• فرنسا في قلب الأحداث بين السعودية وإيران في لبنان
تلعب فرنسا دورا دبلوماسيا كبيرا في الأزمة الحاصلة في لبنان إثر الإستقالة المفاجئة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري انطلاقا من العاصمة السعودية الرياض، وعبر قناة سعودية دولية، بداية الشهر الحالي، ويعتبر الكثير من المراقبين أن وصول الحريري إلى باريس هو نتيجة تنسيق فرنسي سعودي قاده الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإيجاد مخرج مما وصف بقضية “احتجاز” الحريري في المملكة.
وصل رئيس الحكومة اللبناني المستقيل سعد الحريري صباح أمس، إلى باريس قادما من السعودية حيث أثار إعلانه الاستقالة المفاجئ هناك قبل أسبوعين حسب وكالة الأنباء الفرنسية ” اتهامات باحتجازه ضد إرادته في هذا البلد “، وأتى الحريري إلى باريس بدعوة من الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يحاول التوصل إلى حل للازمة التي أثارت مخاوف حول استقرار الوضع في لبنان. وقال مصدر مقرب من الحريري لوكالة ” فرانس برس ” أن ” نجليه الأصغرين لولوة وعبد العزيز المولودين تباعا في 2001 و2005 لا يزالان في الرياض لإنهاء امتحاناتهما المدرسية “، وتابع المصدر أن ” الحريري لا يريد الزجّ بأبنائه في هذه القضية “. وانتقل الحريري على متن موكب من سبع سيارات وتحت حراسة أمنية مشددة إلى مقر سكنه في العاصمة الباريسية.
قبل ذلك، كان الحريري كتب في تغريدة على التويتر أنه ” في طريقه إلى المطار” لمغادرة الرياض التي يتواجد فيها منذ الرابع من نوفمبر تاريخ تقديم استقالته. وكتب الحريري ” القول انني محتجز في السعودية وإنني ممنوع من مغادرة البلاد هو كذبة. أنا بطريقي الى المطار “. وكان مصدر مقرب منه قال قبلها أن الحريري أجرى اجتماعا ممتازا مع ولي العهد السعودي” قبل مغادرته السعودية “.
وفي ذات السياق أقام الرئيس الفرنسي مأدبة غداء للحريري وأسرته في الإليزيه، بعدما أكد ماكرون، مساء الجمعة، أنه ” سيستقبل الحريري بصفته رئيسا للوزراء ” رغم إعلانه استقالته لأنها لم تقبل بعد في لبنان. وكان ماكرون دعا الحريري وأسرته بعد تصاعد التكهنات بشأن وضعه في السعودية. ووصل الحريري فجر أمس، إلى باريس قادما من السعودية. وظهر الحريري في قصر الإليزيه برفقة زوجته لارا بشير العظم وحسام الدين، أحد أبنائه الثلاثة. وعقد ماكرون اجتماعا ثنائيا مع الحريري قبل أن تنضم زوجته بريجيت ماكرون وأسرة الحريري إلى مأدبة الغداء.
واتصل الحريري بعد وصوله إلى باريس بالرئيس اللبناني ميشال عون. وأفاد بيان صادر من الرئاسة اللبنانية بأن الحريري ” أبلغ عون أنه سيعود إلى لبنان للمشاركة في الاحتفال بعيد الاستقلال والعرض العسكري الذي سيقام للمناسبة، الأربعاء المقبل “.
وكان الحريري أعلن استقالته بشكل مفاجئ عبر تلفزيون قناة “العربية” السعودية من الرياض في 4 تشرين نوفمبر الحالي. وظل في السعودية منذ ذلك الحين وتحدث عن مخاوف أمنية وهاجم في خطابه كلا من إيران وحزب الله اللبناني. لكن بقاء الحريري طيلة تلك الفترة في السعودية أثار اتهامات باحتجازه بما في ذلك من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون الذي رفض قبول استقالة الحريري. وتلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصل الرئيس سعد الحريري وعقيلته السيدة لارا صباح أمس، إلى باريس آتيا من الرياض، حيث استقبله الرئيس ماكرون ظهرا في قصر الإليزيه ثم أقام مأدبة غداء على شرفه في حضور زوجته لارا ونجله البكر حسام. وتأتي استقالة سعد الحريري وسط تصاعد التوتر الإقليمي في المنطقة بين إيران والسعودية التي تجري تعديلات كبيرة في الهيكلية السياسية للمملكة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
فرنسا.. دور الإطفائي في لبنان
في ذات الإتجاه اعتبر قطاع واسع من الإعلام الفرنسي المسموع والمكتوب أن مجيء رئيس الحكومة اللبناني المستقيل من منصبه سعد الحريري إلى باريس بعد طلب الرئيس ماكرون خلال زيارته المفاجئة إلى الرياض هو بمثابة ” نصر دبلوماسي فرنسي “، وهناك من قدر الأمور بالقول أن هناك ” عودة قوية للدبلوماسية الفرنسية ” في المنطقة في ظل تراجع الدور الأمريكي في الشرق الأوسط تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب ما دفع الرئيس ماكرون لتقديم نفسه كـ ” وسيط ” في هذه الأزمة المشتعلة بين السعودية وعدوتها اللدودة إيران. وهناك من وصف دور الرئيس ماكرون بـ ” رجل الإطفاء ” الذي دخل على الخط دفاعا على مصالح فرنسا في لبنان وحماية لأوروبا خاصة أن أي عودة للعنف في لبنان سيكون لديه تأثير ليس فقط على الشرق الأوسط وإنما ستكون لديه حتى على القارة الأوروبية في وقت أن لبنان البلد الصغير لوحده يحصي مليون نازح من الحرب الأهلية الدائر رحاها في الجارة سوريا. أما من الجانب التاريخي ففرنسا تحافظ على دورها المتحكم في خيوط اللعبة السياسية اللبنانية منذ الثلاثينات من القرن المنقضي، من دون نسيان أن باريس تدخلت سنة 1991 لإنقاذ العماد ميشيل عون والمجيء به إلى فرنسا، على كل حال كما يقول جوزيف مايلا بروفسور العلاقات الدولية المختص في شؤون الشرق الأوسط أن ” تدخل ماكرون إنقاذ لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قام بهذا القرار المتعلق باستقالة الحريري “.
اتصالات متعددة مع أطراف سياسية في لبنان
أجرى رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري، أمس، من العاصمة الفرنسية باريس، سلسلة اتصالات هاتفية بكل من الرئيس اللبنانى العماد ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، واستعرض معهم الأوضاع العامة والتطورات في البلاد. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريرى فى بيروت، أن الحريرى ” تلقى اتصالا من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط “، كما اتصل رئيس تيار ” المرده ” اللبنانى النائب سليمان فرنجيه برئيس الحكومة سعد الحريري للاطمئنان عليه بعد وصوله إلى باريس، من جانب آخر أشار المكتب الإعلامي إلى أن الرئيس سعد الحريري وصل إلى قصر الإليزيه فى فرنسا، حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعقد الرئيس ماكرون والحريرى جلسة مباحثات ثنائية تناولت آخر المستجدات والأوضاع العامة.
إسلام كعبش