الأحد , نوفمبر 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الحدث / نزار مقني كاتب تونسي مختص في القضايا الاستراتيجية لـ "الجزائر"::
“تعيش ليبيا فوضى شاملة ولا بد من فتح حوار حقيقي”

نزار مقني كاتب تونسي مختص في القضايا الاستراتيجية لـ "الجزائر"::
“تعيش ليبيا فوضى شاملة ولا بد من فتح حوار حقيقي”

كيف هو حال ليبيا بعد سبعة سنوات من الإطاحة بنظام معمر القذافي ؟
لا يمكن وصف ليبيا اليوم إلا بمصطلحين ” فوضى شاملة “، فبعد 7 سنوات لم تتمكن البلاد من تجاوز عدة محن منها السياسي في علاقة الأحزاب والمؤسسات التي تولدت عن مسار انتخابات جوان 2014 ببعضها ومنها المجتمعي (وليس الاجتماعي) القبلي ومنها الجيو-سياسي في علاقة الغرب بالشرق والجنوب، ومنها العسكري في علاقة بالمصادمات المليشياوية، ومنها الفكري في علاقة بين مشاريع فكرية عديدة بينها الظلامي التكفيري وكذلك الإسلامي الإخواني وكذلك الليبرالي، ومنه كذلك الفيدرالي الطامح لحكم ذاتي في إطار الدولة الليبية. هذا المشهد تسبب في كثير من الإرهاصات السياسية السلبية، ونتج عنه تراجع في الأداء الاقتصادي، أدى إلى تهور في الأوضاع المالية أثرت مباشرة على المواطن الليبي العادي.
اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أخيرا أن التدخل الفرنسي والناتو سنة 2011 لإسقاط نظام القذافي كان خطأ فادحا.. بأي نتيجة يمكن قراءة تصريح الرئيس الفرنسي بعد 7 سنوات من الفوضى العارمة في هذا البلد الجار؟
بنفس ما قاله رئيس الأمريكي باراك أوباما أن التدخل في العراق سنة 2003 كان خطأ فادحا، تلك حال الدول الكبرى، هي ترى في دول الضفة الجنوبية (فرنسا في هذا الحال) كدول أطراف وهي دول مركز، بل مثلما رأى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أن التدخل في ليبيا هو في صالح السياسة الفرنسية في حوض المتوسط، بل فرنسا هي من حضت على تدخل حلف الشمال الأطلسي وجذبت الولايات المتحدة مكرهة للمساهمة في ذلك في إطار تحالفهما في ذات الحلف. مصلحة فرنسا كانت تكمن في إطارين مختلفين أولهما طاقوي اقتصادي، ويتعلق خاصة بالصراع حول الغاز الليبي ومحاولات الشركات الروسية الحصول عليه مع الشركات الصينية وهو ما تمكن منه في أواخر عهد العقيد الراحل، وكذلك الوصول إلى قلب منطقة الساحل والصحراء وفيها ترى فرنسا أنها منطقة تحوي على اليورانيوم وهو أكثر ما تسعى إليه فرنسا، خاصة وأنها تستغل منجما لليورانيوم بشمال النيجر.
أما الإطار الثاني، فهو العمل على التخلص من نظام العقيد معمر القذافي والذي اعتبر معاديا لتوجهات الغرب، وكذلك التوجهات الفرنسية في تلك الفترة والتي تغذيها “البونابرتية” الزائدة عن الحد لساركوزي، والتي بلغت حد العمى عن نتائج ما سيقترف في ليبيا على الصعيد الاستراتيجي الإقليمي ومن ثم الدولي، بالرغم من تنبيهات مما سيؤول له الوضع فيما بعد، خاصة ونحن نعلم جيدا ما كدسه العقيد من أسلحة، كانت فيما بعد المرتكز الذي أشعل فتيل الصراعات في المنطقة، وخلق خارطة من الدماء انتشرت على كامل الرقعة الإقليمية، بدايته كانت في مالي سنة 2012 مع إعلان “انفصال ازواد”، ولم يدرك نهايته بعد. تلك الدماء بلغت تونس والجزائر ومصر، مثلما بلغت فرنسا وبريطانيا مع العمليات الإرهابية التي ضربتها وكانت بصمات ليبيا بصفة مباشرة أو غير مباشرة موجودة فيه. وبالمثل فإن ما أرادته فرنسا اقتصاديا واستراتيجيا مع “بونابرت الجديد المتصابي” (ساركوزي) لم تدركه فرنسا بعد 7 سنوات، ولهذا تكلم ماكرون عن “خطأ فادح” في التدخل في ليبيا سنة 2011.
هناك جهود أممية حثيثة لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في ليبيا خلال هذه السنة، هل بصفتكم مراقب للوضع هناك هل أنتم متفائلون بتنظيم هذا الموعد الانتخابي في موعده ؟
أنا دائما أريد أن أحفظ بعض التفاؤل في كل الحراك الذي تقوم به الأمم المتحدة للقيام بالانتخابات، لكن أعتبر أن خطوة مثلها قد تكون قفزا إلى الأمام من قبل الأمم المتحدة، وطريقة لفرض الأمر الواقع على جميع الفرقاء الليبيين، خاصة وأن الفرقاء الليبيين لم يتمكنوا في جولتي حوار تونس من تحديد حتى الإطار الواسع للقيام بالمفاوضات.
وفي هذا أرى أن هناك عدة أخطاء ارتكبت من قبل من يبنون العملية السياسية سواء أ كانت الدول الثلاث التي أطلقت إعلان تونس لحل الأزمة الليبية أو الدول التي تسعى للدفع بها، وهي اقتصار الحوار على السياسي فقط، في وقت يجب العمل ضمن خطة محكمة على 3 محاور للحوار والخروج بمخرجات يمكن أن تؤسس لليبيا مستقرة وذات سيادة على أراضيها، وهذه الخطة تتكون من 3 محاور: محور مجتمعي ويهدف لتشجيع الحوار وتحقيق المصالحات بين القبائل، ومن ثم محور سياسي ويهدف إلى دعم الحوار بين سياسي مختلف الفرقاء الليبين، ومن ثم محور عسكري ويهدف إلى الحوار بين مختلف قادة أبرز المجموعات العسكرية وتكوين مجلس دفاع أولي قبل الذهاب إلى استكمال بقية مؤسسات الدولة الليبية على أساس ما تم الاتفاق عليه في مختلف محاور الحوار.
هل الأزمة الليبية المتفاقمة هي نتيجة للتدخلات الإقليمية والخارجية أم لانسداد داخلي بين طرفي الصراع الحكومة وقائد الجيش في الشرق؟
هي نتيجة تهاون داخلي من الأطراف الليبية وسطوة ما هو خارجي عليها، وأرى أنها نتيجة لغياب الإحساس بالانتماء الوطني على حساب الانتماء الضيق القبلي الجهوي الإقليمي، وما يمثله حفتر والسراج ما هو إلا تصور الماكرو سياسي للتفاعلات السياسية الاجتماعية في ليبيا بعد 2011.
قال معهد ” بروكينغز اينستيتيوت ” في واشنطن أن الديمقراطية في ليبيا “قاسية وصعبة” في تماهي كامل مع موقف المشير خليفة حفتر الذي صرح مؤخرا أن الليبيين ليسوا مؤهلين للديمقراطية.. إذن هل هناك مخرج للأزمة بعيد عن الانتخابات والعمل الديمقراطي؟
لذلك قلت منذ قليل أن خطوة القيام بانتخابات قد تكون قفزا في الخواء ودفعا بالأزمة إلى الأمام، أرى أنه يمكن تحقيق بعض من الديمقراطية في ليبيا، لكن ببصمة تحمل سمات المجتمعية والاجتماعية الليبية، يجب أن تحمل القبائل مسؤوليتها في اتخاذ القرار في أي دولة قادمة في ليبيا، يمكن مثلا أن يكون زعماء القبائل غرفة سفلى لكونغرس ليبي، وبذلك يصبحون شركاء في اتخاذ القرار في الدولة الليبية ويتحملون نتائج مسؤولياتهم تجاه بلدهم.
الديمقراطية ليست صيغة للفرض، بل هي فكرة مرنة ويمكن تطويعها حسب المقتضيات الاجتماعية لكل بلد. السبب السياسي الأول في ليبيا ما بعد الثورة أن المجلس الانتقالي الليبي خير الذهاب لانتخابات مؤتمر وطني عام، ولكن لم يراع تركيبة المجتمع الليبي القبلية ولا كذلك النزعات الفكرية، ولذلك عرف هذا التوجه فشلا ذريعا، وإرهاصاته موجودة إلى الآن.
مجموعة القوة المشتركة لدول الساحل ” جي5 ” أكدت قبل أيام أن الأزمة الليبية هي سبب رئيسي لتدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل.. بماذا يمكن مواجهة الوضع هناك هل على الطريقة المصرية بتنفيذ طلعات جوية ضد الإرهاب في ليبيا أم بالطريقة الجزائرية التونسية تأمين الحدود وإرساء خطة دبلوماسية لجمع الفرقاء الليبيين ؟
أرى أنه يجب الجمع بين الطريقتين، والقيام بعمليات ” جراحية ” أمنية في الداخل الليبي ولكن من قبل دول الطوق لا الدول الأجنبية، لضرب الإرهاب في العمق الليبي، مع تنسيق مع كلا الفريقين في ليبيا، خاصة وأن الجماعات الإرهابية تقوم بلملمة نفسها في ليبيا لتعمل على إعادة التوازن، سواء تعلق ذلك بالجماعات الإرهابية التابعة للقاعدة وتلك المبايعة لتنظيم ” داعش “.
كيف تقيمون الدور الذي تلعبه دول الجوار لحلحلة الأزمة الليبية على غرار الدور الدبلوماسي الجزائري والتونسي ؟
أرى أنه مجهود جيد نوعا ما، لكن كما أشرت سابقا، فإن المنهجية المعتمدة لن تؤدي لحلحلة الوضع، يجب العمل على دعم الحوار في 3 محاور بينتها سابقا، وفي نفس الوقت إيجاد نقاط ضغط بالتعاون مع دول أخرى سواء أكانت أوروبية أو أمريكية أو حتى روسية، لدفع الفرقاء الليبيين لإبداء تنازلات ونبذ الذوات لصالح سيادة وطنهم.
حاوره إسلام كعبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super