تشهد دول عدة، أوروبية وآسيوية، «تعبئة» أمنية واسعة لتأمين أعياد الميلاد تحسباً لهجمات قد يشنها متطرفون على المصلين أو دور العبادة أو المحتفلين بهذه المناسبة. لكنّ هذه الأجواء الأمنية لم تمنع بعض اللفتات، وعلى رأسها عودة «بيغ بن» الى الحياة لساعات قُرعت خلالها أجراسها إيذاناً بالاحتفالات.
فبعد أشهر من الصمت، قُرعت أمس أجراس ساعة «بيغ بن» لمناسبة الاحتفالات بالميلاد والعام الجديد. ويستأنف الناقوس الكبير دقاته حتى الواحدة مساء (12 بتوقيت غرينتش) من أول أيام العام الجديد، بعدما توقف عن العمل في 21 آب (أغسطس) الماضي. وستلتزم الساعة الصمت معظم فترات السنوات الأربع المقبلة بسبب أعمال ترميم البرج الذي شُيّد قبل 157 عاماً.
لكن أجواء الأعياد سيكدرها هذا العام اضطرار المسيحيين، بسبب هجمات استهدَفت كنائسَ، الى الاحتفال أمام عدسات كاميرات المراقبة الأمنية وتحت أنظار حراس مسلحين، وهؤلاء سينتشرون بعشرات الآلاف في مدن مثل باريس وبون.
ففي فرنسا، أعلنت وزارة الداخلية أنها تولي أولوية مطلقة لأمن الفرنسيين والسياح لمناسبة أعياد نهاية العام، محذرة من أن إجراءات استثنائية اتُخذت، وتشمل تعبئة حوالى مئة ألف عنصر أمني اليوم وغداً لحماية الأماكن الحساسة والأكثر ازدحاماً. فهذه الفترة من السنة تُعد بالغة الحساسية بالنسبة الى الأجهزة الأمنية نظراً لأن مؤشر التهديد الإرهابي مرتفع في البلاد، ويُلزم السلطات العمل لطمأنة المواطنين. وحسب وزارة الداخلية، فإن ٥٤ ألف شرطي، و٣٦ ألف عنصر من الجندرمة، و٧ آلاف جندي، أي ما مجموعه ٩٧ ألف عنصر أمني، سينتشرون في المناطق المختلفة، ما يفوق بحوالى ٦ آلاف عنصر عديد القوات التي تولّت حفظ الأمن العام الماضي.
وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي أُقر الخريف الماضي، يحق للقوات الأمنية إخلاء مواقع معينة وضرب طوق حول المنشآت السياحية والعامة اذا اقتضت الحاجة، علماً أن فرنسا تعيش منذ سنوات في ظل خطة «فيجيبيرات» الخاصة بمكافحة الأعمال الإرهابية، وتقضي خصوصا بالسهر على أمن محطات القطارات والمطارات والأسواق وأماكن العبادة. في هذا الإطار، عملت شبكات المتاجر الكبرى على الاستعانة بشركات خاصة تزودها عناصر حفظ الأمن تفتش حقائب الزبائن قبل دخولهم الى متاجرها.
وفي ألمانيا، استدعت الشرطة خبراء المتفجرات وإنساناً آلياً لفحص طرد مُريب عُثر عليه في سوق في مدينة بون في ساعة متقدمة ليل الجمعة – السبت. وقال ناطق إن الشرطة طوقت منطقة واسعة من السوق وأخلتها لفحص الطرد، علماً أن ألمانيا في حال تأهب قصوى بعد عام على قتل أنيس العامري التونسي 12 شخصاً عندما خطف حافلة واقتحم بها أحد أسواق عيد الميلاد المزدحمة في برلين.
وفي سان فرانسيسكو، اعتقل مكتب التحقيقات الفيديرالي «أف بي آي» أول من أمس عنصراً سابقاً في سلاح مشاة البحرية الأميركية (مارينز) أعلن انه من «قناصي النخبة»، وذلك بتهمة التخطيط لشن هجوم جهادي في مركز تسوق شهير في المدينة. وبحسب محضر التحقيق الذي ارسلته الشرطة الفدرالية الى المحكمة في كاليفورنيا، اعترف سائق الشاحنة إيفيريت آرون جيمسون (26 عاما) بأنه كان يعتزم استهداف «بير 39»، مركز التسوق والمعلم السياحي الشهير في المدينة الساحلية. وكشف مخططه لعميل متخفٍ من «أف بي آي» كان يظنه قيادياً كبيراً في تنظيم «داعش».
وفي أجواءَ يُلهبها إعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، اشتبك عشرات المتظاهرين الفلسطينيين، بعضهم يرتدي زي «بابا نويل»، وقوات أمن إسرائيلية في مدينة بيت لحم، عشية بداية الاحتفالات بالأعياد.
كما عززت دول عربية وإسلامية شهدت هجمات إرهابية، الإجراءات الأمنية حول الكنائس خصوصاً. ففي أندونيسيا، أكبر دولة إسلامية لجهة عدد السكان، أعلنت الشرطة أنها عززت تدابير الأمن حول الكنائس والمواقع السياحية. وفي مصر، أعلنت وزارة الداخلية إن الشرطة ستجري عمليات تمشيط منتظمة للشوارع المحيطة بالكنائس قبل احتفال الأقباط بالميلاد في السابع من الشهر المقبل.