بدأت تتضح معالم مواقف الأحزاب السياسية من مبادرة التوافق الوطني والتي لا تزال سلسلة المشاورات متواصلة حولها من قبل قيادات “حمس”، المشاورات التي كان آخرها لقاؤها مع قيادات حزب جبهة التحرير الوطني، هذا الأخير الذي أبدى تحفظا من المبادرة ما يعني أن التوافق الذي تبحث عنه “حمس” إصطدم بتناقض مع قناعات مواقف أحزاب الموالاة التي حسمت موقفها ورهنت المرحلة المقبلة بنداءات ودعوات الإستمرارية، الأمر الذي يعني أن مبادرة التوافق الوطني حملت معها بذور الفشل.
غير أن المحللين السياسيين اعتبروا مبادرة “حمس” بمثابة اللعبة السياسية والتي تريد هذه الأخيرة من ورائها صناعة الحدث والبقاء في الواجهة والبحث عن مصلحتها، وهو الأمر الذي يخدم السلطة التي تريد لحمس أن تكون رقما في الرئاسيات المقبلة لإضفاء المصداقية عليها، فيما راح آخرون لوصفها بتبرئة ذمة فقط لكونها تحمل معها بذور الفشل.
المحلل السياسي إسماعيل معراف:
“التوافق الوطني لعبة من حمس لخدمة النظام”
رفض المحلل السياسي اسماعيل معراف الحديث عن مبادرة التوافق الوطني والتي قال إنها في حقيقة الأمر مجرد لعبة سياسية من قيادات “حمس” لضمان البقاء في الواجهة السياسية ولعب دور في المرحلة المقبلة حتى وإن كان ذلك كأرنب في السباق الرئاسي.
وأوضح معراف في تصريح لـ “الجزائر” أمس: “أستغرب من الأهمية التي أعطيت لمبادرة التوافق الوطني التي طرحتها حركة مجتمع السلم مؤخرا وشرعت في سلسلة لقاءات مع الأحزاب السياسية، الموالاة في الدرجة الأولى، وبعدها المعارضة، في وقت أنها مجرد لعبة من حمس لخدمة النظام والبقاء في الواجهة السياسية، فحمس ومنذ المؤتمر الأخير الذي عقدته شهر ماي الفارط وهي المحطة التي شهدت تجديد الثقة في الرئيس الحالي ليس من قبل مناضليه وإنما من جهات لأن هذه الشخصية تخدم السلطة وتريدها أن تلعب دورا في رئاسيات 2019 سيما أن حمس لن تذهب لتدعم مرشح إجماع وسيكون رئيسها هو مرشحها لينافس الرئيس الحالي في استحقاقات 2019 ويضاف لها شخصية من التيار الوطني قد يكون عمارة بن يونس الذي لم يكشف لحد الساعة عن دعمه للرئيس فيما سارعت أحزاب الموالاة لندءات الإستمرارية ما يرجح فرضية ترشحه”، و تابع: “فحمس بالرغم من موقفها المعارض للعلن غير أنها تبحث عن مصلحتها مع النظام، ومبادرة التوافق هي لعبة وإلا كيف نفسر لقاء بين الأفالان المعروف بموقفه دعم الرئيس وهو بالنسبة لهم خط أحمر ويدعونه للإستمرارية، يجتمع لطاولة مع من يطالب بالإنتقال الديمقراطي بتدخل الجيش دون رفض مسبق، ما يعني أن اللقاء هو مجرد إجراء بروتوكولي والرغبة في الإستفادة من حمس في رئاسيات 2019 وجعلهم على الأقل خصما لمرشح السلطة لإضفاء المصداقية”، وأردف “فأنا لا أحكم على فشل أو نجاح المبادرة لأنها ليست كذلك بل لعبة سياسية”، و تابع: “الحديث عن التغيير في الوقت الراهن غير مطروح بالمرة لدى السلطة بل الإستمرارية هي العنوان الأبرز سيما وأنه تفصلنا عن الرئاسيات أقل من عام ولا معنى للإنتقال الديمقراطي الذي تنادي به حمس والذي فشلت في تحقيقه في إطار ما سمي بمزافران واليوم تحييه في التوافق الوطني”.
المحلل السياسي عبد الرحمن شريط:
“حمس طرحت مبادرة التوافق الوطني كنوع من تبرئة الذمة”
ومن جهته أبرز المحلل السياسي عبد الرحمن شريط أن مبادرة التوافق الوطني التي طرحتها حركة مجتمع السلم وإن جاءت لكسر الجمود الذي يطبع الساحة السياسية على كافة الأصعدة وتحريك الأمور باللجوء لآخر حل وهو المطالبة بالانتقال الديمقراطي السياسي والإقتصادي يرافقه الجيش الوطني الشعبي غير أنها حملت معها بذور الفشل لأنها ضمنت مبادرتها بأمور منها ما هو محسوم في الدستور كالمطالبة بتدخل الجيش وهذا رد بخصوصه نائب وزير الدفاع في عديد خرجاته بأن للجيش مهامه، والمطالبة بالإنتقال الديمقراطي والتغيير وهو ما يتناقض مع بعض الأحزاب وعلى رأسها الموالاة الأفالان والأرندي واللذين حسما موقفها بدعوات الإستمرارية ودعم الرئيس ووصفه بالخط الأحمر، فحمس بلقائها مع الأرندي الأحد المقبل سوف تلقى نفس التحفظات التي كشف عنها حليف الإستراتيجي ورفض هاذين الحزبين معناه فشل المبادرة والتي لن تنجح إلا بالتوافق مع الأحزاب السلطة، وقال في تصريح لـ “الجزائر”: “أنا أعتقد أن حمس طرحت مبادرة التوافق الوطني كنوع من تبرئة الذمة والقول بأنه كان لها دور في محاولة إخراج البلاد من حالة الجمود الذي تتخبط فيه، وفشل المبادرة هو ظاهر للعيان، أبانت عنه مخرجات لقائها مع الأفالان، لتلقى الرد ذاته من غريمه الأرندي وبالتالي علامات الفشل واضحة للعيان”، وأضاف: “فحمس خاطت مبادرة على مقاسها هي وبعيد البعد عن مسمى التوافق الوطني الذي تدعو له بوجود نقاط تلاقي مشتركة توصل لمسعاه”.
زينب بن عزوز