صبرينة كركوبة
تتحدث الــكاتبة أمل بوشارب في حوار لها مع جريدة “الجزائر”، عن جديدها الروائي الصادر عن منشورات “الشهاب”، “ثابت الظلمة” التي يتقاطع فيها التخييل الروائي والحقائق العلمية.
الكاتبة المقيمة في ايطاليا، قالت أنها لا ترى نفسها طرفا في الثنائيات الضدية القائمة في الساحة الأدبية الجزائرية من قبيل كاتب/كاتبة، أدب مكتوب بالفرنسية/أدب مكتوب بالعربية، كاتب شاب/كاتب مكرس.
وكشفت المتحدثة أنها تفكر جديا في الاكتراث بعرض وصلها مؤخرا -من خارج الجزائر- والوقوع في غرامه، حيثث ستعلن عنه في حينه.
وكانت الفرصة ملائمة لصاحبة المجموعة القصصية “عليها ثلاثة عشر”، للحديث عن مشاركتها في المعرض المغاربي للكتاب بوجدة المغرب… فيما يلي نص الحوار:
*** وقعت حضورك مؤخرا في المعرض المغاربي للكتاب بالمغرب… فيما تمحورت مشاركتك؟
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة المغرب، كان فرصة جميلة جمعتني بأصوات ثقافية فاعلة من المنطقة العربية والعالم حيث لم تقتصر الأسماء المشاركة على المنطقة المغاربية بل امتدت لتحتضن أسماء ابداعية ونقدية شملت إفريقيا، المتوسط وأمريكا الجنوبية. وقد كان العنوان العريض لمشاركتي هو “أسئلة الكتابة بين الأنا والآخر” وذلك ضمن محور “سؤال الكتابة”، إذ تطرقت فيها إلى تحول فعل الكتابة بالنسبة لي من الوضع البديهي a priori إلى الوضع الاستدلالي a posteriori ، وحيث كانت إجابتي منذ عام فقط عن كل ما له علاقة بسؤال الكتابة في إطار موضوع رسالة دكتوراه يجرى حاليا في جامعة بورتسموث حول الأدب الجزائري المعاصر، تدخل كلها ضمن سياق فطري بحت، لينتقل السؤال داخلي إلى حالة “معقلنة” بمجرد تحولي إلى الضفة “الأخرى” من الكتابة مع تجربة ستصدر لي قريبا بإيطاليا. الندوة أدارها بالمناسبة العزيز محمد علاوة حاجي والذي سجل مشاركة مميزة ضمن فعاليات المعرض إلى جانب الشاعرة الألمعية سميرة النقروش.
*** تعتبرين من أهم الأصوات النسائية السردية في الجزائر، بدليل أن أعمالك دائما سواء “سكرات نجمة”، أو عليها ثلاثة عشر”… لقيت وتلقى الإشادة من طرف النقاد… هل تعتقدين أن الصوت النسوي الجزائري له نفس طويل للاستمرار في الساحة الادبية؟
في الحقيقة أنا أرى أن هذا الموضوع قد قتل بحثا من أيام ” A Room of One’s Own” لفيرجينيا وولف، ولا أشعر في هذه الفترة بالتحديد بالرغبة بالخوض فيه. وحتى فكرة أنني اسم مهم “نسائيا” في الساحة الأدبية كما ذكرت، أو مهم بالمطلق، لست في وارد التعليق عليها. ما أعرفه أن الدراسات التي أجريت عن “سكرات نجمة” كما أشرت سواء في تخصص الأدب الجزائري أو النقد العربي المعاصر وردت تحت عناوين مثل: “التخييل التاريخي في الرواية البوليسية سكرات نجمة لأمل بوشارب أنموذجا” (جامعة الجزائر 2)، أو “مقاربة أنثروبولوجية في رواية سكرات نجمة” (جامعة قالمة)… وغيرها من مذكرات الماستر والدكتوراة التي تناولت أعمالي دون أن يتحول في أي منها جنسي إلى عنوان رئيسي ضمن الفهرس. وبالمناسبة، حتى إن دُرست أي رواية لي في إطار مقاربة نسوية فالأمر لن يزعجني، وسأكون سعيدة بالإطلاع على زاوية نظر الباحث. لكن أن نحاول أن نصور دائما الأمر في العالم العربي على أن الكاتب يكتب بأعضائه التناسلية، وأن هذا ما يحدد طول نفسه الأدبي من قصره فأرى أن الأمر مبالغ فيه، كما أن الطرح القائم على التقسيم بالأساس لا أراه مجدي على أي نحو.
للأسف، كل شيء غدا من حولنا مقسما ويبدو أننا نتلذذ بتقسيم المقسم أكثر وأكثر حد التفتيت والطحن. الثنائيات الضدية القائمة في الساحة الأدبية الجزائرية من قبيل كاتب/كاتبة، أدب مكتوب بالفرنسية/أدب مكتوب بالعربية، كاتب شاب/كاتب مكرس لا أرى نفسي طرفا فيها.
*** بما أنك خريجة قسم الترجمة بجامعة الجزائر، نجد أن لك إصدارات في الرواية، القصة، والنقد، إلا أننا نرى أنك غير مكترثة بترجمة الأعمال الأدبية… لماذا؟
مبدئيا “غير مكترثة” صفة لا تشبهني إطلاقا. بل ربما لأنني أكترث جدا فأنا لا أقبل كل العروض التي تصلني والتي إن كانت لا تتوافق تماما مع أجندتي الفكرية، لا أرى نفسي مضطرة لترجمتها. أنا إن لم أعشق نصا ما لا أترجمه، والحقيقة أنني ربما لا أقع بسهولة في الحب. ومع ذلك فهذا السؤال بالتحديد لا ينبغي أن يوجه لأي مترجم بصفة فردية لأن الأعمال الأدبية تترجم غالبا في إطار مؤسساتي ترعاه مشاريع دولة أو مراكز بحث، ذلك لأن الترجمة الأدبية مثلها مثل الشعر لا تدخل سوى نادرا ضمن خرائط دور النشر بسبب تكلفتها العالية. وعليه فسؤالك هذا مهم لأنه قد يبدأ بطرح النقاش حول السياسة الثقافية للجزائر (إن كانت موجودة) بهذا الصدد، وقد يبدأ بتوجيه النقاش الثقافي في الجزائر حول مواضيع جادة بعيدا عن التهريج الدائر منذ مدة. ومع ذلك يمكنني أن أخبرك أن هناك عرض وصلني مؤخرا (من خارج الجزائر) أفكر جديا في الاكتراث له، والوقوع في غرامه…
*** لديك إصدار جديد موسوم “ثابت الظلمة” صادرة عن منشورات الشهاب… على ما أعتقد تقتحمين فيها بيئة الهقار… هل لنا أن نعرف أكثر تفاصيل عن الرواية؟
“ثابت الظلمة” رواية جديدة وقعتها في إطار لقاءات “راماج” لكاتبات إفريقيا والمتوسط في مطلع شهر سبتمبر وسعدت جدا بالصدى الفوري الذي قوبلت به، سواء من الصحافة أو القراء الذين سررت جدا بلقائهم في المكتبة الوطنية.
الرواية التي كنت قد بدأت العمل عليها منذ 2015، حاولت من خلالها مجددا الخوض في فكرة المسكوت عنه من خلال حبكة تعتمد على تقنيات رواية الثريلر التي يتوقعها مني القراء، حيث يتقاطع التخييل الروائي والحقائق العلمية، وحيث تتطور الشخصيات في سياق يمنح من التحديات الاجتماعية والسياسية الراهنة.
*** لظروف خاصة، تستقرين في ايطاليا، وكما يعرف الجميع أن الأدب الايطالي له مكانته في الساحة الأدبية العالمية… من هي الأسماء الايطالية التي تأثرت بها، وماذا قدمت لك ايطاليا، ولم تقدمه لك الجزائر؟
مبدئيا أنا لا أعيش في إيطاليا لظروف خاصة، بل هو خيار واعي لا تكتنفه أي حالة اضطرارية، كما أنني لا أعتقد أن أي كاتب يؤمن بأن الكتابة أسلوب حياة عليه أن يعيش ضمن فكرة “الظروف”.
وأنا بالمناسبة أتنقل كثيرا للجزائر، وعمليا أعيش في نفس الوقت بين البلدين. الجزائر تلهمني بشكل رهيب، وإيطاليا بلد مريح بالنسبة لي… أو ربما أريكة منزلي هناك بالتحديد أعتبرها حليفتي في الكتابة! عموما لا أعرف لمَ حمل سؤالك نبرة صدامية فيما يتعلق بما قدمته لي إيطاليا ولم تقدمه الجزائر.
حقيقة إن كان علي أن أكون مدينة لأي أحد بالنجاح الذي حققته فهو بالدرجة الأولى للقارئ ولكل الكتب التي قرأتها وصقلت أفكاري أيا كان مصدرها، أنا كائن مصنوع من الحرية ولا أحب أحاديث الحدود والغيتوهات سواء أتعلق الأمر بالأدب أو غيره…
*** كلمة أخيرة؟
في كل مرة يقترب فيها الصالون الدولي للكتاب بالجزائر أشعر بأنني أرغب بالخروج بتهنئة شعبية للجميع تشبه تماما مباركات العيد! أعتقد أننا صنعنا فعلا في الجزائر تقاليد احتفالية جميلة بهذا الحدث الثقافي الذي يستحق فعلا أن يتحول إلى عيد رسمي.
لذا وبهذه المناسبة السنوية البهيجة أتوجه لكل الشعب الجزائري بأصدق التهاني، وأقول للجميع كل “SILA” وأنتم بخير… كل يوم ونحن مغرمون بالكتب.