*خسائر مزايا اتفاقيات الشراكة والتجارة الحرة فاقت 270 مليون دولار
*مشاريع حبيسة الأدراج منذ 20 سنة عن إطلاقها !
*الدين الداخلي العمومي تجاوز 28.5 مليار دولار نهاية 2016
يكشف تقرير المحاسبة التقييمي حول المشروع التمهيدي لقانون الميزانية لسنة 2016 ، عن عدة اختلالات في تسيير المشاريع وتأطيرها وتسيير المال العام و ضبط الموازنات ووضعية المالية العامة أيضا، حيث اظهر التقرير أرقام رهيبة عن قيمة الإعفاءات الجبائية الممنوحة من طرف الإدارة الجمركية خلال لسنة 2016 حيث بلغت 11 مليون دولار، في وقت كشف على ان خسارة الجزائر جراء الإعفاءات الممنوحة في إطار تطبيق اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تقدر بحوالي 270 مليون دولار، فيما ارتفعت قيمة الدين الداخلي الى 3408 مليار دينار أو ما يعادل 28.5 مليار دولار، في وقت كشف التقرير كذاته عن وجود مشاريع لم تجسد بعد إطلاقها ب 10 إلى 20 سنة.
وتضمن تقرير مجلس المحاسبة الذي تم إعداده طبقا للمادة 18 من الأمر رقم 95-20 المؤرخ في 17 جويلية 1995 المعدل و المتمم، المتعلق بمجلس المحاسبة، الكثير من الملاحظات و التقديرات عن النقائص و الاختلالات المسجلة في تسيير المشاريع و تأطيرها و تسيير المال العام ، حيث ذكر ان قيمة الإعفاءات الجبائية الممنوحة من طرف الإدارة الجمركية خلال لسنة 2016 قد تجاوزت وحدها مبلغ 496,021 مليار دينار ، أي ما يعادل 11 مليون دولار، استفادت منها مجموعة من رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الكبرى، ، في الوقت الذي بلغت فيه قيمة المزايا الممنوحة للمستثمرين من أرباب المؤسسات ،من طرف الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار “ANDI” ، ما يقارب 119 مليار دينار.
بالمقابل، ارتفعت تكلفة الإعفاءات الجبائية الممنوحة من طرف الإدارة الجمركية لسنة 2016، مقارنة مع 2015، حسب التقرير التقييمي لمجلس المحاسبة ومشروع تسوية الميزانية لسنة 2016 ، بما معدله 2,83 بالمائة، ما يمثل زيادة ب 13,65 مليار دينار ، لتصل إلى 496,021 مليار دينار، منها 236,332 مليار دينار متعلقة بإعفاءات الرسم على القيمة المضافة عند الاستيراد و 259,689 مليار دينار تخص الحقوق الجمركية.
وفي الإطار ذاته، شدد المجلس بعد معاينته لسلسلة الاختلالات المستمرة في تسيير المال العام على ضرورة متابعة قرارات الامتيازات الممنوحة من طرف مصالح إدارة الضرائب، لا سيما عدم احترام أصحاب المشاريع الاستثمارية للالتزامات التي يتعهدون بها سواء خلال مرحلة الانجاز أو في مرحلة الاستغلال.
خسائر مزايا اتفاقيات الشراكة والتجارة الحرة فاقت 270 مليون دولار
و في السياق، كشف تقرير مجلس المحاسبة، عن خسارة الجزائر ،جراء الإعفاءات الممنوح، في إطار تطبيق اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في الفترة الممتدة بين 2014 إلى غاية 2016، ما قيمته 176 مليار دينار، ما يعادل 270 مليون دولار. كما خسرت الخزينة العمومية، أيضا، في منحها لإعفاءات جمركية تخص منطقة التبادل مع الدول العربية في إطار اتفاق المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحرGZALE، ما قيمته 24,21 مليار دينار.. و قدرت المزايا الممنوحة في إطار الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بمجموع 118.950 مليار دينار
و ارتفعت تكلفة الإعفاءات الجبائية الممنوحة من طرف الإدارة الجمركية لسنة 2016 قياسا مع سنة 2015،بمعدل 2.83 في المائة بنسبة نمو قيمته 13.65 مليار دينار ،لتصل إلى 496.021 مليار دينار ،منها 236.332 مليار دينار متعلقة بإعفاءات الرسم على القيمة المضافة TVA عند الاستيراد و 259.689 مليار دينار تخص الحقوق الجمركية ،و بحساب السنوات الثلاث 2014 و 2015 و 2016 ،فان قيمة المزايا الجبائية الممنوحة على مستوى الإدارة الجمركية بلغت 1382 مليار دينار أو ما يعادل 11.62 مليار دولار .
مشاريع حبيسة الأدراج منذ 20 سنة عن إطلاقها!
في نفس السياق، وجه مجلس انتقادات لعديد من الوزارات لقصورها في ضبط و تنفيذ مشاريع التجهيز و تجسيد المشاريع الهيكلية بسبب عدم نضجها ، حيث أشار إلى انه قد ترتب عن ذلك تسجيل إعادة تقييم دورية للمئات من المشاريع ،فضلا عن تأخر انجاز أخرى و عدم تجسيد مشاريع متصلة بالهياكل و المنشآت،و هو ما ينجر عنه خسائر على العديد من المستويات.
وأشار تقرير مجلس المحاسبة إلى جملة النقائص المتعلقة بتسجيل عمليات التجهيز و النقص في نضج الدراسات المسبقة المفصلة للمشاريع و التي تساهم فغي إبراز عدة اختلالات، من بينها تسجيل عدد كبير من العمليات التي لم تخضع للتقييم بما فيه الكفاية و تأخير في إطلاق المشاريع و التأجيلات المتكررة في آجال الانجاز، وإعادة تقييم لعدد كبير من رخص البرامج ،إضافة إلى تجميد و التخلي عن عدة مشاريع استثمارية.
وأكد التقرير أن نقص نضج عمليات التجهيز ارتفع على مستوى وزارات الصناعة و المناجم و الشباب و الرياضة والموارد المائية و السكن والعمران والمدينة و الفلاحة و التنمية الريفية و الصيد البحري ،و كذلك على مستوى المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج ،التابعة لوزارة العدل مع تجسيد بعض العمليات في عجلة في غياب دراسات مسبقة ومسودات الدراسات المفصلة التي يمكن الاعتماد عليها والتي تتيح تحديد الاحتياجات و المواصفات التقنية للأشغال وعمليات التجهيز المقررة. وذكر التقرير من بين الأمثلة الواقعية مشروع تهيئة وتجهيز مخبر الرقابة ضد المنشطات المسجل في سنة2006 برخصة برنامج 410 مليون دينار، والذي لم يكتمل بعد في 2018 ،مما أدى إلى الاستعانة بالمخابر الأجنبية لاسيما أثناء المناسبات الرياضية مثل الألعاب الإفريقية التاسعة التي بلغت تكلفة كشف المنشطات 49 ألف أورو لفائدة مخبر أجنبي.
وأحصى المجلس 74 عملية متوقفة عن الانجاز بعد الانطلاق لأسباب متنوعة و قدر رخصة البرنامج 13.8 مليار دينار منها 71 عملية مسجلة ،كما أن قطاع الأشغال العمومية رغم توفره على مخطط توجيهي قطاعي يمتد إلى سنة 2025 وعلى إستراتيجية السياسة الحكومية الذي يتوقف عليه تنفيذ المخططات الإستراتيجية، بحيث يحدد الأهداف المزمع تحقيقها مع تحديد المسؤوليات والجدول الزمني لتنفيذ كل جزء منه و مع ذلك لم يسلم من نفس الظاهرة .
ولاحظ التقرير أن عددا معتبرا من عمليات التجهيز لم يشرع فيها، على الرغم من أهميتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للقطاعات المعنية كما تم تسجيل تأخر كبير في الانطلاق مقارنة بالآجال، حيث ذكر التقرير مشروع إعادة تهيئة مبنى “موريتانيا ” بالنسبة للمديرية العامة للضرائب و لمسجلة منذ 7 جوان 2005 بمبلغ 501 مليون دينار و التي سجلت تعثرا في انطلاق أشغال التهيئة ،في وقت بلغ عدد المشاريع غير المنطلقة بالنسبة لوزارة الشباب و الرياضة 1145 مشروعا برخص إجمالية قدرها 131.450 مليار دينار،و التي تشمل 222 مشروع خاص بالفضاءات الرياضية الجوارية ومشاريع تجهيز الملاعب ،فيما يقدر عدد العمليات غير المنطلقة في وزارة الثقافة إلى نهاية 2016 نحو 295 عملية قطاعية ،بينما تم إحصاء ثلاث عمليات لوزارة العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي يعود تاريخ تسجيلها الى سنوات 2006 و 2009 لم يشرع في تنفيذها و هي مجمدة حاليا و يضاف الى ذلك، الديون المقيدة على الوزارات بعنوان ميزانية التجهيز التي لا تزال على عاتق الوزارات .
وعلى صعيد متصل، سجل مجلس المحاسبة عددا معتبرا من التأخيرات في إنجاز واستكمال المشاريع الاستثمارية مع ما يترتب من عواقب على تكاليف عمليات التجهيز إضافة إلى آجال تسليم المشاريع و التجهيزات العمومية على غرار التأخر المعتبر المسجل على مستوى المديرية العامة للمحاسبة بوزارة المالية فيما يتعلق بانجاز المدرسة الوطنية للخزينة و التي تهدف الى تكوين ورسكلة مستخدمي المديرية العامة للمحاسبة، و أدى التأخر إلى اللجوء إلى المدرسة الوطنية للضرائب كما سجل أيضا التأخير في إنهاء النظام المعلوماتي المحاسبي لتسيير المؤسسات الاستشفائية وقد كان من المقرر تعميمه على 300 مؤسسة الا أنه ما زال عالقا.،كما بلغ عدد المشاريع قيد الانجاز المسجلة في اطار جميع برامج التجهيز الى نهاية ديسمبر 2016، نحو 1846 مشروعا برخص برامج نهائية قدرت ب 227.720 مليار دينار، بينما بلغت الانجازات أقل من الثلث أو نسبة 27.13 في المائة .
إعادة التقييم تضاعف قيمة المشاريع مرات عديدة
و من بين الجوانب الأخرى المتصلة باختلالات عمليات التجهيز و الاستثمار تلك المتعلقة بإعادة تقييم المشاريع ،حيث اعتبر التقرير أن عدم كفاية نضج عمليات التجهيز العمومي و التأخيرات في وضع حيز التنفيذ انعكستا على هيكلة تكاليف عمليات التجهيز و مواصفات المشاريع المتوقعة من طرف الوزارات ،حيث أشار مجلس المحاسبة إلى أن غالبية رخص البرامج تعرضت لتعديلات مهمة و متكررة خلال مراحل انجاز المشروع و أحيانا قبل الانطلاق في التنفيذ ،هذه التعديلات مست تكاليف،الهيكلة المادية للأشغال ،آجال الانجاز و حتى بنية المشاريع، و ساهم التأخير في انجاز المشاريع الاستثمارية و التجهيزات العمومية ذات الصلة في إعادة تقييم سنتي 2003 و 2010 ،و عرف البرنامج التكميلي لدعم النمو أربعة عمليات إعادة هيكلة مالية بالنسبة لوزارة الخارجية ،و بالنسبة لوزارة العدل، عرفت رخص البرامج الأولية بالنسبة لإدارة السجون زيادة معتبرة قدرت بخمس مرات ،حيث ارتفعت من 37.228 مليار دينار إلى 196.740 مليار دينار ، فيما سجلت وزارة الأشغال العمومية إعادة تقييم ست 06 عمليات ،كلفت ميزانية الدولة 12.093 مليار دينار إضافية، حيث تم إعادة بعض المشاريع إلى ثلاثة أضعاف بل هناك من العمليات من أعيد تقييمها بعد إتمام الأشغال، مع تسجيل أن بعض العمليات مسجلة منذ 23 سنة ،بينما سجلت وزارة التعليم العالمي إعادة تقييم بالزيادة ل 13 عملية تجهيز حيث ارتفعت رخص البرامج من 6.284 مليار دينار إلى 6.464 مليار دينار بزيادة 2.86 في المائة و تم إعادة هيكلة 81 عملية تجهيز منها 50 عملية في إطار برنامج دعم النمو الاقتصادي و 29 عملية في إطار البرنامج التكميلي لدعم الإنعاش.
الدين الداخلي العمومي تجاوز 28.5 مليار دولار نهاية 2016
عرف الدين العمومي ارتفاعا متواصلا ،حسب تقدير مجلس المحاسبة، مع تجاوزه لسقف 28.5 مليار دولار أو 3408 مليار دينار إلى غاية نهاية سنة 2016 ،و سجل المجلس عدة اختلالات ونقائص في مجال تقييد عدد من العمليات التي تدخل في حساب الدين العام والمتصلة بالمؤسسات أو الهيئات.
وكشف تقرير مجلس المحاسبة بشأن القسم الخاصة بالمبالغ المعبأة والتسديدات المرتبطة بدين الدولة و التي تتضمن استحقاقات الاقتراض و الخسائر و الفوائد و الافتراضات المعبأة و العمليات المرتبطة بالدين الداخلي أن مساهمة هذا القسم في مجال وسائل الدفع في سنة 2016 كانت سلبية بما يعادل 2.083 مليار دينار أو ما يعادل 17.42 مليار دولار ،و شملت أهم المبالغ قيم الخزينة على الحساب الجاري ب 543.7 مليار دينار و سندات القرض الوطني للنمو الاقتصادي ب 557.9 مليار دينار و قيم الاكتتاب الخاص بشركة سوناطراك ب 904.2 مليار دينار .
وتم تسجيل عدد من النقائص في مجال المحاسبة المتعلقة باكتتاب قيم الخزينة لفائدة شركة سوناطراك ،حيث أشار التقرير إلى أن المديرية العامة للخزينة قامت بتوجيه أوامر بدفع الفوائد رقم 1358 و 1359 و 1360 و 1361 المؤرخة في 29 جوان 2016، بمبلغ إجمالي بلغ قرابة 30 مليار دينار لفائدة شركة سوناطراك ، لكن الأوامر لم تكن مرفقة برسالة أو قرار، وبعد التحري تبين عدم تسجيل أي عملية اكتتاب أو تعويض باسم سوناطراك ،كما تم تسجيل بطلب من المدير العام للخزينة قيام الوكالة المحاسبية المركزية للخزينة بالتقييد المحاسبي لاكتتاب سندات خزينة لفائدة سوناطراك بمبلغ فاق 904 مليار دينار وهي تمثل فارق السعر عند استيراد الوقود بعنوان سنوات 2012.2013.2014، لكن العملية لم تكن مقيدة على مستوى بنك الجزائر ، واستخلص مجلس المحاسبة من أن العملية لم ينتج عنها أي مداخيل نقدية للخزينة مثلما تنص عليه أحكام المادة 02 من قانون المالية 1992 و هي بالتالي تعطي وضعية مالية غير صحيحة .
وبغض النظر عن الاختلالات المسجلة، فان قيمة الدين الداخلي يعرف ارتفاعا معتبرا ، حيث قدر ب 3408 مليار دينار أو ما يعادل 28.5 مليار دولار .
وتواجه الحكومة، تبعا للمؤشرات الاقتصادية والأرقام الرسمية، ارتفاع مستوى الدين الداخلي المتراكم في السنوات الأخيرة، الذي من شأنه أن يمتص أي زيادات محتملة في عائدات مداخيل النفط، في وقت تسجل الحكومة عجزا في الموازنة يقدر بـنحو 12 مليار دولار سنويا، يضاف إليه عجز الخزينة العمومية سنويا، بحكم وجود أكثر من 35 مليار دولار دينا محليا، يجب أن تتم تغطية نصفه على الأقل بإجراءات غير تقليدية.
ورغم تواضع مستواه، إلا أن الدين الخارجي البالغ 4 مليار دولار حاليا يعرف نموا متصاعدا بالتدريج وقد أشار تقرير مجلس المحاسبة إلى إحصاء 126.60 مليار دينار مقابل قيمة 1.142 مليار دولار أمريكي طبقا للمعدل المحسوب إلى غاية نهاية 2016 كدين خارجي .
و يشكل الدين الداخلي أهم حصة من الدين العام المشكل من مبلغ 1546.60 مليار دينار كدين السوق و1860.70 مليار دينار يمثل ديون التطهير ،منها تطهير المؤسسات و البنوك ، وتتضمن ديون التطهير أساسا ديون المؤسسات العمومية المنحلة ، وشراء ديون الفلاحين وسندات إعادة رسملة البنوك العمومية .
أما بالنسبة للدين الخارجي الجزائري، فهو يتكون من 104.121.05 مليون دينار دين للبنك الإفريقي للتنمية ما يعادل 941.31 مليون دولار و 903.35 مليون دينار كدين لدولة كندا ما يعادل 8.17 مليون دولار أمريكي ، ثم 9.618.70 مليون دينار كديون لدولة فرنسا ما يعادل 86.96 مليون دولار ،مقابل 6.196.52 مليون دينار كدين للمملكة العربية السعودية ما يعادل 56.02 مليون دولار، وبعدها 842.93 مليون دينار كدين للإمارات العربية المتحدة ما يعادل 7.63 مليون دولار و 1.030.77 مليون دينار كدين لدولة اليابان ما يعادل 9.32 مليون دولار و 3.631.29 مليون دينار كدين لدولة بلجيكا ما يعادل 32.82 مليون دولار .
عمر حمادي