شارفت سنة 2018 على نهايتها دون أن تحمل الجديد للجزائريين في الشق الاقتصادي، فكل من المواطن والحكومة ظلا يتوجسان من المستقبل الغامض لسوق النفط، دون أن تكون هناك نتائج فعلية على ارض الواقع تخرج الجزائر من تبعيتها للريع النفطي، فتداعيات انهيار أسعار النفط كانت ظاهرة على المستوى المعيشي للطبقة الشعبية، بعد أن زادت القدرة الشرائية للمواطن الى الضعف خلال 2018 نتيجة ارتفاع نسبة التضخم وانخفاض قيمة الدينار، وهي ظروف دفعت رئاسة الجمهورية لاعطاء ضمانات بعدم المساس بالطبقات الهشة عبر إلغاء عدة قرارات اتخذتها الوزارة الأولى لرفع الاسعار مخافة من تأجيج الجبهة الاجتماعية.
فتح رأسمال المؤسسات العمومية يتم بموافقة من رئيس الجمهورية…
كانت بداية 2018 ساخنة بعد الجدل الذي أثير حول الاجتماع الذي عقده الوزير الأول احمد أويحي مع رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد والأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين، والذي تم فيه الموافقة على قرار فتح رأسمال المؤسسات العمومية أمام الاستثمار الخاص، الأمر الذي فتح الباب للتأويلات والمضاربات بشان مستقبل المؤسسات العمومية، حيث ذهبت العديد من القراءات والتحليلات إلى أن الحكومة تريد بيع مؤسسات حساسة لرجال الأعمال من ضمنهم علي حداد، ما حرك الأمين العام السابق لحزب الآفلان جمال ولد عباس الذي عبر صراحة عن رفضه لخصخصة المؤسسات العمومية، بعدما استدعى الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين سيدي السعيد، ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات قبل أسبوعين، وأبلغهما معارضة حزبه لخصخصة المؤسسات العمومية، وخاصة المؤسسات الحيوية، هذه الخطوة كانت القطرة التي أفاضت الكأس، وهو ما استدعى تدخل رئاسة الجمهورية لوضع حد لكل التأويلات التي طفت على السطح، حيث كشفت الرئاسة في رسالة موجهة مباشرة للوزير الأول انه يمنع خصخصة أية مؤسسة حكومية أو فتح رأس مالها إلا بموافقة من رئيس الجمهورية، لتلغي هذه الرسالة كل التوافقات أو الاتفاقات المبرمة التي تخص فتح رأس مال أية مؤسسة عمومية، وهي خطوة فتحت باب آخر من التأويلات حول حقيقة اضطراب العلاقة بين الرئاسة والوزير الأول.
اقتراحات أويحي تسقط في الماء مرة أخرى…
لم تمر بضع شهور عن الضجة التي أحدثتها رغبة اويحيي بخوصصة المؤسسات العمومية حتى عادت الشائعات لتلاحق الوزير الأول حول حقيقة علاقته برئيس الجمهورية، وذلك بسبب رفض اقتراحاته التي قدمها بموجب قانون المالية التكميلي والتي تخص فرض زيادات في كلفة الخدمات مقابل وثائق الهوية البيومترية، حيث كان رد الرئاسة حازما بعدما ألغى رئيس الجمهورية كل الاقتراحات التي أعدها أحمد أويحيى ودافع عنها وخاض معارك إعلامية ضد خصوم انتقدوها، وذلك بعدما ثارت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت خطوة الرئاسة بالنسبة لمحللين صفعة أخرى للوزير الأول الذي حاول الدفاع عن خياراته بإقرار زيادات على استخراج بطاقة هوية أو تجديدها ورخص قيادة السيارات وجوازات السفر، سيما وانه استبق قرار بنشره بياناً في موقع الوزارة الأولى، يفصّل الزيادات ويدافع عنها بقوة، واصفاً من انتقدوها بـأصحاب “التسريبات المنظمة التي أدت إلى تغذية الـمضاربة والإدلاء بمعلومات كاذبة أحياناً في شأن التسعيرات الجديدة لاستصدار الوثائق إلكترونياً”.
طبع الاموال يثقل كاهل الطبقات الهشة
بالمقابل، رفعت الأموال التي تم طبعها خلال سنة 2018 في اطار عملية التمويل غير التقليدي والمقدرة 4.005 مليار دينار، من حجم المخاوف من تأثر القدرة الشرائية للمواطن، حيث بدات تظهر اثارها في نسبة التضخم التي بدات ترتفع شيئا فشيئا خلال الثلث الاخير من 2018، ورغم ان التبريرات التي قدمتها الحكومة حول ظروف طبع النقود واعتبار ان اللجوء الى هذا الخيار سيسمح من تغطية طلبات التمويل للخزينة العمومية وتمويل مستحقات الدين الداخلي، خصوصا الديون المترتبة عن سندات القرض الوطني للنمو الذي تم اطلاقه في 2016 والسندات الصادرة في مقابل إعادة شراء ديون سونلغاز وتلك الصادرة لصالح سوناطراك لتعويض الفارق في أسعار الوقود المستورد والمياه المحلاة، الا ان كثير من المحللين اعتبر قرار اللجوء للتمويل غير التقليدي خيارا سليبيا سيتحمل تبعاته المواطن الذي ستتاثر قدرته الشرائية كثيرا.