أثار خطاب قائد الأركان أحمد قايد صالح كثيرا من الاستفهام بخصوص تاريخ تنظيم الانتخابات وأحدث الخلاف بخصوص تنظيم هذا الاستحقاق الرئاسي مخاوف بسبب تصادم مطالب الحراك والطبقة السياسية بدعوة الجيش للرئاسيات في الوقت الراهن.
وعلى الرغم من أن قائد الأركان لم يؤكد تاريخ الرابع جويلية الذي كان مقررا من قبل إلا أن حسابات أهل الاختصاص من خبراء القانون الدستوري والطبقة السياسية تؤشر أن تنظيم هذه الانتخابات لا يمكن أن يكون في هذا التاريخ وأن تنصيب الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي دعا اليها قايد صالح سيقطع الطريق في وجه الترتيب لهذا الموعد الانتخابي.
وأجمع عدد من أهل الاختصاص أن مثل هذه المراجعات للتحضير للموعد، حتى ولو اتخذت طابعا استعجاليا فإنها لن تستكمل في أقل من أربعة أشهر.
وأكد خبير القانون الدستوري “فوزي أوصديق” ضرورة الإسراع في تشكيل “الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات” بعيدا عما يسمى “بتأسيس الهيئة المنصوص عليها في المواد 193 و 194 من الدستور الحالي”.
وأشار أوصديق في تصريح لموقع “كل شيء عن الجزائر” بأنها مواد مشكوك في مصداقيتها على اعتبار أنها أسست للفساد الانتخابي والسياسي على مدار عقود من الزمن، وهو ما يستوجب خلق أداة قانونية مناسبة من إنشاء هيئة مستقلة حسب المواصفات المتعارف عليها دوليا والتي هي ليست بدعة جزائرية.
وبما أنه لا يمكن حاليا تعديل أي مادة من مواد الدستور فليس للرئيس الدولة أو البرلمان في هذه الفترة الحق في التعديل إلى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد ذلك بموجل المادة 104 من الدستور في فقرتها الثالثة.
فأن الحل يكمن في تعديل القانون العضوي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بإعطائها صلاحيات وأدوات حقيقية للعمل.
فالتعديل سيكون على مستوى القانون العضوي الذي قيد عمل الهيئة وليس على مستوى النص الدستوري والذي يمكن مراجعته فيما بعد إذ يمكن لهذه الهيئة أن تستفيد من صلاحيات الإشراف والمراقبة والتنظيم ولكن بشرط تعديل قانون العضوي المتعلق بالانتخابات كذلك في هذه الجزئية.
وأشار خبراء القانون الدستوري إلى المادة 194 والتي استحدثت الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات نصت على مهام الهيئة على سبيل المثال، وليس على سبيل الحصر، ثم أحالت بقية الإجراءات التنظيمية على القانون العضوي وهو المفصود بالتعديل .
وأشار خبراء آخرون إلى نفس المادة “194 “، لإيجاد حل تنظيمي جديد لعمل الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات، عن طريق إعلان دستوري يصدره المجلس الدستوري أو مبادرة برلمانية تجمع ثلاثة أرباع أعضاء البرلمان، من أجل تغيير الصفة للهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات واستبدالها بتنظيم الانتخابات، ومن ثم إعادة صياغة القانون العضوي للهيئة لإعطائها صلاحيات التنظيم كبديل عن الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية ثم يتم مراجعة القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، الذي يعطي صلاحيات تنظيم الانتخابات لوزارة الداخلية .
خبيرة القانون الدستوري فتيحة بن عبو:
“يمكن أن تستغرق عملية التحضير للانتخابات 4 أشهر على أكثر تقدير”
قالت خبيرة القانون الدستوري فتيحة بن عبو أن المضي نحو التحضير للعملية الانتخابية قد يستغرق بين 3 الى 4 اشهر على أكثر تقدير، بالنظر إلى الإجراءات المنتظر البدء فيها بعد إعلان تنصيب الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات.
وأوضحت بن عبو أن قائد الأركان لم يحدد 4 جويلية كتاريخ للانتخابات خاصة وأن عملية التحضير لهذا الاستحقاق تحتاج وقتا يتجاوز هذا التاريخ.
وحسب بن عبو فان رئيس الدولة بن صالح الذي لا يملك صلاحيات لتعديل الدستور سيكون عاجزا أمام هذا العائق الدستوري.
وما تجيزه المواد الدستورية هو إدخال تعديلات على الشق المتعلق بقانون الانتخابات في المواد العضوية التي يحيل عليها الدستور.
وفي اعتقاد خبيرة القانون الدستوري فتيحة بن عبو فان هذا الحل يوازيه حل آخر انتهجته دول كثيرة مثل تونس والبنين إذ يمكن تعيين هيئة عليا مستقلة مشكلة من الطبقة السياسية يتم تنصيبها بالتوافق بين جميع الأطراف وقد أتت هذه الطريقة بأكلها في عديد الدول.
وذلك اعتبارا أن الجزائر تعيش مرحلة استثنائية تسمح لها بالخروج من الأزمة، لأنه لا حل في الأفق إلا تنظيم انتخابات نزيهة تسمح بإحداث التغيير الديمقراطي.
رفيقة معريش