أعلن الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كايتا بصفة مباشرة أنه يدعوا إلى ” مصالحة وطنية ” في البلاد على الطريقة الجزائرية، بالعفو على مسلحين باستثناء ” الملطخة أيديهم بالدم ” على حد وصفه، وهذا لمواجهة الوضع الأمني غير مستقر في شمال مالي، وإعادة ترتيب الأوضاع بالعودة إلى اتفاق السلم والمصالحة الممضى في الجزائر سنة 2015.
أفاد الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا في خطاب نهاية العام، أن الحكومة المالية ستقترح قانون ” توافق وطني ” يعفي من الملاحقة القضائية كل ” أولئك الذين تورطوا في تمرد مسلح “، شرط ألا تكون أيديهم ملطخة بالدماء، في إشارة إلى الحركات الإرهابية، وأوضح الرئيس المالي أن مشروع القانون لا يشكل مكافأة للإفلات من العقاب ولا اعترافا بالضعف، ولا إنكارا لحقوق الضحايا، لافتا إلى أن دولا أخرى واجهت الظواهر نفسها ” تبنت مساراً مماثلا “، مشيرا بذلك إلى ما حصل في الجزائر المجاورة. وأوضح أن مشروع القانون ” يوفر إمكانية إعادة الإدماج لأولئك الذين تركوا أنفسهم ينجرون في التمرد المسلح، لكنهم لم يرتكبوا ما هو غير مقبول ويظهرون توبة صادقة وإذ اعتبر أن ليس هناك ” حلولا أمنية بحتة “، ودعا الماليين إلى إثبات موضوعيتهم. وقال كيتا إنه ” استلهم من ميثاق السلم والوحدة والمصالحة الوطنية الذي تسلمه في 20 جوان، بعد عامين بالضبط من توقيع المتمردين الطوارق في شمال البلاد اتفاق السلام ” الموقع بالجزائر العاصمة برعاية الأمم المتحدة. وأشار الرئيس إلى أنه من أجل تعزيز المصالحة الوطنية، هذا الميثاق يقترح تدابير استثنائية لوقف الملاحقة القضائية أو العفو عن بعض فرقاء التمرد المسلح عام 2012، وأضاف أن مشروع القانون حول التوافق الوطني الذي سيقدم في الأسابيع المقبلة ينص على أن يعفى من الملاحقات القضائية كل أولئك الذين تورطوا في تمرد مسلح، لكن أيديهم ليست ملطخة بالدماء. وأكد الرئيس كيتا أن مشروع القانون ” سيتضمن أيضا تدابير تهدئة، بعد تسريع الإجراءات القائمة والتعويضات الممنوحة للضحايا المعترف بهم، بالإضافة إلى برنامج إعادة إدماج لكل أولئك الذين سيسلمون أسلحتهم ويلتزمون علنا التخلي عن العنف “.
وتتجه إرادة الرئيس المالي إلى الإستلهام من قانون المصالحة المطبق في الجزائر سنة 2005، في وقت تشكيل حكومة جديدة في باماكو يقودها وزير الدفاع السابق سوميلو بوباي جايما، وعودة سلفه رئيس الجمهورية الأسبق أمادو توماني توريه (2002 – 2012) قبل أسبوع إلى مالي بعد خمس سنوات من الإقامة في المنفى بالسنغال. ويقرأ مراقبون في خضم هذه التغيرات الطارئة أن رئيس الدولة يستعد مع هذه الحكومة الجديدة للحملة الرئاسية ويسعى لإحكام سيطرته على الوضع في شمال مالي، حيث تتواصل هجمات المسلحين، في حين أن البعض يعتبر أن من مهام رئيس الحكومة الجديد مهمتين أساسيتين الأولى العمل على تطبيق اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر والذي يجمع الحركات الأزوادية المسلحة في شمال مالي والحكومة المركزية، وثانيا العمل على تحقيق الإستقرار في شمال البلاد، بالرغم من أن المنطقة تتولاها عسكريا قوات ” برخان ” العسكرية الفرنسية التي تقوم بمكافحة الإرهاب في المنطقة منذ 2013، تاريخ التدخل الفرنسي عسكريا. وتريد الرئاسة المالية العفو على المسلحين الذين لم ” تتلطخ ” أيديهم بالدماء، على نحو ما قامت به السلطات الجزائرية مع الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي أصدر قانون الوئام المدني سنة 1999 ثم قانون المصالحة الوطنية 2005 عبر استفتاء شعبي، الذي أنهى بموجبهما كابوس العشرية السوداء.
وتجدر الإشارة إلى أنه وقع شمال مالي في مارس وأفريل 2012 تحت سيطرة مجموعات إرهابية على صلة بتنظيم القاعدة. مما دفع فرنسا تحت رئاسة فرونسوا هولاند إلى القيام بعملية عسكرية شنت في جانفي 2013 من أجل طرد القسم الأكبر من هذه المجموعات. لكن مناطق بكاملها في البلاد ما زالت غير خاضعة لسيطرة قوات حكومة مالي والقوات الفرنسية وقوة الأمم المتحدة (مينوسما) التي دائما ما تتعرض لهجمات مسلحة، رغم توقيع اتفاق سلام في ماي وجوان 2015 برعاية الأمم المتحدة بالجزائر، كان يفترض أن يؤدي إلى عزل نهائي للإرهابيين، لكن تجمعهم في مجموعة موحدة مؤخرا، بقيادة إياد أغ غالي زعيم حركة ” أنصار الدين ” تحت عنوان ” نصرة الإسلام والمسلمين ” وهي تقوم بعمليات إرهابية في الشمال، حيث هاجمت قبل أسبوعين قافلة للجيش المالي في تومبوكتو شمال غربي مالي.
إسلام كعبش
الرئيسية / الحدث / الحكومة الجديدة تريد تنفيذ "اتفاق الجزائر":
مالي تستلهم “المصالحة الوطنية” على الطريقة الجزائرية
مالي تستلهم “المصالحة الوطنية” على الطريقة الجزائرية
الحكومة الجديدة تريد تنفيذ "اتفاق الجزائر":
الوسومmain_post