شهد قطاع التربية العديد من الإصلاحات منذ 2003 إلى يومنا هذا، وهي إصلاحات امتدت إلى العديد من الجوانب، سواء تعلق الآمر بالمنشئات من مؤسسات تربوية، أو بالبرامج والمناهج، بالإضافة إلى إصلاحات مست أيضا الجانب التكويني لعمال القطاع، غير أن هذه التغيرات التي حدثت كان لها مكامن قوة وايجابيات، كما كان لها مكامن ضعف وسلبيات حسب المهنيين، انعكست نتائجها على المستوى الدراسي ومردودية التلميذ والأستاذ على حد سواء.
وقد اختلفت الإصلاحات في قطاع التربية حسب نظرة المسؤول الأول عنه في فترة توليه الإشراف على الوزارة، وحسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتطور الحاصل في كل مرحلة تمر بها البلاد، ففي فترة الوزير الأسبق أبو بكر بن بوزيد، أطلق إصلاحات ركزت على جانب محدد، حيث عمد وبالنظر للوضع المالي المريح للجزائر آنذاك إلى تشييد عدد كبير من المؤسسات التربوية، في حين لم يركز بالشكل الكافي على تعديل المناهج والبرامج، وهو العكس بالنسبة للوزيرة الحالية نورية بن غبريط، التي أحدثت منذ قدومها على رأس الوزارة جملة من التغييرات مست هذا الجانب، إضافة إلى جانب التكوين بالنسبة للأسرة التربوية، وقد اعتبر المعنيون بالشأن التربوي أن إصلاحات بن غبريط التي كانت في كل مرة تقوم فيها بتقديم نمودج جديد، لها ايجابيات كثيرة ومكامن قوة، إلا أنها لا تخلو من مكامن ضعف وسلبيات، وقد يختلف حتى المعنيون في تقييم مدى تأثير هذه الإصلاحيات ومدى فعالياتها بالنسبة لطور تعليمي و آخر، فقد يرى البعض أن مثل هذه الإصلاحات قد تخدم طور دون آخر، و قد يصلح تطبيقها على بعض التلاميذ و ليس الكل، و في هذا الصدد تقول الأستاذة صويلح، أستاذة مادة الفيزياء بالطور الثانوي، أن الإصلاحات التي شهدها القطاع مقبولة بنسبة 50 بالمائة، وكان لا بد من إحداثها، غير أن هناك بعض النقاط والملاحظات التي تعتبر في غير مصلحة لا التلميذ ولا الأستاذ، وتؤثر سلبا على المردودية العامة لسير الدروس، حيث اعتبرت أن هناك بعض البرامج والدروس تأخذ جهدا ووقتا كبيرين للأستاذ والتلميذ، وفي آخر المطاف هي دروس لا تساعد في توجيه التلميذ مستقبلا في الجامعة، وأشارت في الصدد إلى محور الكهرباء الذي يدرس لتلاميذ السنة الثالثة ثانوي في تخصص علمي، رياضي ورياضي تقني، وقالت أن مثل هذا المحور عنوانه فيزيائي ومضمونه وطريقة شرحه رياضي محض، وهو محور يأخذ الكثير من الوقت ولا يفيد التلميذ في شيء خلال توجيهه المستقبلي، وأكدت أن مثل هذه الملاحظات يتم إرسالها دوريا للجهات المعنية لأخذها بعين الاعتبار، كما أشارت الأستاذة صويلح إلى الحجم الساعي الذي لا يتناسب نهائيا مع حجم الدروس.
وترى نفس الأستاذة أن الإصلاحات خصوصا المتعلقة بالطور المتوسط جيدة، غير أنها إصلاحات قد يكون صعب تطبيقها في وضع كالذي تعيشه اليوم المدرسة الجزائرية من اكتظاظ كبير في الأقسام، حيث ترى أنها إصلاحات تصلح أكثر في حال قسم محدود التلاميذ لا يتجاوز عدد تلاميذه على الأكثر 25 تلميذا.
أما الأستاذة خرخاش عايدة أستاذة لغة انجليزية بالطور المتوسط، فترى أن الإصلاحات التي جاءت بها وزيرة القطاع، تعتبر جيدة، خصوصا ما تعلق بالجيل الثاني، غير أنها اعتبرت أنه لتطبيقها وجعل نتائجها أكثر ايجابية في الميدان ولتمكين التلميذ من استيعابها بالشكل الجيد، فذلك يتطلب توفير الإمكانيات لشرحها للتلميذ، وهذا الأمر الذي قد لا تستطيع توفيره كل المؤسسات التربوية بالنظر لإمكانياتها المادية، كما اعتبرت أن الكم الهائل للدروس قد يحدث ضغطا كبيرا لا يتناسب مع الحجم الساعي، خصوصا في بعض المواد كاللغة الانجليزية، غير أنها ترى أن إعطاء الوزارة أهمية كبيرة للتكوين شيء جد ايجابي و ينعكس على الأداء الجيد للأستاذ.
من جانبه قال المكلف بالإعلام بنقابة الكنابيست مسعود بوديبة في تصريح ل”الجزائر”، أن ما تم القيام به من تغيرات في السنوات الثلاثة الأخيرة لم يحل المشاكل المطروحة في قطاع التربية، فالمشاكل التي كانت في السابق هي نفسها مشاكل اليوم، سواء ما تعلق بالتحصيل العلمي آو على مستوى المؤسسات التربوية، و الأكثر من هذا-يقول بوديبة- أن المشاكل التي كانت موجودة قبل 2015 تمت التغطية عليها من قبل الأساتذة الذين كانوا آنذاك وهو أساتذة ذوي كفاءة و خبرة، لكت اليوم بعد خروج عدد كبير منهم للتقاعد مجبرين بعد إلغاء التقاعد النسبي، عقد الأمور أكثر لان سياسة التوظيف أصبحت تخضع لقانون المسابقات و ليس لتكوين الأساتذة.
رزيقة.خ
من بن بوزيد إلى بن غبريط:
الوسومmain_post