دخلت العديد من الأعمال الدرامية خلال الشهر الفضيل، حيث فتحت القنوات التلفزيونية مجال المنافسة على مصراعيه، من أجل الدخول بأعمال محترمة تسد حاجة المشاهد الجزائري، خاصة وأن مؤسسة التلفزيون الحكومي ومنذ سنوات فائتة، كانت تحتكر الانتاج الدرامي في البلاد، وهو الأمر الذي ترك أثاره على الأعمال المنتجة وجعل المشاهدون ينفرون صوب القنوات العربية بحثا عما يلبي رغباته.
“أولاد الحلال”، “مشاعر”، “الريس قورصو”، “الجريح”، “ورد أسود”، وإن كانت تقريبا كلها قد تمت بالشراكة مع جهات أجنبية، مصرية، تونسية، تركية، فإن هذا الكم الهائل من المسلسلات، استطاع أن يشد انتباه المشاهد الجزائري، الذي سجل عودة الدراما بقوة، والتي أثارت مضامينها وموضوعاتها المطروحة جدلا كبيرا رغم أن الكثير منها يعالج قضايا وتطورات متسارعة استدعت وقفات درامية على غرار انتشار ظاهرة العنف بمختلف أشكاله وتفشي الفساد الاجتماعي ومختلف المواضيع التي تصنف في خانة “التابوهات”، والتي ماكان المشاهد أن يقبلها، خوفا على تفشيها أكثر في المجتمع، أو مهابة من تشويه سمعة الجزائر كدولة وشعب.
هكذا شقت الدراما الجزائرية أولى خطواتها:
لطالما ارتبط تاريخ الدراما الجزائري، بالمخرج مصطفى بديع الذي قدم مسلسل “الحريق” 1974، للكاتب محمد ديب، والذي يتناول مرحلة من مراحل الاحتلال الفرنسي، وأبدع الممثلون فيه، فصار محفورا في ذاكرة الجزائريين، حيث شكل هذا العمل قيمة فنية وتاريخية كبيرة، لمايحمله من رسائل إنسانية وحياتية عميقة، أهلته في أن يجد مكانه في قلوب كل الجزائريين.
ويعود الفضل أيضا، في خدمة الدراما الجزائرية، للمخرج الكبير جمال فزاز، الذي استطاع أن يخرج من حقبة الاستعمار الفرنسي، فقدم أول مسلسل اجتماعي بعنوان “المصير”، الذي كان قفزة كبيرة في تاريخ الفن الجزائري، هذا المسلسل أخرج الجزائريون من التبعية، بعد ارتباط وثيق بالمسلسلات المصرية التي غزت السوق آنذاك وحتى السورية، ثم المسلسلات المكسيكية، فكانوا يحلمون دائما بأعمال تنقل واقعهم بدل صور وقصص مستوردة من الخارج.
مسلسل “المصير” بطولة فريدة صابونجي، نورية، سيداحمد أقومي وآخرون اقتحم عالم الجزائري البسيط ونقل مشاكله إلى البيوت وجعلت الجزائري يرى نفسه ويتعاطف مع مشاكله ويسائل واقعه، ويلامسه لدرجة كبيرة.
جمال فزاز أتحف أيضا المشاهد الجزائري بأعمال على غرار “كيد الزمن”، “الوصية”، أما “المشوار” فكان للمخرج مسعود العايب فاستطاع أن يصنع لنفسه مكانا في ذاكرة الجزائريين على مر التاريخ.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلقد كانت هناك العديد من المسلسلات، التي كانت تريد أن تصنع مجد الدراما الجزائرية، على غرار مسلسل “كيد الزمان”، “موعد مع القدر”، “الذكرى الأخيرة”، “البذرة”، “قلوب في صراع”… ولكن لم تخرج هذه المسلسلات من إطارها الضيق ولم تتعدى حدود الوطن، إلا بعد أن ظهر مسلسل “الخاوة” إخراج التونسي مديح بلعيد، الذي استطاع أن يكسب شهرة خارج الفضاء المحلي، حيث كان له صدى عربيا كبيرا، وهو الأمر الذي جعله يؤثث لدراما جزائرية عصرية، تساير تطورات العصر.
فنانون: وأخيرا تحررت الدراما الجزائرية والقادم أفضل:
بالحديث عن الدراما الرمضانية خلال 2019، والتي عرفت غزارة كبيرة ملموسة مقارنة بالسنوات المقبلة، وأمام الأعمال التي يعرفها الجميع، وجهت الفنانة نضال الجزائري رسالة إلى كل الممثلين المشاركين في دراما رمضان 2019، قائلة: يا “أولاد الحلال” أسعدتموني كثيرا وأسعدتم للقلب الجريح أمله في الدراما الجزائرية، وسقيتم براعم “الورد الأسود” تميزا. وأحييتم مشاعر التآزر والتآخي الفني. شكرا للفنانين المشاركين في الأعمال المذكورة. يكفي أن توزع الأدوار جيدا، ويرعاها مخرج عبقري.
ووجهت الفنانة التحية لكل من: خالد بن عيسى، يوسف سحيري، ع القادر جريو، بن عبدالله جلاب، سهيلة معلم، موني بوعلام، مراد اوجيت، حسناوي فازو، نسرين سرغيني، سارة لعلامة، نبيل عسلي، مصطفى لعريبي، مراد مجرم، مليكة بلباي، ايمان نوال، فيزية تقرتي، حسان كشاش، نينا ملوكة، مريم عميري
محمد خساني،عبد الحق بن معروف…. وآخرون. قائلة لهم: إنكم تصنعون الأمل الدرامي، هذه العودة بكل ما فيها وعليها.
من جهتها اعتبر السيناريست سفيان دحماني: نجاح الدراما الجزائرية هو نهاية زمن السلسلات بكل أنواعها في رأيي الشخصي، كان نجاح بعض السلسلات التاريخية الكوميدية هو نتيجة فراغ الساحة من الدراما وربما من ينافس الدراما هو “السيت كوم” الجيد الخفيف الكوميدي، أما السلسلات التي كانت تنتج بأموال ضخمة –يضيف- ستنتهي وستظهر مكانيزمات جديدة فالصناعة قد تنهي زمن العبث وللأمانة فقط مسلسل “أولاد لحلال” هو من غير كل هذه المعطيات التي ستحيل الكثيرين على البطالة الإجبارية وتعطي فرص لمن كانوا يستحقونها، الشعب قال سيتحرر كل من كان مقيد، فكنت متأكدا أن الدراما هي أولى المتحررات”.
صبرينة كركوبة