سيجد المترشحون للانتخابات المحلية أنفسهم أمام عراقيل وصعوبات جمة لإقناع المواطنين بالمشاركة في الانتخابات ،بعدما بينت الاستطلاعات الأولية عدم اهتمام شعبي بالحدث، ما ينذر بعزوف خطير عن الإقبال على صناديق الاقتراع، خاصة بعد اقتناع الجزائريين بعجز المنتخبين المحليين عن إحداث أي تغيير مستقبلا في ظل حالة التقشف.
انطلقت أمس الحملة الدعائية للانتخابات المحلية في المقرر إجراؤها في 23 نوفمبر القادم، في ظل أجواء تخيم عليها خيبة شعبية تجاه الطبقة السياسية ومخاوف من عزوف غير مسبوق،
بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد،وهو ما سينعكس سلبا على الاستحقاق الانتخابي المنتظر .
وخيمت أجواء من الفتور على اجتماعات ومقرات الأحزاب أثناء شروعها في الحملات الدعائية للحدث الانتخابي الذي تعتبره السلطة إحدى الرهانات التي تجس بها نبض الشارع الجزائري.
وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت خلال الحملة الانتخابية السابقة ،سباقا بين المترشحين ،فلم تعرف خلال هذه المرة نفس الوتيرة واكتفت الأحزاب بالدعوة للانتخابات والتعويل على صوت الشارع.
بينما ازدادت الأوضاع برودة في الشارع الجزائري الذي لا يبدو أنه يولي أي اهتمام لهذا الحدث الذي ترصد له السلطة ميزانية ضخمة لإنجاحه.
فعلى الرغم من أن الانتخابات سترتبط بمصالح المواطنين بشكل مباشر ،الا أن الشارع لايعتبرها ضمن اهتماماته.
وتجرى هذه الانتخابات في ظروف اقتصادية صعبة، إذ تعاني الخزينة العمومية من عجزكبير في الميزانية ،دفعت بالوزير الأول أحمد أويحيى إلى التصريح علناً بأنَّ حكومته ربَّما لن تستطيع دفْع رواتب الموظفين في مختلف القطاعات العمومية بداية من شهر نوفمبر المقبل، إن لم تتبنّ تعديل قانون النقد والقرض، الذي تعارضه عدَّة أحزاب سياسية لما قد يكون له من انعكاسات سلبية على تماسُك الجبهة الاجتماعية للبلاد ـبفعل التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين .
ويخشى المرشحون للانتخابات من عقاب شعبي أخر للحدث الانتخابي، خاصة بعد أن تبين أن العزوف قد انتقلت عدواه من صناديق الاقتراع ليشمل حتى ملصقات الحملة الانتخابية.
وشهد شاهد من أهلها
لم تعد قوائم الترشّح في الانتخابات المحليّة التي كانت تُباع في الماضي “بالملايير”، تحظى بنفس المكانة في قلوب “صائدي الكنوز” من الأميار. فالظاهر هذه المرة أنَّ جفاف خزينة الدولة والذي سينعكس سلباً على تقليص حجم الميزانية المالية المُخصّصة للولايات والبلديات،قد أدّى إلى صرْف النظرعنها .
ويتوقع ناشطون حقوقيون وسياسيون من المعارضة أن الهوة ستتعمق بين الطرفين في الاستحقاق القادم، خاصة بعد دخول البلاد في ضائقة مالية بسبب الشح النفطي منذ سنة 2014.
وتهاوت القدرات الشرائية للطبقة الوسطى، وتوسعت دائرة الفقر وسط شرائح كبيرة من الجزائريين بسبب تداعيات الأزمة التي تراهن الحكومة على الخروج منها في غضون 5 سنوات.
وهو ما سيجعل الكثير من البلديات في الجزائر غير قادرة على توفير السيولة المالية الكافية لتمويل مشاريع التنمية المحلية، مما يضع المُنتخبين المحلّيين الفائزين بالمقاعد القادمة في أوضاع لا يحسدون عليها أمام أعداد من المواطنين الغاضبين .
وهذا ما يُفسّر تراجع السباق عن الترشّح على قوائم مختلف الأحزاب، سواءً تلك المحسوبة على السّلطة أو المُعارِضة ،بسبب تضائل فرص الحصول على عائدات الريع النفطي والمنافع.
بعد دخول البلاد بأكملها في ضائقة مالية خانقة، قضت على كل الفرص في خدمة مصالحهم وعقْد الصفقات المشبوهة.
وكشف سابقا رئيس حركة مجتمع السلم عبد المجيد مناصرة إن “العزوف الانتخابي قد أخذ أبعادا خطيرة” بعدما انتقل من مقاطعة صناديق الاقتراع إلى مقاطعة لوائح الترشح .
ويفسر تصريح مناصرة الصعوبات الفعلية التي يواجهها المترشحون والأحزاب السياسية في إقناع الجمهور من المواطنين بجدوى هذه الانتخابات .
وكانت رئيسة حزب العمال لويزة حنون، قد حذرت من تفاقم ظاهرة المقاطعة الشعبية للانتخابات المقبلة.
و أشارت المتحدثة إلى عزوف يفوق ما تم تسجيله في الانتخابات التشريعية التي جرت في مايى الماضي، إذ قدرت أن تكون نسبة المقاطعة في الاستحقاق القادم بنحو 80 بالمائة.
وتوقعت حنون أن العزوف سيكون صدمة للسلطة وستقدر حينها كبر الهوة بين الشعب والسلطة.
ووجه سياسيون وناشطون آخرون أصابع الاتهام للسلطة بأنها قد تعمدت إفراغ الساحة الانتخابية لفائدة أحزاب الموالاة.
رفيقة معريش