الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / مرور الذكرى الثانية لرحيله :
حسين آيت احمد.. 70 سنة من الكفاح من أجل الجزائر

مرور الذكرى الثانية لرحيله :
حسين آيت احمد.. 70 سنة من الكفاح من أجل الجزائر

مرت أمس، الذكرى الثانية لرحيل الزعيم التاريخي حسين آيت احمد، أحد قادة ثورة التحرير والنضال من أجل الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان بعد الاستقلال، تعود ذكرى رحيل دا الحسين لترسم على المشهد السياسي الوطني علامات استفهام حول ما تبقى من إرث الرجل وكفاحه من أجل بناء الدولة الوطنية والديمقراطية ؟ وكذلك مستقبل آثاره الفكرية في حزبه التاريخي جبهة القوى الإشتراكية الذي عانى في الآونة الأخيرة من عديد الهزات التنظيمية والتشكيك في خطه السياسي الذي رسمه الراحل.

القطيعة مع الشرعية التاريخية والثورية
انتقل قبل عامين بالضبط، أحد قادة الثورة التحريرية وأحد صناع النضال الديمقراطي بعد الاستقلال حسين آيت أحمد إلى جوار ربه بمدينة لوزان السويسرية عن عمر ناهز 89 سنة، رجل قضى 70 سنة (26 أوت 1926 – 23 ديسمبر 2015 ) في الكفاح من أجل الجزائر، جزائر حرة ومستقلة، جزائر ديموقراطية، ومتعددة.. وهو أحد قادة الحركة الوطنية من الرعيل الأول الذين آمنوا بكفاح الشعب الجزائري للتحرر الكامل والشامل من أغلال الإستعمار الفرنسي الغاشم، وأحد المخلصين للعمل السياسي والثوري المسلح منذ النقطة الصفر.. من حزب الشعب الذي التحق به وهو ابن السادسة عشر من العمر، إلى أن أصبح أحد صناع المنظمة الخاصة ” لوص ” وأحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني ” الأفالان ” وجيش التحرير الذي خاض الحرب إلى غاية الاستقلال الوطني، إضافة إلى لمسته السياسية وشبه العسكرية، كان آيت احمد دبلوماسيا محنكا في خدمة الثورة، ومثل الجزائر في مؤتمر باندونغ سنة 1955، وكان أحد الزعماء الخمسة في الطائرة المتوجهة من المغرب إلى تونس وهي التي قام الجيش الفرنسي بقنصها في السماء كأول عملية قرصنة جوية في التاريخ. وأحد القادة التسعة الذين فجروا ثورة أول نوفمبر 1954.
وكان آيت احمد أحد الذين رفضوا زعامة مصالي الحاج على حزب انتصار الحريات الديمقراطية، مصالي من الذين يمتلكون شرعية الوطنية الجزائرية قبل الثورة ولا أحد ينازعه فيها، وتأسيس آيت احمد للأفالان مع رفاقه الشباب الذين آمنوا بالعمل المسلح ضد الإستعمار غرة 1954، بعيدا عن الشرعيات التاريخية، التي وقف ضدها بعد الاستقلال مباشرة، مع تأسيس نظام الحزب الواحد. لكن قضية الشرعية التاريخية وقع فيها في حزبه ” الأفافاس ” ليومنا هذا ولم يستطع لحد الساعة التخلص من جلباب آيت احمد السياسي والنضالي، وبقي كالزعيم الذي تحوم حوله كل الإطارات داخل الحزب وتستمد منه الشرعية للبقاء على المنصة.
الاعتراف بالتعددية اللغوية والثقافية
تعلق الراحل حسين آيت احمد بالنضال من أجل التعدد الثقافي واللغوي منذ بداية نضاله في الحركة الوطنية، وكان أحد ضحايا الأزمة البربرية سنة 1949 في حزب الانتصار من أجل الحريات الديمقراطية، ثم واصل بعد الاستقلال متبنيا لنفس الأفكار المتعلقة بضرورة الاعتراف باللغة والهوية الأمازيغية في الجزائر، وكان يعتقد أن الاعتراف بهذه الهوية لن يتأتى إلا عبر نظام ديمقراطي يكفل الحريات والتعددية. ويقول يوغرطا آيت احمد نجل الراحل أن والده ” كانت تمثل الأمازيغية بالنسبة له بعدا متنوعا لا يقتصر فقط على الأمازيغ، لذلك كان يعتقد أن الأمازيغية تعني الانفتاح على العالم، وعلى كل الثقافات واللغات كالعربية والدارجة، وكل الديانات، وهي بذلك مفهوم متعدد وليس محتكرا “.

حسين آيت احمد وفكرة المصالحة
كما يقول المؤرخ رابح لونيسي كان الراحل آيت احمد ” يدعو دائما إلى المصالحة والحوار الوطني في كل أزمات الجزائر، ومنها أزمة التسعينيات، ثم طرح في المؤتمر الأخير لحزب “الأفافاس” فكرة “إعادة بناء الإجماع الوطني”، والذي يعني جمع كل الجزائريين من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي وتجسيد أهداف ثورتنا في دولة ديمقراطية واجتماعية التي لم تتحقق في 1962 حيث تكسر الإجماع الوطني بسبب الانقلاب على المؤسسات الشرعية للثورة “.
وكان بقاءه في سجون الاستعمار إلى غاية الاستقلال، لم يشكل عقبة في مساره النضالي فيما بعد، ومثل خروجه من السجن مع فجر الاستقلال محطة جديدة للرجل للتمرد على سلطة قائمة متشكلة تبنت خيار الحزب الواحد وفرضته على بلد بأكمله، رفض آيت احمد نزوع الرئيس الأول للجمهورية أحمد بن بلة إلى خياطة دستور أحادي، وكان من الداعيين إلى أولوية السياسي على العسكري، مبدأ كرسه الزعيم الراحل عبان رمضان مهندس مؤتمر الصومام، أرضية سياسية ظل يؤمن بها المرحوم آيت احمد إلى غاية آخر عمره، مما دفعه للقيام بتمرد مسلح سنة 1963 باسم حزبه ” الأفافاس ” تمرد فشل في الأخير وسقط ضحايا من أجله.. وانتهى آيت احمد محكوما عليه بالإعدام من طرف نظام زميله السابق في الكفاح الرئيس بن بلة. رغم النفي الإجباري والبعد عن الوطن، ظل آيت احمد مخلصا لأفكاره ولمبادئه السياسية القائمة على التحاور والنقاش لمواجهة أزمة شرعية الدولة في الجزائر. وتجلت فكرة المصالحة التي آمن بها منذ عودته إلى الجزائر بعد إقرار التعددية سنة 1989 وتميزت بمرحلتين هامتين، الأولى رفضه لتوقيف المسار الانتخابي في ديسمبر 1991 من طرف النواة الحديدية داخل السلطة بالرغم من فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية ساحقة في الإنتخابات التشريعية، ودعوته للحوار السياسي الوطني الشامل في ندوة ” سانت ايجيديو ” بروما للخروج من الأزمة الأمنية والسياسية منتصف التسعينات، حيث أمضى على العقد الوطني بروما مع أحزاب وشخصيات وطنية من مختلف التيارات السياسية أبرزها إسلامية، مع ” الفيس ” و” حمس ” والإصلاح الوطني، حيث كان آيت احمد مؤمنا ومقتنعا بضرورة الحل السياسي الداخلي للأزمة الأمنية العاصفة بالبلاد آنذاك، ورغم ذلك تعرض الراحل إلى هجوم حاد من طرف موالو السلطة في الجزائر في عهد الرئيس الأسبق اليامين زروال، ومؤخرا تحدث الزعيم اليساري الفرنسي جون لوك ميلونشون رئيس حزب ” فرنسا الأبية ” على علاقة تربطه بحسين آيت احمد، وهذا بالعودة لاتفاقية ” سانت ايجيديو ” بين أقطاب المعارضة الجزائرية، حيث اعترف أنه ” غاضب ” من رجل قال أنه ” يحترمه ومعجب به، وهو حسين آيت أحمد، شخصية ملتهبة في النضال البربري والنضال من أجل استقلال الجزائر “، مرجعا سبب غضبه منه بسبب ” الإتفاق الذي وقعه آيت احمد في روما مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ “.

النهاية السياسية والبيولوجية
بقي الراحل حسين آيت احمد يسير حزبه ” الأفافاس ” من سويسرا إلى غاية انسحابه من الحياة السياسية وقيادة الحزب في المؤتمر الخامس سنة 2013، في إعلان مفاجئ ولكن الحزب أبقى عليه رئيساً شرفيا. وفي رسالة الانسحاب، قال حسين آيت أحمد في خطاب بث بتقنية الفيديو مباشرة من سويسرا ” سأنسحب من رئاسة الحزب، وكان بودي وكان بوسعي أو ربما كان يجدر بي ولم أفعل ذلك من قبل، وتحدثت في هذا الأمر مع رفقاء وأصدقاء ولكن التاريخ يصنع نفسه في الوقت الذي نقدم فيه إسهامنا المتواضع “، معتبرا أن ” دورة الحياة ” هي التي منعته من مواصلة النشاط السياسي. وتوفي حسين آيت احمد في 23 ديسمبر 2015 ودفن بمسقط رأسه في عين الحمام بأعالي منطقة القبائل، رافضا أن يدفن في مربع الشهداء بمقبرة العالية، حيث يرقد رفاقه ورؤساء الجمهورية السابقين، وكانت جنازته وطنية وشعبية بامتياز، لم تشهد لها الجزائر مثيل، بعد جنازتي الرئيسين الراحلين هواري بومدين ومحمد بوضياف.
إسلام كعبش

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super