الثلاثاء , ديسمبر 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / رابح لونيسي أستاذ التاريخ بجامعة وهران لـ " الجزائر " :رابح لونيسي أستاذ التاريخ بجامعة وهران لـ " الجزائر " ::
” قيادة الأفافاس لم تنجح في استثمار إرث آيت احمد  “

رابح لونيسي أستاذ التاريخ بجامعة وهران لـ " الجزائر " :رابح لونيسي أستاذ التاريخ بجامعة وهران لـ " الجزائر " ::
” قيادة الأفافاس لم تنجح في استثمار إرث آيت احمد  “

مرت سنتين على رحيل الزعيم حسين آيت احمد، ماذا يشكل رحيله على الساحة الوطنية والأجيال المقبلة ؟ 
إن رحيل آيت أحمد -رحمه الله- معناه رحيل أحد الرموز الكبرى في تاريخ الجزائر، وهو يعد رحيلا لآخر الأباء المؤسسين للدولة الوطنية الجزائرية، فهو أحد التاريخيين التسع الذين أشعلوا فتيل الثورة في 1954، كما علينا أن نشير أيضا لما لم ينتبه إليه الكثيرون بأنه يعد أيضا الأب الروحي للجيش الوطني الشعبي بحكم أنه المؤسس الفعلي للمنظمة الخاصة إلى جانب محمد بلوزداد، فقد كان قائدا لأركانها، وتعد هذه المنظمة العسكرية هي النواة الأولى لجيشنا الوطني اليوم، ولم تندلع الثورة التحريرية إلا على يد أعضاء هذه المنظمة الخاصة العسكرية التي انبثق منها كل من جبهة وجيش التحرير الوطنيين، فآيت أحمد كان عسكريا منذ 1947 قبل أن يصبح سياسيا بحكم توليه وإدارته السياسة الخارجية للجزائر ضمن الوفد الخارجي، فكان له شرف إدخال الجزائر مصاف الدول الأفرو-آسيوية في مؤتمر باندونغ في 1955 أين تمكن من إقناع نهرو وسوكارنو بعدالة القضية الجزائرية آنذاك، دون أن ننسى دوره في هيئة الأمم المتحدة، فكل هذه التجربة الثرية نحتاجها اليوم للاستلهام منها كما نحتاج كلنا اليوم إلى تاريخ هذا الرجل وسيرته للاستلهام منها والتي كانت كلها  تضحيات منه خدمة لوطنه وأمته.
ماذا بقي من إرث وأفكار حسين آيت احمد التي حملها طوال مسيرته النضالية خاصة بعد الإستقلال ؟
أبرزت وفاة آيت أحمد منذ سنتين مدى التقدير والاحترام الذي يحظى به ضمن الشعب الجزائري رغم ما لحقه بعد استرجاع الإستقلال من طمس لدوره وتاريخه، إضافة إلى حملات تشويهه من الذين أخذوا السلطة في 1962، لكنه انتصر على كل هؤلاء في الأخير، وهو ما يظهر بجلاء أثناء جنازته الشعبية التي يمكن إعتبارها نوعا من إجماع الجزائريين على هذا الرمز، وكأنه أراد شعبنا إرسال رسالة إلى السلطة من خلال تلك الجنازة التي يمكن اعتبارها استفتاء شعبيا على ضرورة تحقيق أهداف نضاله، وهو إقامة الدولة الوطنية الديمقراطية والاجتماعية في الجزائر التي تعد الشق الثاني لثورتنا التحريرية الذي لم يتحقق بعد، لكن للأسف لم تفهم عناصر في السلطة هذه الرسالة الشعبية القوية للأسف الشديد.

هل تعامل حسين آيت احمد مع الأزمة السياسية للدولة الجزائرية بأفكار قابلة للتطبيق ؟ 
طبعا آيت احمد كان دائما واقعيا، وينطلق من الواقع الجزائري، فلم تكن أفكاره في الحقيقة إلا استمرارية لأفكار الحركة الوطنية الاستقلالية التي انخرط فيها، وهو شاب لا يتعدى16سنة، ثم ثورتنا التحريرية، فعندما ناضل من أجل إقامة مجلس تأسيسي، فهو ليس معناه كما يروج البعض العودة إلى 1962 ومحو كل ما تحقق، فهو في الحقيقة تصحيح خطأ إستراتيجي أضر بمستقبل الجزائر وشعبها فمعناه العودة لما لم ينجز على يد المجلس التأسيسي الأول المنتخب في 1962، والذي كان من المفروض أن يصيغ دستور الجزائر المستقلة كدستور معبر عن كل الأمة الجزائرية، أي بتعبير اليوم دستور توافقي، لكن تم وضع هذا الدستور خارج هذا المجلس المنتخب وبالضبط في سينما الماجستيك الأطلس اليوم على يد مجموعة لم ينتخبها الشعب وصاغت دستور في خدمتها هي فقط بدل خدمة كل الأمة، فهنا كان الانحراف الدستوري الأكبر في الجزائر، كما كان يدعو دائما إلى المصالحة والحوار الوطني في كل أزمات الجزائر، ومنها أزمة التسعينيات، ثم طرح في المؤتمر الأخير لحزب “الأفافاس” فكرة “إعادة بناء الإجماع الوطني”، والذي يعني جمع كل الجزائريين من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي وتجسيد أهداف ثورتنا في دولة ديمقراطية واجتماعية التي لم تتحقق في 1962 حيث تكسر الإجماع الوطني بسبب الانقلاب على المؤسسات الشرعية للثورة، وهو ما يجب إعادة بنائه اليوم، وقد طرح آيت أحمد هذه الفكرة في وقت كانت الجزائر مهددة بما سمي “الربيع العربي” الذي تحول إلى خريف ودمار، وقد كان آيت أحمد عارفا بأنها مؤامرة ومخطط دولي ضد مصلحة دولنا وشعوبنا، وهو ما ظهر بجلاء فيما بعد، وهو ما يثبت مدى بعد نظر هذا الرجل ذو الرؤية الثاقبة والبعيدة.
هل ” الأفافاس ” اليوم قادر على مواصلة نهج آيت احمد بالرغم من كل الانتقادات الموجهة لمسار الحزب السياسي ؟ 
أعتقد أن قيادة “الأفافاس” لم تتمكن أو تعرف الاستثمار في ذلك الإجماع الشعبي على الرجل أثناء جنازته للتعريف بأفكار الحزب الأصيلة التي وضعها الرجل، والتي لم تكن في حقيقتها إلا مبادئ ثورتنا التحريرية، ولو عرف كيفية استثمار ذلك كان بإمكان جلب شعبية أكبر له. أعتقد أن النضال من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية يحتاج إلى طليعة فكرية وسياسية قادرة على الإقناع وترويج هذه الأفكار في المجتمع بكتاباتها وخطابها، فمن الصعب اليوم إنتاج رجال أمثال آيت أحمد في القدرة الفكرية والأخلاقية والسياسية، قد كان آيت أحمد صاحب أفكار ومبادئ، ويرى أن النضال هو ترويجها ونشرها وتكريسها ونشرها في المجتمع، فالصراع في حقيقته هو صراع أفكار وينتصر القادر على الإقناع.
هل كان الراحل حسين آيت احمد يخيف السلطة من خلال الأفكار والمبادئ التي كان يصرح بها خاصة في السنوات الأخيرة ؟ وكيف يمكن تطبيق أفكار الراحل لمواجهة أزمة الشرعية اليوم ؟
طبعا أفكاره تخيف السلطة لدرجة أنها تختطفها، ثم تحرفها لتطبقها حسب مصالحها، هذا ما وقع مع المصالحة الوطنية، وهو ما تبحث عنه اليوم من خلال بعض الدعوات المشبوهة للإجماع الوطني دون أن ننسى فكرة المجلس التأسيسي التي لو طبقت معناه إعادة  بناء آليات وميكانيزمات جديدة على حساب الآليات القديمة التي وضعتها المجموعة التي أخذت السلطة في 1962 ووضعتها لخدمة مصالحها فقط، أما الآليات الجديدة التي ستنبثق إما عن مجلس تأسيسي أو إجماع وطني، فهي آليات ستكون في خدمة الأمة كلها دون أي إقصاء، وهنا يكمن لب الصراع، فعندما تصبح الدولة هي دولة الأمة كلها أي دولة لكل الجزائريين، وليس لمجموعة ستحل نهائيا مشكلة الشرعية وسيسود الاستقرار وستفرز النخب على أساس الكفاءة والأخلاق وليس على أساس الجهوية والولاءات وغيرها  كما كانت في الميكانيزمات والآليات التي وضعت في 1962.
حاوره: إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super