الأحد , نوفمبر 17 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / يعتبر موضوع الرئاسيات سابقا لأوانه:
هل سيكون التيار الديمقراطي الغائب الأكبر؟

يعتبر موضوع الرئاسيات سابقا لأوانه:
هل سيكون التيار الديمقراطي الغائب الأكبر؟

في بداية سنوات 1990 أطلق الكاتب الصحافي والروائي المرحوم طاهر جاووت اسم “العائلة التي تتقدم” ليصف بها “التيار الديمقراطي” الناشئ في الجزائر ضمن نخبة سياسية ولدت في السبعينيات من القرن الماضي وتبلورت نضالاتها بشكل واضح في الثمانينيات من خلال الاحتكاك الصدامي ب”التيار الأصولي” من جهة والإيديولوجية المحافظة لنظام الحزب الواحد وأجهزته القمعية من جهة أخرى.
ويمثل هذا التيار تجميعا لنخبة يسارية علمانية في الغالب تضاف إليها النخبة التي ناضلت من أجل القضية الأمازيغية وفي مجال حقوق الإنسان خلال الثمانينيات من القرن الماضي وقد انضمت إليها عرَضا ولاحقا نخب أخرى كانت ضمن النظام الحاكم دون أن تشاطر جميع توجهاته الإيديولوجية.
خاض التيار الديمقراطي في الجزائر نضالات سياسية واجتماعية وتشكل في أحزاب وجمعيات ومارس التعبير النضالي عبر وسائل شتى منها الصحف والمظاهرات الاحتجاجية المعارضة كما مارس الفعل السياسي من خلال المشاركة مع السلطة ومشاركته بعض المواقف لاسيما ضد التيار الإسلامي. وإن كان من السهل رسم حدود التيار الإسلامي بكل توجهاته إلا أن هذه السهولة تزول عندما نتصدى لرسم حدود التيار الديمقراطي إذ لن نجد تصنيفا يسلم من النقد.
لكن محاولة الفرار من لوم هذا الطرف أو ذاك تجبرنا على أن نسلم بأن هذا التيار يتشكل من جميع الفاعلين السياسيين الذين لا ينتمون، لا إلى النظام الحاكم ولا إلى التيار الإسلامي. وهذا الرسم يضع مجموعة من الاتجاهات الفكرية في سلة واحدة إذ يلتقي فيه اليساري مع الليبرالي والعروبي مع البربري وكذا الفرنكفوني لأن القواسم المشتركة في هذا التيار هي مواقفه المعارضة للنظام الحاكم و”الأصولية الإسلامية” على حد سواء.
والملاحظ أن ما يجمع هذا التيار مع التيار الإسلامي هو المنهج السياسي المتبع وتشابه التكتيكات السياسية في الغالب. فقد ذاق هذا التيار طعم المشاركة مع السلطة كما ذاق المعارضة الراديكالية الشرسة والمقاطعة الانتخابية، شارك في كل الانتخابات التي نظمتها السلطة ومارس الشراكة السياسية البرلمانية والتحالفات التكتيكية. وهذا من طبيعة العمل السياسي المعتمد على الكر والفر والمد والجزر.
ويعد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وجبهة القوى الاشتراكية أبرز الأحزاب الممثلة لهذا التيار، تضاف إليهما الأحزاب اليسارية التقليدية غير أن قوى أخرى تنكر عليها احتكار الديمقراطية كما تنكر على الأحزاب الإسلامية احتكار الإسلام.
كانت للتيار الديمقراطي مواعيد مع تجربة الترشح للانتخابات الرئاسية فقد خاض زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي غمار انتخابات الرئاسة عام 1995 وحاز على المرتبة الثالثة بعد مرشح السلطة اليامين زروال والمرشح الإسلامي محفوظ نحناح وأعاد سعدي الكرة عام 2004 ليكتفي بالمرتبة الرابعة وراء مرشح السلطة عبد العزيز بوتفليقة وغريمه علي بن فليس والمرشح الإسلامي عبد الله جاب الله.
كما خاض زعيم جبهة القوى الاشتراكية المرحوم حسين ايت احمد غمار رئاسيات 1999 قبل أن ينسحب من السباق في اللحظة الأخيرة رفقة 5 مرشحين آخرين جلهم رجال سابقون في النظام الحاكم. وماعدا هذين الموعدين لم يشارك التيار الديمقراطي في المواعيد الرئاسية بل فضل مقاطعتها في أغلب الأحيان إذا ما استثنينا مشاركات الويزة حنون التي كثيرا ما لا يعترف بانتمائها إلى هذا التيار بالنظر إلى كثير من مواقفها السياسية التي تتلامس مع مواقف السلطة خاصة في عهد الرئيس بوتفليقة.
هل سيكون هذا التيار على موعد مع استحقاق العام القادم؟ لا شيء يبرر الجرأة بالجزم بذلك فلا أحد من فعاليات هذا التيار أعطى مؤشرا على موقف واضح من المشاركة أو المقاطعة أو أي شكل من أشكال الخوض مع هذا الموعد الذي لا يزال في أجندة هذا التيار “لا حدث” وفي أحسن الأحوال يبرر هذا التيار صمته بأنه من السابق لأوانه الخوض في هذا “الأمر البعيد”. فالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي خرج من تجربة مازفران خاوي الوفاض كبقية التشكيلات السياسية لا يزال يترقب تطورات الوضع لاسيما موقف الرئيس بوتفليقة من الترشح للعهدة الجديدة بينما لا تزال جبهة القوى الاشتراكية منزوية في مقترح الإجماع الوطني حيث تبحث له عن قبول في المجتمع المدني دون أن تخوض في موضوع الانتخابات الرئاسية أو المبادرة بأية مشاورات مع أطراف سياسية أخرى في هذا الشأن. وترى أوساط مراقبة لمواقف الحزب أن “الجبهة” لن تتردد في تأييد رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش إذا ما توفرت شروط ترشحه للموعد القادم لاسيما وأنها تضم في صفوفها إطارات لا تخفي تعاطفها مع “رجل الإصلاحات”. أما الويزة حنون التي دأبت على المشاركة الدورية في المواعيد الرئاسية فلم تعلن بعد عن نيتها لكنها في المقابل راسلت الرئيس بوتفليقة تدعوه إلى حل البرلمان وانتخاب مجلس تأسيسي وهي الدعوة التي اعتبرتها أوساط سياسية دعوة غريبة عن السياق.
وأمام هذا الوضع تنتظر الساحة حلحلة قد تبرز بمجرد معرفة الموقف الرسمي للرئيس بوتفليقة الذي سيحدد المنحى الذي ستتخذه الرئاسيات المقبلة وما بعدها إذ أن طبيعة مشاركة التيار الديمقراطي مرهونة بهذا المنحى.
احسن خلاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super