خلص وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الطارئ في القاهرة أمس، إلى إدانة تدخلات إيران في المنطقة والتهديدات التي تشكلها، عبر أذرعها وصواريخها، على الدول العربية.
الجزائر ورغم تمسكها بموقفها اتجاه القضايا العربية والدولية، كسرت مساء أول أمس حاجز الصمت، ونددت بتجاوزات إيران في المنطقة، كما أعربت عن شجبها لكل ما يمس وينتهك حرمة الدول، مشددة على ضرورة العمل من أجل اجتثاث آفة الإرهاب ومحاربته.
من جهة أخرى، تعرف العلاقات الجزائرية الإيرانية، توافقًا واضحًا في مواقف البلدين اتجاه كثير من الأحداث الدولية، خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما أرجعه بعض المحللين السياسيين الذين تحدثت إليهم ” الجزائر” إلى حجم الزيارات الرسمية المتبادلة بين الطرفين.
وعلى غرار التعاون المشترك في الملفات الاقتصادية بعد إبرام عدة اتفاقيات في هذا المجال، تتطابق وجهات نظر البلدين حول العديد من القضايا العربية الإقليمية والدولية، كالحرب في سوريا والحرب على اليمن ومحاولة تصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، وكذا القضية الفلسطينية وهذا ما يطرح عديد التساؤلات حول تقارب مواقف البلدين الذي يصل أحيانا إلى حد التطابق، فهل سيؤثر موقف الجزائر على مستقبل العلاقات مع إيران؟
لزهر ماروك
استبعد تدهور العلاقات الجزائرية – الايرانية
لطالما اتسمت السياسة الجزائرية بموقفها المحايد والمتبصر اتجاه القضايا العربية والدولية، حسبما ادلى به المحلل السياسي لزهر ماروك في تصريح لـ ” الجزائر “، ما جعل – حسبه- العديد من البلدان تلجأ اليها للعب دور الوساطة قصد ايجاد حل للمشكل، حيث أن الدبلوماسية الجزائرية قادرة على تحقيق المرجو منها، انطلاقًا من المصداقية التي تحظى بها لدى الدول خاصة منها دول الخليج، علاوةً على التزامها الحياد تجاه الأطراف المعنية مباشرة بالوضع.
ويعتقد المتحدث ان ثوابت الدبلوماسية الجزائرية وبينها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والالتزام بالحوار والتفاوض نهجًا لحل الخلافات.
اما فيما يخص مستقبل العلاقات، فقد استبعد المتحدث تدهور العلاقات الجزائرية- الايرانية، مؤكدا ان الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون واستهدف السعودية هو الحلقة الأخطر في سلسلة التجاوزات التي تقوم بها إيران في المنطقة، وليس أمام الجزائر أمام ذلك سوى أن تسمي الأشياء بمسمياتها.
إسماعيل معراف
تهديد أمن أي دولة عربية هو تهديد للأمن المشترك
شدد المحلل السياسي اسماعيل معراف أن تهديد أمن أي دولة عربية هو تهديد للأمن المشترك.
وأضاف المتحدث أن المنطقة لا تحتاج المزيد من الأزمات، مؤكدا أن الجزائر تريد علاقات إقليمية قائمة على التعاون واحترام الآخر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وقال ان استهداف عاصمة عربية بصواريخ باليسيتة من قبل مليشيا خارجة عن الشرعية ومدعومة إقليميا هو تهديد خطير لا يمكن التعامل معه كأمر عادي, مضيفا أن الصاروخ الذي أطلقته مليشيات الحوثي على منطقة مطار العاصمة بالمملكة العربية السعودية يوم 4 نوفمبر الجاري والذي نجحت قوات الدفاع الجوي السعودي في التصدي له هو مجرد الحلقة الأخطر في سلسلة طالت من التجاوزات والتدخلات في الشؤون الداخلية وممارسة التخريب ونشر الفتنة”, مشيرا إلى أن الصاروخ الذي استهدف الرياض, إيراني الصنع, وهو رسالة إيرانية واضحة في عدائيتها.
وأضاف المتحدث أن العلاقات الإيرانية الجزائرية شهدت في السنوات الاخيرة تناميا واضحا وهذا ما يؤكده حجم الزيارات الرسمية المتبادلة بين البلدين، حيث تسعى الجزائر إلى الاستفادة من عودة إيران إلى التعاملات الدولية والسوق الاقتصادية العالمية.
من جهة اخرى، اكد ذات المحلل السياسي ان الدبلوماسية الجزائرية معروفة بحنكتها وقوتها تجاه القضايا الدولية، كما أن أغلب المواقف التي اتخذتها في القضايا الدولية تم الرجوع والاحتكام لها في النهاية.
المحلل السياسي، بن شريط عبد الرحمان:
الدبلوماسية الجزائرية لا تتأثر بالتغيرات والصراعات
أكد المحلل السياسي، بن شريط عبد الرحمان، أن الدبلوماسية الجزائرية لا تتأثر بالتغيرات والصراعات الموجودة والحاصلة على الساحة الدولية، وهو ما جعلها ناجحة في حل القضايا والصراعات بين الدول، منوّها بموقفها الحيادي الذي يميزها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إضافة إلى كونها وفية للعديد من المبادئ والقضايا، إلى جانب احترامها لسيادة الدول.
وقال ان موقف الجزائر كان متوقعا، على اعتبار أن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول يشكل أحد أبرز مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية.
وبعيدا عن إدانتها للتدخلات الايرانية في الشؤون العربية، اكد المتحدث انه وتزامنا مع رفع العقوبات ضد طهران على خلفية ملفها النووي، تسعى الجزائر إلى استغلال عودة إيران إلى التعاملات الدولية من أجل تكثيف علاقاتها، اعتمادا على العلاقات السياسية الجيدة التي تجمع البلدين.
للاشارة فقد اكد وزير الخارجية السعودي, عادل الجبير, إن هناك لجنة رباعية تتمثل في “مصر والسعودية والإمارات والبحرين” لمتابعة تدخلات إيران في شؤون دول المنطقة, كما أن هناك تقارير تصدر وتوزع على الدول الأعضاء في الجماعة العربية في هذا الشأن, علاوة على التواصل مع المجتمع الدولي لتوضيح الأعمال الإرهابية والعدوانية التي تقوم بها إيران في المنطقة.
وقد تحفظ كل من لبنان والعراق على بعض فقرات قرار مجلس الجامعة العربية, الذي أصدره في ختام اجتماعه الطارئ, تحت عنوان التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وتعلقت الفقرات التي اعترض عليها لبنان والعراق, بتدخل إيران في الشئون الداخلية العربية, وتحميلها وحزب الله مسئولية دعم الإرهاب في الدول العربية.
نحو مخاطبة مجلس الأمن بالخروقات الإيرانية
من جهة أخرى، كلف مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه الطارئ لبحث التهديدات الإيرانية لدول المنطقة المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح الخروقات الإيرانية لقرار مجلس الأمن رقم 2231 فيما يتعلق بتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وماينطوي عليه من طبيعة هجومية تقوض الادعاءات الإيرانية حول طبيعته الدفاعية وما يمثله من تهديد داهم للأمن القومي العربي.
كما كلف المجلس, في قرار أصدره في ختام اجتماعه, المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح ما قامت به إيران من انتهاكات لقرار مجلس الأمن 2216 بتزويد الميليشات الإرهابية في اليمن بالأسلحة واعتبار إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية تجاه مدينة الرياض بمثابة عدوان من قبل إيران وتهديد للأمن والسلم القومي العربي والدولي وإبلاغه بضرورة قيام مجلس الأمن بمسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين .
وقرر المجلس الاستمرار في إدراج بند التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية على أجندة منتديات التعاون العربي مع الدول والتجمعات الدولية والإقليمية والطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية متابعة تنفيذ هذا القرار وتقديم تقرير حول الإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الشأن إلى الدورة المقبلة للمجلس.
وأدان المجلس بشدة, عملية إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية من قبل الميليشيات الموالية لإيران “الحوثي- صالح” والذي استهدف مدينة “الرياض” واعتبار ذلك عدوانا صارخا ضد المملكة العربية السعودية وتهديدا للأمن القومي العربي. وأكد المجلس على حق المملكة العربية السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومساندتها في الإجراءات التي تقرر اتخاذها ضد تلك الانتهاكات الإيرانية في إطار الشرعية الدولية وإدانة جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في مملكة البحرين وآخرها تفجير خط أنابيب النفط البحريني واعتباره عملا إرهابيا قامت به مجموعة مدعومة من إيران والحرس الثوري الإيراني.
إدانة التدخلات الإيرانية المستمرة في شؤون البحرين
واستنكر المجلس وأدان التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين من خلال مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية ومواصلة التصريحات على مختلف المستويات لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار وتأسيسها جماعات إرهابية بالمملكة ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي والذي يتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
ايران: بيان الجامعة العربية “لا قيمة له”
وقد أدانت وزارة الخارجية الإيرانية، امس الاثنين، اجتماع القاهرة، واصفة بيانه الختامي بعديم القيمة.
ونقل موقع “روسيا اليوم” ان البيان الذي صدر عن الوزارة، قال أن جزء أساسيا من الأزمات التي تعاني منها المنطقة ناتج عن السياسة السعودية العقيمة.
وأضاف البيان، أن حل هذه الأزمات لا يمكن عن طريق إصدار بيان لا قيمة له، إنما من خلال الكف عن إتباع سياسات الكيان الصهيوني.
نسرين محفوف