• الأسبوع القادم سيكون حاسما لمستقبل الرئاسيات
كيف تقيمون بوادر الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد إعلان ترشح بعض الأسماء المحسوبة على منافسة مرشح الإجماع كالجنرال المتقاعد غديري وعلي بن فليس وعبد الرزاق مقري؟
هناك ضبابية مكثفة تحوم حول هذه الانتخابات الرئاسية “المهمة” في مسار الجزائر، بما أنه لحد اللحظة لا توجد نظرة شاملة حول الأسماء التي أعلنت ترشحها للسباق الرئاسي. ما يمكن قوله أن الساحة في حالة تربص وبحث عن الرئيس القادم في 2019 والكل دخل في نقاش التأويلات، خاصة بعد الحديث المطول حول تأجيل الانتخابات رغم عدم دستورية الأمر.. وهو الأمر الذي انتهى بمجرد استدعاء رئيس الجمهورية للهيئة الناخبة. أعتقد بأن الساحة حاليا خالية من تلك الشخصية الوطنية القادرة على تحقيق الإجماع حولها لخوض غمار الرئاسيات، بما فيها الشخصيات المذكورة في السؤال حيث تبقى فاقدة للتكتل ولعب دورها كاملا.
لحد اللحظة لم يعلن الرئيس بوتفليقة ترشحه لولاية جديدة رغم إلحاح قوى التحالف الرئاسي التي تدعوه للترشح، هل ترى سيناريو 2014 سيتكرر في 2019 ؟؟
أكيد، من صالح الرئيس بوتفليقة إعادة سيناريو 2014 هذه المرة في 2019، لكن شخصيا لا أعتقد أن الرئيس بوتفليقة سيترشح لعهدة خامسة في الدقيقة الأخيرة من إعلان الترشح قانونيا، حيث أرجح أن تكون محاولات في الأيام القليلة المقبلة للاتفاق بين قوى داخل السلطة مع أحزاب الموالاة والمعارضة والالتفاف حول شخصية تحظى بالتأييد.
ألم يعد لوقت لم يعد في صالح هذه الأطراف بما أننا على بعد ثلاثة أشهر عن الرئاسيات ؟
مدة ثلاثة أشهر كافية للترويج لشخصية توافقية، ثم أن حديث الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس بأن الرئيس المقبل للجزائر “في رأسه” دليل على أن هناك رئيس لم يتم الإفصاح عنه وهو دائما موجود رغم رحيل ولد عباس عن “الأفالان”، أعتقد أن الأسبوع المقبل سيكون حاسما.
بعد “السوسبانس” حول تأجيل الانتخابات الرئاسية قرر الرئيس بوتفليقة استدعاء الهيئة الناخبة، والآن الجميع ينتظر ترشح الرئيس.. هل برأيكم نتجه إلى انتخابات مفتوحة سواء بترشح بوتفليقة من عدمه؟
إذا كنتم تقصدون أن الانتخابات المفتوحة هي التي تسمح بتوزيع نفس الحظوظ على جميع المترشحين وتوفير الضمانات اللازمة والشفافية فأنا متيقن أنها ستكون مفتوحة، حتى إذا ترشح الرئيس بوتفليقة، ولكني في نفس الوقت أستبعد ترشحه لعهدة خامسة، لسبب بسيط هو أن الجزائر في حاجة إلى نفس ودم جديدين إضافة إلى أنه بدأت تتضح بعض الملامح حول عهد جديد بتغيير الأمين العام لجبهة التحرير الوطني ولد عباس وتقديم معاذ بوشارب الذي ربما سيؤدي دورا في المرحلة المقبلة، ولم لا سيصنع “المفاجأة”.
هناك رؤساء حكومات سابقون على غرار مولود حمروش وسيد احمد غزالي وبن بيتور يشخصون أزمة سياسية وهم من رجالات النظام السابقين.. أليس هذا اعترافا منطقيا بفشل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية؟
أكيد هناك فشل في بناء الدولة الديمقراطية، لكن هذه الشخصيات كانت في مطبخ النظام وتنفست هواءه لسنوات طويلة ولعبت دورها داخل مؤسسات الدولة وفي ذلك الوقت لم يكن لديها الشجاعة الكاملة لطرح أفكارها الإصلاحية لإنقاذ الجزائر. يمكنني القول أن هذه الشخصيات وأخرى من المسؤولين السابقين كالوزير السابق علي بن واري ممن يتكلمون اليوم برؤية معارضة لا يستطيعون قيادة الجزائر في المرحلة القادمة.
يوجد انقسام في صفوف المعارضة بخصوص التعامل مع الرئاسيات، بين مشارك كـ”حمس” التي تنوي تقديم رئيسها مقري وقوى مقاطعة كـ”الأفافاس” و”الأرسيدي” وحركة مواطنة.. هل سيخدم السلطة انقسام المعارضة بخصوص موعد 2019 ؟
لا توجد منافسة بين الموالاة والمعارضة حول الرئاسيات، حتى في الحزب الواحد كنا نعيش ممارسة ديمقراطية افتقدناها اليوم، وسبق لي أن اقترحت في مختلف تدخلاتي بأنه إذا أراد هذا النظام الذي يسير الجزائر لعهدات متتالية نقلة نوعية نحو ديمقراطية حقيقية فعليه إعادة النظر في قانون الانتخابات لاختيار نمط انتخابي صالح للجزائريين، نحن لم نصل إلى إصلاح توافقي لنمط الانتخابات الرئاسية الجزائرية، فلنذهب إلى انتخابات تلعب في دورين حيث نمتكن في الدور الأول من منح الفرص للجميع للتنافس الشديد ثم نلتقي في الدور الثاني بين شخصيتين قويتين.
أنت أحد العارفين بالعلاقات الجزائرية الفرنسية.. هل تهتم الحكومة الفرنسية بالاستحقاق الرئاسي لـ18 أفريل 2019 ؟
أكيد فرنسا مهتمة منذ الاستقلال بالجزائر وكذلك العديد من الدول الأوروبية كإسبانيا وإيطاليا، لأنهم متخوفون من عدم استقرار المنطقة وخاصة الجزائر التي يخشون من تكرار سيناريو التسعينات، وكل تخوفاتهم متوقفة حول أزمة الهجرة غير الشرعية التي لم يستطيعوا بإمكانياتهم التكفل بها. جزائر غير مستقرة لا تخدم لا فرنسا ولا غيرها وأي عدم استقرار من شأنه صب المزيد من المهاجرين غير الشرعيين الذين سيصلون بالآلاف أو مئات الآلاف من الضفة الجنوبية نحو الشمال.
وكيف تهتم إدارة الرئيس ماكرون بالوضع السياسي بالجزائر ؟
لم تتوقف الحكومة الفرنسية يوما من الاهتمام بالجزائر، الرئيس الفرنسي ماكرون زار الجزائر وكانت من بين أولى الدول التي زارها وتسربت معلومات على زيارة ثانية السنة الماضية 2018 لكنها ألغيت. ولكن الاجتماعات الوزارية والحكومية المختلطة تواصلت بصورة عادية. فرنسا لا تتدخل مباشرة في الشأن الجزائري احتراما للأعراف الدبلوماسية لكنها يمكن أن تدعم مرشح على حساب آخر وأعتقد أن أي مرشح من طرف بوتفليقة يخلفه سيحظى بقبول فرنسي.
الرئيس بوتفليقة شخصيا عندما كان مترشحا في 1999 قال لصحفيين فرنسيين بأنه إذا دعمته باريس ستكون شريك اقتصادي مهم للجزائر بعد صعوده كرئيس للجمهورية، ومن الجهة الفرنسية الكل يتذكر قدوم المترشح إيمانويل ماكرون إلى الجزائر وقبله عمل كل الرؤساء الفرنسيون من ميتيران إلى شيراك ثم ساركوزي وهولاند على البحث عن دعم الجزائر والجزائريين من مزدوجي الجنسية للوصول للحكم وهم الذين أمالوا الكفة في كل مرة لصالح الرؤساء الفرنسيين.
وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين أكد في ندوة حول “الحرقة” أن “الفايسبوك” وأغاني الملاعب هي السبب المحرك للهجرة غير الشرعية التي تمس الشباب الجزائري.. هل من المعقول الوثوق بهذا الاستنتاج لظاهرة اجتماعية خطيرة ؟
اقترحت حلولا جذرية منذ 20 سنة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تفتك بالمجتمع الجزائري، وسبق لي أن التقيت وزير التضامن السابق جمال ولد عباس قبل سنوات في باريس وتحدثنا حول هذه الظاهرة التي استنزفننا في شبابنا.
للأسف لم أحضر هذه الندوة التي نظمتها وزارة الداخلية بحيث لم أتلقى استدعاء للحضور لكن لن أقلل من قيمة الملتقى بالنظر إلى فتحه النقاش مع الخبراء، لكن أقترح من جهتي تنظيم اجتماع حكومي لمعالجة ظاهرة “الحرقة” لأن الأمر يستلزم تدخل جميع قطاعات الدولة.
حاوره: إسلام كعبش