سقط اسم نائب الوزير الأول وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة من طاقم حكومة نور الدين بدوي التي أعلنت عليها رئاسة الجمهورية، وهذا بعد 20 يوما من تعيينه وحيدا كوزير للخارجية، ما دفع البعض للتساؤل حول خيار السلطة في ذلك، ليتم تنحيته اليوم، بعد موجة من الانتقادات التي تعرض لها إثر الجولة الخارجية التي قام بها من روما إلى موسكو ثم برلين لترويج خطة بوتفليقة المتمثلة في “الندوة الوطنية” التي أسقطها الحراك بالضربة القاضية.
تفاجأ الجزائريون بتنحية وزير الخارجية رمطان لعمامرة، من حكومة تصريف الأعمال، المولودة حديثا بـ”عملية قيصرية” صعبة، حيث ترك منصبه لصبري بوقادوم، سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة، وهي الحكومة التي أعلن عليها الرئيس بوتفليقة وفق بيان للرئاسة نٌشر مساء الأحد الماضي، وأثار غياب اسم نائب الوزير الأول، وزير الخارجية، رمطان لعمامرة من القائمة الكثير من التساؤلات بالرغم من أن حكومة بدوي تم رفضها منذ البداية من طرف الشارع الذي لا يزال متمسك بمرحلة انتقالية من دون وجوه النظام الحالي.
ضحت السلطة القائمة بوزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة الذي بقي في حكومة بدوي لمدة 20 يوما فقط، قصر المدة الزمنية لم تشفع للدبلوماسي “المحنك” كما يوصف، ليتم الاستغناء عن خدماته، بعدما وجه إليه الحراك الشعبي انتقادات لاذعة إثر الجولة المكوكية التي قادته إلى عدة عواصم دولية مهمة، للترويج لخطة الرئيس بوتفليقة المتمثلة في الندوة الوطنية، وقد نجح لعمامرة في جلب دعم دولي لهذه الخطة السياسية، لكنه من جهة أخرى رسم صورة سوداء عن شخصه، بحيث اتهمته عدة أحزاب من المعارضة بـ”تدويل” الأزمة الجزائرية، كما اعتبر الحراك الشعبي تحركات لعمامرة بأنها منح الجزائر على صك من بياض لـ”الأيادي الخارجية” التي لطالما رمى النظام المعارضين والنشطاء السياسيين بها وفرصة للسلطة المرفوضة من الشعب للإستقواء بالخارج.
ويأتي حذف رمطان لعمامرة من حكومة نور الدين بدوي، في الوقت الذي يتواجد بالعاصمة تونس، حيث شارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب قبيل انعقاد القمة العربية، كما التقى الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، ويجهل لحد الساعة ما هي المهام التي ستوكل للعمامرة مستقبلا بعد تنحيته من الحكومة علما أنه استدعي بداية فيفري الفارط، من مجلس إدارة المنظمة الدولية غير الحكومية “كريسيس غروب” التي يوجد مقرها ببروكسل إلى رئاسة الجمهورية للعمل كمستشار دبلوماسي لدى الرئيس بوتفليقة، وتطرح بعض المصادر إمكانية تعيين لعمامرة في منصب رئيس مجلس الأمة خلفا لعبد القادر بن صالح المرفوض شعبيا، في حال تطبيق المادة 102 من الدستور على الرئيس بوتفليقة مثلما نادى بذلك قائد أركان الجيش الفريق قايد صالح أو في حال استقالة رئيس الجمهورية مثلما تشير بذلك مصادر إعلامية مقربة من السلطة، وهذا بهدف إدارة رئاسة الدولة مثلما ينص بذلك الدستور إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية تنتهي بتسلم الرئيس القادم منصبه الرئاسي.
وكان الرئيس بوتفليقة قد عين لعمامرة في 11 مارس الماضي، نائبا للوزير الأول نور الدين بدوي، وأيضا في منصب وزير الخارجية خلفا لعبد القادر مساهل، حيث شارك في الندوة الصحفية الأولى إلى جانب بدوي ولم يفلحا في طمأنة الشارع الثائر منذ 22 فيفري، ضد وجوه النظام القائم، وكان من الواضح أن المحيط الرئاسي قد اختار الدبلوماسيان الجزائريان الأكثر حضور على الصعيد الدولي لتمرير خطة الرئيس بوتفليقة على مستوى كبار الشركاء الدوليين وهما الأخضر الإبراهيمي ورمطان لعمامرة ولكن هذا الأمر لم يدم طويلا حيث تعرض الرجلان لانتقادات كثيرة بسبب دورهما غير الواضح في هذه المرحلة الحساسة، فاختفى الأول عن الأنظار بالرغم من أنه لم يكن مكلفا بمهمة رسمية، في حين تم استبدال الثاني بدبلوماسي آخر سبق له تمثيل الجزائر في مجلس الأمن الدولي، مع أن لعمامرة استطاع التحصل على صيغة حكومية استحدثت لأول مرة عندما تم تعيينه كنائب للوزير الأول بدوي.
وكان رمطان لعمامرة (67 سنة)، أصيل ولاية بجاية، بدأ مساره الدبلوماسي عام 1976، حيث شغل المتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة عدة مناصب في الداخل وفي الخارج، وبعدة هيئات إقليمية ودولية. كما تقلد لعمامرة منصب وزير للشؤون الخارجية (2013 ـ 2015)، ثم وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي (2015 ـ 2017)، وشغل أيضا منصب مفوض للسلم والأمن للاتحاد الإفريقي (2008-2013) وأمينا عاما لوزارة الشؤون الخارجية (2005-2007).
وكذلك عمل لعمامرة سفيرا للجزائر بعدة بلدان، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وجيبوتي وأثيوبيا، وخلال السنتين الأخيرتين، تم تعيينه، عضوا في اللجنة الاستشارية العليا لمنظمة الأمم المتحدة المكلفة بالوساطة الدولية في سبتمبر 2017، ثم عضوا في مجلس إدارة المنظمة الدولية غير الحكومية “كريسيس غروب” التي يوجد مقرها ببروكسل منذ جويلية 2018.
إسلام كعبش