تحيي الجزائر الأسبوع المقبل الذكرى الثالثة والستين لاندلاع الثورة التحريرية، هذه الذكرى التي تعيد معها مطلب العديد من الشخصيات الوطنية والسياسية، والمتعلقة باسترجاع رفات وجماجم شهداء الجزائر الأوائل المحفوظة بمتحف الإنسان بباريس والتي لم تسترجع كي تدفن بالجزائر إلى اليوم رغم تعهد وزير المجاهدين باسترجاعها وأكد أن وزارة الخارجية تحركت من أجل تسهيل سير العملية بين البلدين.
وبعد سنة من الوعود يبقى السؤال نفسه يطرح، هل عجزت السلطات الجزائرية عن استرجاع جماجم قادة الثورة أم أنها لم تتحرك؟
يبقى المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس يحتفظ إلى اليوم بعظام وجماجم عشرات الثوار الجزائريين الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، حيث تعود هذه الرفات التي في أغلبها إلى جماجم أصلية للشهداء محمد لمجد بن عبد المالك المعروف بإسم شريف ” بوبغلة” والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة (منطقة بسكرة في سنة 1849) وموسى الدرقاوي وسي مختار بن قديودر الطيطراوي وعيسى الحمادي وكذا القالب الكامل لرأس محمد بن علال بن مبارك الضابط والذراع الأيمن للأمير عبد القادر.
ورغم أن العديد من المسؤولين في السلطة أكدوا مباشرة الجزائر إجراءات استرجاع جماجم ورفات شهداء المقاومة الشعبية والتي تحتفظ بها فرنسا في مخزن متحف الانسان بباريس، وبادرت وزارة الشؤون الخارجية وسفارة الجزائر بباريس باتخاذ الإجراءات التي تتعلق بملف استرجاع جماجم ورفات شهداء المقاومة الشعبية، التي تعود لرموز قادة الثورة .
وفي تصريح سابق لوزير المجاهدين الطيب زيتوني، حول التدابير التي تنوي الوزارة المعنية اتخاذها لاسترجاع الجماجم، إن الملف قد أدرج ضمن الملفات موضوع المباحثات مع الطرف الفرنسي وتم التكفل به بالتنسيق مع مصالح وزارة الشؤون الخارجية وسفارة الجزائر بباريس التي باشرت اتخاذ الإجراءات المتصلة بالموضوع ، وأشار زيتوني في حينها إلى أنه تم تشكيل لجان مشتركة بين الطرفين الجزائري والفرنسي، بهدف الإسراع في استرجاع جماجم هؤلاء المقاومين الذين استشهدوا في بداية الحقبة الاستعمارية ، يأتي هذا التصريح ليبق مجرد كلام دون أن تتحرك أي جهة للتحقيق في سير العملية.
مدير متحف الإنسان:
“لا وجود لأي عائق قانوني لتسليمها”
وفي جوان الماضي، أبدى متحف الإنسان في باريس استعداده لدراسة إعادة 36 جمجمة تخص جزائريين استشهدوا في بداية الاستعمار الفرنسي للجزائر، يحتفظ بها منذ أكثر من قرن، و أكد مديره انه لا وجود لأي عائق قانوني لتسليمها وهو ينتظر فقط القرار السياسي الذي يصدر عن مسؤولي البلدين،ومنذ سنوات تم إطلاق عريضة بمبادرة من جمعية مشعل الشهيد، من أجل استعادة هذه الجماجم إلى البلاد بهدف دفنها بالشكل اللائق ، وأكدت الجمعية حينها أن هذه المبادرة تأتي في إطار الوفاء للشهداء واستكمال رسالتهم الخالدة،لكن لا جديد يذكر لتبق فرنسا البلدي التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان تضع رؤوس قطعها المستعمر ببشاعة ووحشية وفعل لا يقترفه إلا الإرهاب في متاحف لتقدم للزوار ، كشهادة لأقبح صورة عرفها تاريخ البشرية وعاشها الشعب الجزائري على يد المستدمر الفرنسي .
دافيد برونو:
“لم نتلق أي طلب من الجزائر لتسلّم رفات الشهداء المتواجدين بمتحف باريس”
هذا ومن جهته كشف مدير متحف التاريخ الطبيعي بباريس، دافيد برونو،سابقا أن السلطات الجزائرية لم تقدم أي طلب من أجل إسترجاع رفاة الشهداء الجزائريين المتواجدين على مستوى متحف الإنسان التابع لمتحف التاريخ الطبيعي بباريس، وذلك في رده على نائب برلماني فرنسي من أصول مغاربية أراد الاستفسار عن مسار القضية،حيث لم تتلقى السلطات الفرنسية أي طلب من أجل إسترجاع الرفات الخاصة بالشهداء الجزائريين المتواجدين بمتحف الإنسان بباريس.
بن خلاف:
“أين وصلت عملية استرجاع رفات الشهداء يا طيب زيتوني”
من جهته وجه النـائب عن الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، لخضـر بن خلاف الجزائر، سؤال كتابي لوزير المجاهدين حول قضية إسترجاع رفات شهداء الجزائر الأوائل المحفوظة بمتحف الإنسان بباريس.
وجاء في نساء السؤول”حيث وفي غياب مبادرة من السلطات الجزائرية للتكفل بإرجاع هذه الرفات منذ قرن من الزمن، صرح مدير المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس “ميشال غيرو” منذ مدة بأن إدارته مستعدة لدراسة أي طلب لتسلم جماجم الجزائريين المحفوظة بالمتحف وأنه لا وجود لأي عائق قانوني لتسليمها وهو ينتظر فقط القرار السياسي الذي يصدر عن مسؤولي البلدين،حيث أن استرجاع جماجم المقاومين هي قضية سياسية وقضية وطن وشعب وليست قضية عائلية تخص عائلاتهم لأن الأمر يتعلق بأبطال غير عاديين ومحاربين مشهود لهم بالشجاعة الكبيرة والاستماتة في محاربة المستعمر الفرنسي وقد قدموا أرواحهم فداءً للجزائر.”
وقال بن خلاف في سؤاله “كنّا نظن أن موافقة السلطات الجزائرية دون شرط على نقل رفات جندي فرنسي كان مدفونا بوهران نحو فرنسا لإعادة دفنه من طرف عائلته، إشارة قوية من أجل حل مشكلة إسترجاع جماجم شهدائنا في إطار تسوية معينة ولكن للأسف تبين بأن فرنسا حققت ما تريد دون إشتراط السلطات الجزائرية وإسترجاع رفات مقاوميها.”
وأكد بن خلاف أنه وحسب معلومات لديه ، فإن الطلب الرسمي الجزائري لاسترجاع الرفات لم يُوجه بعد إلى السلطات الفرنسية التي لا يمكنها أن تتحرك وتُخطر برلمانها كي يصادق على قانون ينص على أن جماجم المقاومين الجزائريين لا تدخل ضمن المصنفات الوطنية الفرنسية.
رزاقي جميلة