الإثنين , ديسمبر 23 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / عن السياسة وتجاذباتها:
السياسة والمال .. من التنافر إلى التصالح

عن السياسة وتجاذباتها:
السياسة والمال .. من التنافر إلى التصالح

من القضايا التي ميزت المشهد العام لسنة 2017 تلك العلاقة التي صارت جدلية بين المال والسياسة. وهي الجدلية التي أثارها الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون من على منبر البرلمان مرة أخرى وهو يقدم برنامج حكومته عندما أعلن صراحة أنه لابد من الفصل بين المال والسياسة. وما ضنه الرأي العام أنه خطاب عابر مثل الخطابات العامة المؤثثة للمشهد تحول إلى خطوات عملية جريئة ومعلنة في مقر المعهد العالي للضمان الاجتماعي بعدما أشار الوزير الأول تبون إلى رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رجل الأعمال علي حداد أنه شخص غير مرغوب فيه لحضور حفل تسليم الجوائز للفائزين في امتحانات المعهد ودعاه للانصراف قبل أن يقتفي الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين أثره بالانصراف بدوره تضامنا مع “باترون الباترونا” لتبدأ حرب خنادق بين الوزير الأول رفقة ثلة من الوزراء الذين أبدوا مؤازرتهم لمواقفه من جهة وبين تحالف منظمات لأرباب العمل تتصدرها منظمة منتدى رؤساء المؤسسات إلى جانب الاتحاد العام للعمال الجزائريين ولم تطل الحرب طويلا حيث انتصرت رئاسة الجمهورية لتيار منظمات الباترونا والمركزية النقابية وانتهى النزال بسقوط تبون بالضربة القاضية ليخلفه أويحيى فاتحا عهدا جديدا من العلاقات بين السياسية والمال من خلال سياسة مالية جديدة.
في أول خطاب ألقاه أمام البرلمان، أعلن تبون عن عزمه محاربة المال السياسي، بعد هيمنته وتمدده في البرلمان والحياة السياسية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل صحبه إلغاء قرارات الحكومة السابقة ووقف منح المزارع والأراضي الزراعية للمستثمرين ورجال المال والأعمال بالدينار الرمزي، بالإضافة إلى إرسال إنذارات إلى رجال الأعمال الذين تحصلوا على قروض بنكية تدعوهم إلى تسوية وضعيتهم معها. كما أنذر شركاتهم المتأخرة في تنفيذ عدد من مشاريع البنية التحتية، ومنحهم مدة 60 يوماً قبل سحب المشاريع منهم. وخرج وزير الصناعة والمناجم محجوب بده ألى الناس بفكرة أن تركيب السيارات في الجزائر استيراد مقنع مهددا بإعادة النظر في دفتر الشروط الخاصة بصناعة السيارات في الجزائر. ولم يمنع ذلك سوفاك من تدشين مصنع له بغليزان رفقة وزير التجارة ممثلا عن الحكومة بدل وزير الصناعة.
وأعلن تبون القطيعة مع منتدى رؤساء المؤسسات فأثار حفيظة منظمات المال والأعمال، التي اجتمعت بصفة عاجلة وأصدرت بيانا نددت فيه بتصرفات الوزير الأول السابق وتصريحاته.
لكن الوزارة الأولى ردت سريعا على البيان، وجددت إصرار الحكومة على محاربة المال السياسي، بالاستناد إلى دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة “كمصدر وحيد للشرعية” لخطتها ومصادقة البرلمان على هذه الخطة.
التغيير الحكومي الموسّع الذي جرى بعد الانتخابات التشريعية في الجزائر فاجأ الأحزاب السياسية التي لم تكن تتوقع تعيين التكنوقراطي عبد المجيد تبون وزيراً أولا. وقد تبعته مفاجأة أخرى هي إنهاء رئيس الجمهورية لمهام تبون بعد شهرين ونصف من وصوله إلى الوزارة الأولى، بشكل سريع حال عودته من عطلة قضاها في فرنسا وتعيين احمد اويحيى خلفا له.

أويحيى يعيد رجال الأعمال إلى أحضان السلطة
يعمل أويحيى منذ تعيينه وزيرا أولا على توطيد علاقة الحكومة باتحادَ العمال وأرباب العمل، متجاوزا خلافا عميقا بينهم وبين سلفه عبد المجيد تبون فبعد أسبوعين من تعيينه بدأ الوزير الأول الجديد بإلغاء قرارات تبون، إذ حررت إدارة الجمارك بأمر من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتعليمة الوزير الأول كميات كبيرة من السلع حجزت بتوجيهات من الوزير الأول منذ بدء تطبيق نظام الحصص، ودعم حزب جبهة التحرير الوطني القرارات، مؤكدا أن لا كلام بعد تعليمات الرئيس.
كما ألغى أويحيى مرسوما تنفيذيا يتعلق بشرط موافقته على منح رخص الاستيراد والتصدير الخاصة بالمنتجات والبضائع وفق المرسوم التنفيذي الصادر في آخر عدد للجريدة الرسمية.
من جانب آخر، قام اويحيى بتغيير جذري في طريقة تعامل الحكومة مع القطاع الخاص، عن طريق فتح المجال للشراكة مع المؤسسات العامة الصغيرة والمتوسطة، ما يوطد علاقتها بشريكيها الرئيسيَين، اتحاد العمال من جهة، ومنظمات رجال الأعمال من جهة أخرى.
ووقع أويحيى عقدا اقتصاديا جديدا مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ومنتدى رؤساء المؤسسات، يضمن للقطاع الخاص الشراكة مع القطاع العام، ويستثني الاتفاق كبرى الشركات الاستراتيجية في مجال النفط والطيران والاتصالات لكنه يتيح فرص التعامل معها، ووقع كل من الحكومة ممثلة بالوزير الأول أحمد أويحيى، والاتحاد العام للعمال ممثلاً بالأمين العام عبد المجيد سيدي السعيد ورؤساء منظمات أرباب العمل، ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مقر اتحاد العمال بناء على طلبه.
وتعهد أويحيى بتسهيل عملية فتح رأس المال الخاص بالمؤسسات الصغيرة ضمن إطار القانون، معلنا أن الحكومة لن تقوم مستقبلا بتسيير الشركات العامة الصغيرة والمتوسطة.
واتضح منذ عودة أويحيى للوزارة الأولى أن الحكومة تسير في اتجاه استرضاء مؤسسات القطاع الخاص، حيث أفسح المجال أمامها للتعويض مقابل رفع الضرائب على المنتجات التي سيسمح باستيرادها، بالإضافة إلى تشجيع الشركات الخاصة في أي مسعى للمساهمة في تمويل وإنجاز وتسيير المشاريع العامة، إضافة إلى تشجيع كل مؤسسة اقتصادية قد تبدي اهتمامها لخدمات الـمرفق العام بالامتياز على المستوى المحلي.
وبرر هذا التوجه بتأكيد أن الدولة لن تضيع مزيدا من الوقت والمال في تسيير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعليها تركيز جهودها في دعم الملفات الكبرى الأكثر أهمية كترقية قطاعي الصحة والسكن.
نسرين محفوف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super