شكل وضع القطاع الخاص في الجزائر موضوع ندوة نظمها، أمس، مكتب الجزائر للمؤسسة الألمانية كونراد أدناور. اللقاء الذي دعي إليه خبراء وباحثون وأساتذة جامعيون أثار قصة نشأة وتطور القطاع الخاص في الجزائر منذ 1966 إلى يومنا هذا ومساهمته في التنمية الوطنية إلى جانب المحيط الاقتصادي الكلي والمؤسساتي الذي تطور فيه.
وفي هذا الصدد تطرق مدير البحث بمركز البحث الاقتصادي التطبيقي للتنمية عبدو عبد الرحمن إلى الخصخصة الاقتصادية بشكل عام وإلى مكانة المقاولاتية الخاصة في هذا السياق. وذكر أن هناك أبحاثا قليلة جرت حول القطاع الخاص في عهد التسيير الاشتراكي منها بحت المرحوم جيلالي اليابس أظهرت المكانة الهامشية التي كان يحتلها القطاع الخاص قبل بداية القرن الحالي مع أن التشريع الخاص بضبط القطاع الخاص في الجزائر يعود إلى عام 1966 أمام هيمنة مفرطة للقطاع العام. ولم يشرع في التخلص من هذه الهيمنة إلا مع بداية النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي ضمن برنامج التعديل الهيكلي الذي فرضه الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي من أجل إعادة جدولة الديون الجزائرية.
وأمام موجة حل المؤسسات المتوسطة والصغيرة التابعة للدولة لاسيما المؤسسات المحلية لجأت الحكومة منتصف التسعينيات إلى خلق أجهزة جديدة هدفه امتصاص البطالة فكان إنشاء الوكالة الوطنية للتشغيل عام 1996 والصندوق الوطني للتأمين على البطالة وصندوق دعم الشباب لكن هدفها اجتماعي قبل أن يكون اقتصاديا بعد الإصلاحات التي أدخلت على سوق العمل بحيث أدخلت ما يسمى الإيقاف عن العمل لأسباب اقتصادية.
إلا أن التوجه إلى دعم الاستثمار الخاص كسياسة اقتصادية انطلق في بداية الألفينية مع إنشاء آليات جديدة منها الوكالة الوطنية لتنمية الاستثمار التي عوضت الوكالة الوطنية لترقية ودعم الاستثمار وقد ظهرت في عام 2001 نسخة جديدة من قانون الاستثمار ونسخة أخرى من قانون المجمعات الاقتصادية العمومية إلى جانب إنشاء وزارة المؤسسات المتوسطة والصغيرة والقانون الخاص بها.
وعن الوضعية والمكانة التي يتواجد فيها القطاع الخاص الآن ذكر المتحدث أن المؤسسات المتوسطة والصغير تشكل اليوم 90 بالمائة من مجموع قطاعات النشاط الاقتصادي غير أن معدل اندماجها لا يتعدى 10 إلى 15 بالمائة بينما لا تتعدى نسبة مشاركتها في النمو خارج قطاع المحروقات 5 إلى 6 بالمائة بينما يعيش القطاع بنسبة 80 بالمائة على النفقات العمومية وقد تدعمت هذه التبعية باشتراط قانون الصفقات العمومية أولوية المستثمر الجزائري على المستثمر الأجنبي
أما الوسائل التي يستغلها القطاع الخاص الذي يحتل جل قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة فهي ذات مستوى متوسط من التكنولوجيا والمناجمنت مما يجعلها أقل تنافسية في حين يعيش ما يقارب 35 بالمائة منها في ظل السوق الموازية. ويحتوي النسيج الاقتصادي على أكثر من 1 مليون 93 ألف مؤسسة متوسط وصغيرة منها 54 بالمائة مؤسسات اعتبارية و 44 بالمائة أشخاص طبيعيون ويشغل القطاع حوالي 2 مليون بمعدل منصب عمل ونصف لكل مؤسسة. ويحتوي القطاع الخاص جل المؤسسات المتوسطة والصغيرة بحيث لم يبق منها في القطاع العمومي عام 2018 إلا 260 مؤسسة فقط.
وسجل الباحث عبدو أن المؤسسات المتوسطة والصغيرة تشهد في الأعوام الأخير معدل وفيات مخيف حيث من مجموع 9 مؤسسات تنشأ يوميا يموت منها ما يقرب من 7 مؤسسات فبالإضافة إلى العوائق البيروقراطية وعدم مساير القطاع المالي لمبادرات إنشاء المؤسسات يعترض نجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التوجه الحاد والمفرط إلى الاستيراد.
ومن جانبه تطرق الأستاذ حمزة بن قرينة من جامعة ورقلة إلى العوائق التي تقف أمام تطور القطاع الخاص فإلى جانب المشكلات التي طرحت أضاف إليها غياب الثقافة المقاولاتية والابتعاد عن الاستعانة بالخبرة الحديثة عند جل المقاولين في حين تطرقت السيدة كاهنة وهي باحثة بمركز البحث الاقتصادي من أجل التنمية إلى دور المرأة في تنمية القطاع الخاص وأشارت إلى أن من بين العوائق عدم تمكن المرأة الجزائرية لاسيما في الأوساط الريفية من حق التملك والإرث إضافة إلى تعرضها للتحرش والمضايقة.
احسن خلاص