• المحامي ميلود ابراهيمي: “المشاورات لم تنجح ولابد من هيئة حكم جديدة”
انتهت الجولة الأولى من المشاورات السياسية التي دعت إليها رئاسة الجمهورية بفشل ذريع، لم تتوقعه ربما السلطة في حد ذاتها، وقد سارعت إلى تنظيم ندوتها رغم أن الحراك الشعبي متواصل نحو جمعته العاشرة ويطالب برحيل رموز الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وعلى رأسهم رئيس الدولة الإنتقالي عبد القادر بن صالح.
ربما يكون الدليل الرئيسي على فشل مشاورات بن صالح هو عدم حضور المعني الأول بها والداعي إليها أي رئيس الدولة، وترك كرسي ترؤسها لأمين عام رئاسة الجمهورية حبة العقبي وهو الذي من المفترض إمساكه بمنصب تقني لا يؤهله مبدئيا لتسيير حدث بحجم مشاورات عميقة مع الطبقة السياسية لبحث تصور توافقي لحل هذه الأزمة.
وصف الكثير من المراقبين مشاورات عبد القادر بن صالح بأنها “مولود ميت” وكما يقول المثل “السنة تظهر من خريفها” فإن هذا اللقاء التشاوري الذي انطلقت أشغاله الإثنين بقصر الأمم، لم يستطع جذب الأضواء التي كان يراد لها، رغم كل المؤشرات السلبية التي حامت قبل اللقاء.. فظهرت القاعة شبه فارغة حتى وإن أغلقت أبوابها على الصحفيين ما دفع ممثل جبهة المستقبل للانسحاب الفوري، معتبرا أن التشاور داخل غرفة مظلمة ليس أمرا مقبولا، ثم من تحاور مع من خلال هذا اللقاء التشاوري ؟؟.. فغياب أحزاب “التحالف الرئاسي” السابقة ومقاطعتها بصفة جماعية لمجريات الندوة ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن مؤشر البوصلة في أعلى هرم السلطة لم يعد على توجه واحد، فحضر الاجتماع ثلاثة أحزاب سياسية هي: التحالف الوطني الجمهوري، وحركة الإصلاح الوطني، وسيناتور عن جبهة التحرير الوطني ممثلا لشخصه كما قال بيان للحزب، وكذلك جبهة المستقبل التي غادر ممثلها القاعة رافضا التشاور داخل أسوار مغلقة.
ورغم كل مظاهر الفشل التي طغت على هذه الجولة المفتاحية من مشوار التشاور إلا أن المسؤولين حاولوا إظهار عكس ذلك، وأرادوا تصوير اللقاء في ثوب عرس سينتهي إلى نتائج وملخصات تخدم الجزائر في منعرجها التاريخي نحو دولة القانون والمؤسسات، وبهذا قلل أمين عام الرئاسة حبة العقبي من تأثير غياب المدعوين “بما أن التشاور سيستمر مع الفاعلين السياسيين وخبراء القانون الدستوري ليس ليوم واحد فقط، فهذه إرادة الدولة”، كما أكد المتحدث الذي يعتبر عضوا بارزا في “الأفالان” أن المشاورات التي باشرها رئيس الدولة مع الأحزاب والشخصيات الوطنية “ستتواصل” إلى غاية الانتخابات الرئاسية التي “ستجري في موعدها المفروض دستوريا” المحدد بتاريخ 4 جويلية القادم.
وفي السياق ذاته، اعتبر المحامي ميلود ابراهيمي الذي استقبله رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في إطار هذه المشاورات أنه “يمكن الإقرار بفشلها” بما أنه “قاطعتها مختلف الأحزاب السياسية”، وتابع ميلود ابراهيمي في تصريح لـ”الجزائر” أنه من الضروري التوجه نحو نمط جديد للسلطة، مقترحا “هيئة متكونة من شخصيات مدنية بإمكانها إقناع الشارع”، وأكد ابراهيمي على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة بما أن الحراك يؤكد على مبدأ رحيل الجميع.
وإذا كانت الحلقة الأولى من مسلسل المشاورات السياسية التي تريدها السلطة مخرجا لأزمة تفاقمت مع الوقت قد ظهرت باهتة وغير مرضية فكيف ستكون نهايتها ؟؟.. وقد ارتفعت في الآونة الأخيرة الكثير من الأصوات داعية إلى حل سياسي جذري توافق عليه المؤسسة العسكرية للذهاب بالبلاد نحو مرحلة انتقالية حقيقية بهيئة رئاسية ترضى عليها مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية، وهو المطلب الذي اقترحته عدة أحزاب ونشطاء حقوقيون معروفون على غرار مقران آيت العربي ومصطفى بوشاشي.
وفي هذا الإطار يعتقد القيادي في حزب “جيل جديد” حبيب براهمية أن السلطة الحاكمة عليها الاستماع للحراك الشعبي ويكون هذا من خلال “فتح حوار سياسي مع الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني وممثلي الحراك للتوجه نحو اختيار هيئة رئاسية متكونة من رجال ونساء مقبولين من طرف الجميع وبالتالي الذهاب نحو رئاسيات محترمة نتائجها”. وتابع براهيمة بأنه من شروط أعضاء هذه الهيئة الرئاسية “أن يكون مسارهم السياسي وراءهم لمنح ضمانة للمرحلة الانتقالية”.
وحول آليات اختيار شخصيات الهيئة الرئاسية التي أصبحت مقترحة من طرف عدة قوى سياسية، اعتبر عضو “جيل جديد” أنها “سهلة وستبرز خلال فتح حوار مباشر مع رجال السلطة”، مشيرا إلى أن كل المبادرات المنبثقة من المادة الدستورية 102 “أثبتت فشلها علاوة على أنها مرفوضة من طرف الطبقة السياسية”.
وكان رئيس الدولة عبد القادر بن صالح قد باشر الأسبوع الفارط، في إطار المساعي التشاورية لمعالجة الأزمة السياسية، عقد لقاءات مع عدة شخصيات وطنية، ولم يستطع جلب إلا رئيسي المجلس الشعبي الوطني الأسبقين، عبد العزيز زياري ومحمد العربي ولد خليفة والحقوقي ميلود براهيمي وكذا مسؤولي أحزاب سياسية من بينهم رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد ورئيس حركة الاصلاح الوطني فيلالي غويني.
إسلام كعبش