اتفق صحفيون ونشطاء وحقوقيون أن قطاع الإعلام بالجزائر يعاني تعطيلا للحد من نشاطه نتج عن دلك تمييع للعمل وتضييق من مساحة التعبير عن الرأي. في وقت يضيق الخناق على الصحافة المكتوبة والمرئية في الجزائر تجد المواقع الالكترونية أو الصحف الالكترونية في مركز مفضل، وتلقى رواجا وإقبالا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي. وتتزاحم على الشبكة العنكبوتية بالعشرات من المواقع الإخبارية، التي تمكنت في وقت وجيز من حشد الآلاف من المتابعين حتى أن بعضها تخطى عتبة 10 ملايين متابع على الانترنت. وتمكنت مواقع التواصل الاجتماعي، من دفع حركة هذه المواقع الإخبارية والترويج لها، بفضل سرعتها في التبليغ وتداول المعلومة في ظرف قياسي. ويكاد نشاط هذه المواقع أن يغلب على التواجد الإعلامي للصحف المكتوبة التي يتراجع منسوب مقروئيتها في الجزائر. وتريد صحف مكتوبة كثيرة وقنوات تلفزيونية الحفاظ على بقائها عن طريق إيجاد منفذ عبر هذه الوسائط للإطلالة على المتابعين من الرواد، وتحصيل قدر آخر من الإشهار.
تراجع مستمر
وكان الوزير الأول احمد أويحيى قد فاخر في عديد المناسبات بمستوى حرية التعبير في الجزائر، مقارنة بدول عربية أخرى، وبعدم وجود صحافيين رهن الاعتقال أو الحبس على خلفية قضايا النشر والصحافة. لكن أصواتا غاضبة من السلطة الرابعة تنظر بعين غير راضية للواقع الإعلامي إذ لا تزال أكثر من 30 قناة تلفزيونية في وضع قانوني معلق منذ العام 2012 فلم تحصل على اعتماد من السلطات كمكاتب معتمدة لقنوات أجنبية تعمل في الجزائر منذ تأسيسها كما لم تحصل على الترخيص كقنوات جزائرية. وكان قد صدر في العام 2012 قانون الإعلام الذي يتيح إنشاء قنوات مستقلة، وصدر بعدها قانون السمعي البصري في 2014 والمرسوم التنفيذي الذي يتيح البدء في البث. وإنشاء هيئة السمعي والبصري لتنفيذه، ودفتر الشروط، لكن شيئا لم يتحقق من تنفيذ هذه القوانين. وأغلقت صحف كثيرة أبوابها خلال السنوات الأخيرة وسرح مئات الصحفيين، وتهدد أخرى بالغلق في كل لحظة. ولم يتحدد بعد دور سلطة الضبط السمعي البصري، كما لم يدخل القانون حيز التنفيذ بعد، وهو ما يجعل تعزيز قطاع الإعلام في مركز لا يحسد عليه.
عمر لشموط، مدون جزائري: الصحفي الجزائري يشتغل في ظرف غير مريح
انتقد المدون الجزائري عمر لشموط الظروف التي يعمل فيها الصحفي الجزائري، واعتبرها تحديا في حد ذاته ، وأضاف المدون أن الوصول للمعلومة لا يزال إحدى أكبر التحديات وأن التضييق الممارس من السلطة على حرية الصحف المكتوبة والقنوات المرئية يحد من نشاط الإعلاميين.
و أضاف ذات المتحدث أن الإعلام الجزائري لا يزال يناضل من أجل افتكاك حقوقه القانونية وأن كل هذا النضال خلق أسماء إعلامية ثقيلة وأداء إعلاميا متميزا على الرغم من الظروف السياسية والمناخ غير المساعد لهذا النشاط.
وبارك المدون الجزائري عمر لشموط ،انتعاش ظاهرة المواقع الإخبارية على الانترنت واعتبرها صحية بامتياز، بفعل سهولة تداول المعلومات وضمان استمرارها بصفة مستمرة دون انقطاع وأنها من جهة أخرى ردة فعل ذكية للتواصل والبقاء في الساحة الإعلامية بأقل قدر ممكن من الخسائر.
مسعود حريتي، إعلامي:تمييع العمل الإعلامي في الجزائر مقصود
انتقد الإعلامي مسعود حريتي واقع الإعلام في الجزائر واعتبر مساحته واسعة جدا لكنها موجهة بشكل مفتعل من السلطة، فالاتساع مفتوح في الإطار المسموح به فقط. والصحف المكتوبة تنتقد يوميا قرارات السلطة لكنها لا تقوى على التأثير فيها. وأضاف المتحدث أن العمل الصحفي بتنوع الوسيلة الإعلامية يواجه مصاعب وعقبات جمة في الوصول للخبر، الذي تنفرد به السلطة للقنوات العمومية وعلى النحو الذي تريده.
يضاف إلى ذلك سلطة الضبط السمعي البصري التي أوجدت أصلا لتشديد الخناق على المهنة، وهو ما جعل المهنة تقع في التمييع وفقدان كثير من المصداقية.
وتهاوى دور الصحفيين حتى تحول دور بعض القنوات إلى أبواق للإثارة إرضاء للسلطة.
كما تحولت المواقع الإخبارية التي انتشرت مؤخرا إلى ظاهرة جديدة لنسخ ولصق الخبر دون التأكد من مصدر الخبر أو التحري عنه، وأصبح هاجس المتابعة هو الهدف الأول لتأمين الربح.
جيلالي سفيان رئيس حزب جيل جديد: لوبيات فساد تقف خلف منع النشاط الإعلامي
لم يهول رئيس حزب جيل جديد المعارض جيلالي سفيان من واقع الإعلام في الجزائر ،واعتبر مشاركة الإعلام في الحياة السياسية نسبية لأن القضايا الكبرى والفضائح المدوية لا تزال لا تجد طريقها نحو الإعلام . لذلك وحسب جيلالي سفيان فان تحرير القطاع وتدعيمه بترسانة قانونية لا يخدم لوبيات الفساد التي ليس من مصلحتها الإبلاغ عنها. وأضاف المتحدث أن القطاع يعاني تعطيلا متعمدا وضغوطا مدروسة تعيق كل تقدم في الإعلام المكتوب والسمعي البصري.
رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور: دفع المؤسسات الإعلامية نحو الإفلاس خيانة للوطن
عبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أمس في بيان لها،عن تضامنها مع مئات الصحفيين الجزائريين الذين تم طردهم من عملهم،أو الذين هم بصدد تسريحهم في أواخر سنة 2018 .
وعبرت الرابطة عن قلقها العميق من هذا الوضع، وأعلنت مساندتها للصحفيين وأضاف هواري قدور، المتحدث الأول باسم الرابطة أن هناك مخططا لغلق بعض الصحف وأن هناك صحفا أخرى تسير في طريق الاندثار والغلق وأن الأزمة التي تهدد وسائل الإعلام في الجزائر مفتعلة للحد من نشاط الإعلاميين.
رفيقة معريش