذ نحو الجزائر
ويغامر الأفارقة بحياتهم،عند ركوب قوافل التهجير مرورا بالصحراء الكبرى الرابطة بين مالي والنيجر إلى الجزائر وليبيا،ويعتبر الموت عطشا والتيه في الصحراء المترامية الأطراف أكثر مايخشاه هؤلاء الا أنهم لا يتوانون عن تكرار التجربة في كل مرة من اجل الوصول إلى ولايات الجزائر الكبرى كمرحلة أولى قبل ركوب قوارب الهجرة نحو اوربا.
وعلى الرغم من التضييق الذي اتخذته السلطات الجزائرية لتشديد الخناق على نشاط شبكات التهريب وتجار الهجرة غير الشرعية في مواقع مختلفة بولايات الجنوب، إلا أن معدل الهجرة لا يزال مرتفعا.
وتشير بيانات منفصلة لوزارة الدفاع إلى أنه منذ بداية العام الجاري تم القبض على نحو 500 مهرب جزائري من أصل نحو 1200 مهرب أفريقي، وتتوزع جنسيات المهربين، بين الليبيين والنيجريين والغينيين والتشاديين والماليين
واستخدم في العملية، التي أسفرت عن اعتقال عشرات المشتبه فيهم بممارسة التهريب، طائرات مروحية وطائرات استطلاع حديثة وقوات برية وجوية، كما شملت مسحًا جويًّا للشريط الصحراوي الحدودي مع ليبيا والنيجر ومالي .
وتعثر قوات الأمن دوريا على جثث لمهاجرين أفارقة قضو في الصحراء الكبرى وعلى المنافذ الحدودية بسبب العطش ولسعات الافاعي ،وعثرت قوات الأمن خلال آخر عملية تمشيط عن عدد من الجثث لأفارقة في حالة متقدمة من التعفن، ماتوا عطشًا لدى محاولتهم اختراق الحدود قادمين من الأراضي الليبية .
ولم تستبعد المعطيات الأولية أن يكون الضحايا قضوا نحبهم بسبب العطش، وذلك بعد تسللهم للتراب الجزائري .
وتخشى السلطات من استغلال الإرهابيين لقوافل المهاجرين الأفارقة لدخول البلاد، بناءً على معلومات أمنية تفيد عن تحركهم بوثائق مزورة .
وتشترك دول الساحل الافريقي جنوب الصحراء، في حدود مترامية الأطراف مع الجزائر.
وتمثل مالي والنيجر البؤرتان الاكثر توترا في دول الساحل بأكملها، وهي مناطق حدودية وعرة وصعبة المسالك ،جعلت بيئتها المعقدة مرتعا مساعدا للجماعات الإرهابية الناشطة بين حدود الدول المجاورة،وهو ما صعب عملية القضاء على هذه الجماعات من قبل الأجهزة النظامية لدولتي مالي والنيجر ،كما ساهم في إنعاش ظاهرة الهجرة الغير شرعية نحو الجزائر.
في انتظار الوعود
تنتظر ليبيا وتشاد والنيجر ومالي منذ اجتماع وزراء داخليتها في روما قبل أسابيع تنفيذ أوربا لوعودها، بمساعدة حكومات هذه الدول لتعزيز مراقبة حدودها البرية والبحرية، للحد من تدفق المهاجرين إلى السواحل الإيطالية كوجهة أولى نحو اوربا.
والتزمت إيطاليا بتقديم الدعم والتدريب لقوات حرس الحدود في ليبيا وتشاد والنيجر ومالي، بالإضافة إلى إقرار خطة لتنمية المناطق التي تشهد نشاطًا كثيفًا للهجرة غير الشرعية لبناء اقتصادات محلية بديلة عن نشاط التهريب.
واقترح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إقامة مراكز لتدقيق طلبات اللجوء في النيجر وتشاد، من أجل التعرُّف على المهاجرين الذين تتوافر فيهم صفة لاجئ وحمايتهم تحت إشراف الأمم المتحدة
وأبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، انفتاحًا على المقترح بتحديد حصص للمهاجرين القادمين من أفريقيا، بالاتفاق مع دول القارة.
وطالبت ميركل بتمييز من سمتهم باللاجئين الاقتصاديين عن أولئك الذين يحاولون الوصول إلى السواحل الأوروبية عبر ليبيا .
وتفضل اوربا الانشغال بالأمن عوضا عن التنمية في المنطقة، وتعتبرها قضية مفصلية لمنع وصول موجات نزوح اللاجئين الى أراضيها.
ولأول مرة أوقفت أمس الأول قوات عسكرية من “برخان” الفرنسية، مهربًا للبشر يصنَّف كأكبر مهربي المهاجرين غير الشرعيين إلى الجزائر ثم أوروبا، وذلك في عملية تم تنفيذها بمدينة كيدال شمال مالي
ونقلت مصادر إعلامية موريتانية بشمال مالي “إن قوات برخان، استخدمت العبوات الناسفة لكسر أبواب منزل المهرِّب، مما أدى إلى اشتعال النيران فيه وتعرض محتوياته للحرق “.
رفيقة معريش