تطرح التغييرات المتتالية في بيت حزب جبهة التحرير الوطني تساؤلات على أكثر من صعيد. إذ أن المتابعين الأكثر تشاؤما يستبعدون أن تكون هذه التغييرات قد أتت عبثا دون أن تختفي وراءها ورقة طريق تحدد محتوى جديدا للحزب ومنهجية عمل مغايرة. وقد يذهب الأمر إلى استدعاء مؤتمر استثنائي جامع يؤسس لإجماع جديد يتجاوز التجاذبات التي وقع فيها منذ إسقاط عبد العزيز بلخادم في جانفي 2013.
وما يساعد على هذا الطرح أن هذه التغيرات التي يقال إن مصدرها رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة أنه لو كان الأمر يتعلق بتغيير بسيط وروتيني لما استدعى الأمر هيئة مسيرة لم ينص عليها القانون الأساسي للحزب. ولأن القانون الأساسي لا يمكنه أن يحتوي وينظم إلا المناضلين النظاميين المنخرطين في هيئات الحزب الوطنية والمحلية فقد وجب التفكير في عملية إعادة بناء جذرية تضاهي المؤتمر الجامع الذي عقده الحزب عام 2005 بعد انقسام الحزب إلى قسمين خلال انتخابات الرئاسة عام 2004.
وهذه العملية، في نظر أصحاب هذا الطرح، وقد أكدها بوشارب في الكلمة التي ألقاها أثناء تنصيبه أمس، من شأنها أن تعيد إلى البيت كافة القيادات والإطارات السابقة التي لم تجد ضالتها في الهيئات المنبثقة عن مؤتمر 2015. وهو ما تدعم مؤخرا من خلال تصريحات أدلى بها كل من عبد الرحمن بلعياط وعبد العزيز زياري عبرا فيها عن استعدادها للتعامل مع بوشارب والقيادة المؤقتة التي ستنبثق من هذا التغيير. فهل تكون رئاسة الحزب قد أصغت لنداء هذين الرجلين ومن ورائهما آخرين وأقدمت على تفعيل قرار تعيين بوشارب الذي بقي في الأدراج لما يقارب الأسبوعين؟
ويبدو أن الاتجاه الذي يحمله معاذ بوشارب ومن ورائه الرئيس بوتفليقة يريد أن يرسل جملة من الرسائل أولها تجاوز قاعدة الخليفة الأكبر سنا فلأول مرة يجد إطار شاب لا ينتمي لا إلى اللجنة المركزية ولا إلى المكتب السياسي نفسه يقود الحزب في مرحلة حساسة وحرجة وهو مدعو للتعامل مع مناضلين وإطارات من مختلف الأجيال من عبد الكريم عبادة وعبد الرحمن بلعياط ومحمد بوخالفة إلى فؤاد سبوتة ومحمد عماري وسعيد لخضاري وبهاء الدين طليبة وغيرهم.
ومن الرسائل التي أراد بوتفليقة إرسالها أنه لا يريد أن يذهب إلى رئاسيات 2019 هذه المرة بأفلان مشتت يسوده الشنآن إذ أن هناك إطارات كثيرة كانت مساندة له وظلت على ذلك لكنها وجدت نفسها على هامش هيئات الحزب منذ 2013 بسبب خلافات مع القيادات المسيرة وطريقة اعتلائها المنصة. وسبق لولد عباس أن عبر عن نيته عن فتح أبواب الحزب لكافة أعضائه دون إقصاء إلا أنه اصطدم بعقبات بعضها سياسي وبعضها الآخر تنظيمي إذ أن أغلب القيادات المهمشة لا عضوية لها في اللجنة المركزية للحزب المنبثقة عن مؤتمر 2015.
ويبدو أن هناك علاقة بين إعلان بوشارب أن الرئيس بوتفليقة سيعلن ترشحه في الوقت المناسب وبين هذه التغييرات وهو ما يرشح أن يتم الإعلان عن هذا الترشح بمناسبة انعقاد مؤتمر استثنائي للحزب يكون على الأرجح في جانفي القادم. ولأن الأبواب مفتوحة لإعادة ترتيب البيت فإن عودة بلخادم إلى الأمانة العامة للحزب واردة في ظل الردة المعلنة على المسار الذي أخذه الحزب منذ أوت 2013.
احسن خلاص
دعا إلى لم شمل أبناء الأفلان وفتح صفحة جديدة:
الوسومmain_post