صدر مساء اول امس بالعدد رقم 53 من الجريدة الرسمية القانون العضوي الجديد المتعلق بقوانين المالية المعدل لقانون 1984، حيث جاء بتدابير جديدة أهمها ترخيص الاقتراض وترسيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وسيكون قانون المالية لسنة 2023 وكذا القانون المتضمن تسوية الميزانية للسنة نفسها أول قانون يحضر وينفذ وفقا لأحكام هذا القانون العضوي.
وحسب ما ورد بالجريدة الرسمية، يهدف القانون العضوي إلى تحديد إطار تسيير مالية الدولة الذي من شأنه أن يحكم إعداد قوانين المالية، وكذا مضمونها وكيفية تقديمها والمصادقة عليها من قبل البرلمان. كما يهدف إلى تطوير السياسات العمومية التي يكون تنفيذها مؤسسا على مبدأ التسيير المتمحور حول النتائج، انطلاقا مــن أهــداف واضحــة ومـحـددة وفـقـا لـغـايـات المصلحـة الـعامـة والتي تكون موضوع تقييم.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل عمليات الاستثمار العمومي
وقد أضفى القانون طابعا رسميا على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل عمليات الاستثمار العمومي، حيث تنص المادة 37 من القانون العضوي رقم 18-15 المتعلق بقانون المالية انه يمكن للدولة اللجوء لتمويل كلي أو جزئي لعمليات الاستثمار العمومي، في إطار تعاقدي أو شراكة مع شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص، مع مراعاة، لا سيما إطار النفقات المتوسط المدى وكذا برامج القطاع المعني المقرر.
للتذكير، فقد تحدث الوزير الاول أحمد أويحيى، ديسمبر 2017 عن تسهيلات حكومية لفتح رأسمال المؤسسات الحكومية الصغيرة والمتوسطة أمام مستثمري القطاع الخاص.
وقال أويحي، في كلمته خلال اجتماع الحكومة ومنظمات أرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن الحكومة ستضع عدة تدابير من أجل تسهيل فتح شراكة في رأسمال المؤسسات العمومية أمام الاستثمار الخاص في الجزائر.
وأضاف أن الحكومة ستقدم كل دعمها لكل استثمار جديد يجسد الشراكة بين المؤسسات العمومية مع مؤسسات خاصة.
وفي الوقت الذي رحبت فيه احزاب بالامر، عارضت اخرى الخصخصة الجزئية للمؤسسات الاقتصادية العمومية، كما رفضت تكرار تجربة بيع المؤسسات والمصانع العمومية التي حدثت في التسعينيات، وانتهت إلى نهب للمال والعقارات الصناعية دون تحقيق تنمية فعلية للاقتصاد المحلي أو توفير مناصب شغل إضافية، بحسب رأيها.
تنفيذ الاعتمادات حسب البرنامج عوض التوزيع حسب الوزارة
وحسب هذا القانون يتم التوزيع المفصل للاعتمادات المالية المصوت عليها بموجب مرسوم فور صدور قانون المالية ويتم هذا التوزيع حسب الوزارة أو المؤسسة العمومية حسب البرنامج و البرنامج الفرعي، حيث يتم وضع هذه الاعتمادات المالية لفائدة مسيري البرامج المسؤولين عن المصالح المركزية و المصالح غير المركزية و المؤسسات و الهيئات العمومية تحت الوصاية المكلفة بتنفيذ كل أو جزء من برنامج.
غير أنه ،عند حدوث تغيير في تنظيم الهياكل الحكومية خلال السنة، يمكن مراجعة توزيع البرامج و الاعتمادات المالية المتعلقة بها بموجب مرسوم، بدون رفع المبلغ الاجمالي المحدد في قانون المالية للسنة أو في قانون المالية التصحيحي.
و حسب القانون الجديد ، يتضمن البرنامج مجموع الاعتمادات المالية التي تساهم في انجاز مهمة خاصة تابعة لمصلحة أو عدة مصالح لوزارة واحدة أو عدة وزارات أو مؤسسة عمومية ومحددة حسب مجموعة من الأهداف الواضحة و المتناسقة.
وتجمع أعباء ميزانية الدولة حسب النشاط (البرامج و تقسيماتها)، بحسب الطبيعة الاقتصادية للنفقات ( أبواب النفقات و أقسامها) ، وبحسب الوظائف الكبرى للدولة ( تعيين القطاعات المكلفة بتحقيق الأهداف حسب الوظيفة) و بحسب الهيئات الادارية المكلفة بإعداد الميزانية و تنفيذها ( توزيع الاعتمادات المالية على الوزارات أو المؤسسات العمومية).
يقدم الوزير المكلف بالمالية عرضا شاملا عند نهاية كل سنة مالية حول عمليات التسوية أمام الهيئات المختصة للبرلمان.
و في كل الأحوال، يجب ألا يتجاوز المبلغ المتراكم للاعتمادات المالية 3% من الاعتمادات المالية المفتوحة بموجب قانون المالية، كما يمكن أن تكمل الموارد الخاصة لحساب تخصيص خاص بتخصيص مسجل في الميزانية العامة في حدود 10 % من مبلغ الموارد المحصلة خلال السنة المالية السابقة.
أما موارد ميزانية الدولية فتتضمن، الايرادات المتحصل عليها من الاخضاعات مهما كانت طبيعتها و كذا من حاصل الغرامات و مداخيل الأملاك التابعة للدولة و مداخيل المساهمات المالية للدولة و كذا أصولها الأخرى و المبالغ المدفوعة مقابل الخدمات المقدمة من قبل الدولة و كذا الأتواى و مختلف حواصل الميزانية و الحواصل الاستثنائية المتنوعة و الأموال المخصصة للمساهمات و الهبات و الوصايا و الفوائد و الحواصل المتحصل عليها من القروض و التسبيقات وتوظيف أموال الدولة.
ترخيص الاقتراض ومنح الضمانات
ويرخص قانون المالية للدولة الاقتراض ومنح الضمانات، و ذلك مع مراعاة التوازانات الميزانية و المالية و الاقتصادية و كذا الدين العمومي الساري.
كما يرفق مشروع قانون المالية للسنة بتقرير عن الوضعية و الافاق الاقتصادية و الاجتماعية و المالية على المدى المتوسط و بملاحق تفسيرية يبين فيها، لا سيما التطور حسب صنف الضرائب، و مشروع ميزانية الدولة و تقرير عن الأولويات والتخطيط يعده كل وزير و كل مسؤول مؤسسة عمومية مكلف بتسيير محفظة البرامج، والتوزيع الاقليمية لميزانية الدولة و جدول استحقاق الاعتمادات المتعلقة برخص الالتزام، قائمة كاملة للحسابات الخاصة للخزينة و جدول التعداد يبين فيه تطوراته و يبرر التغيرات السنوية.
ويتم تقديم البيانات و المعلومات المرتبطة بالمحافظة على المصالح الرئيسية للدولة و بالدفاع الوطني، في وثائق على شكل ملائم و يجب أن يتم نشرها مع مراعاة حساسيتها.
على حسابات الدولة أن تكون منتظمة وصادقـة
كما تضمن القانون الجديد تأطيرا ميزانياتيا متوسط المدى يتم كل سنة من طرف الحكومة، بناء على اقتراح من وزير المالية. ويحدد هذا التأطير، للسنة المقبلة والسنتين المواليتين، تقديرات الإيرادات والنفقات ورصيد ميزانية الدولة وكذا مديونية الدولة، عند الاقتضاء.
وأما بخصوص المحاسبة التي تمسكها الدولة، فهي محاسبة ميزانياتية تنقسم إلى محاسبة الالتزامات ومحاسبة إيرادات ونفقـات الميزانية القائمة على مبدأ محاسبة الصندوق.
كـما تمسك الدولة محاسبـة عـامـة لجميع عملياتها، قائمة على مبدأ معاينة الحقوق والواجبات.
وتنفذ الدولة، من جهة أخرى، محاسبة تحليل للتكاليف تهدف إلى تحليل تكاليف مختلف الأنشطة الملتزم بها في إطار البرامج، حيث يـجب أن تكون حسابات الدولة، في نظر القانون العضوي، “مـنتظمة وصادقـة وتعكس بصفة مخلصة ممتلكاتها ووضعيتها المالية”.
وسيتم تطبيق احكام هذا القانون فيما يخص قوانين المالية للسنوات 2021 إلى 2022 والتي تبقى خاضعة لأحكام القانون رقم 17-84 المؤرخ في 7 جويلية سنة 1984، حسب مبدأ التدرج، عن طريق ادراج كتلة عملياتية و وظيفية المنصوص عليها بموجب هذا القانون العضوي في كل سنة مالية.
كما تحضر و تناقش، على أساس انتقالي، مشاريع القوانين المتضمنة تسوية الميزانية المتعلقة بالسنوات 2023 و 2024 و 2025 و يصادق عليها بالرجوع إلى السنة المالية -2.
ويحضر ويناقش مشروع القانون المتضمن تسوية الميزانية و يصادق عليه، ابتداء من سنة 2026، بالرجوع إلى السنة المالية -1.
وتبقى النصوص التي تحكم التسيير و الاجراءات الميزانياتية للمؤسسات والهيئات العمومية سارية المفعول إلى غاية نشر النصوص التي تعوضها.
كما ستظل سارية المفعول الأحكام الواردة في قانون سنة 1984 والمتعلقة بالتقادم الرباعي وكذا انشاء بيانات تنفيذية لتحصيل المستحقات غير تلك المتعلقة بالضريبة والأملاك، المحدثة لفائدة مصالح الدولة و غير المدرجة في هذا القانون وذلك حتى صدور حكم قانون المالية الذي يؤطرها، و عند الاقتضاء حكم من القانون المتعلق بالمحاسبة العمومية.
نسرين محفوف