في الوقت الذي كان المجلس الدستوري ينتظر إيداع ملفات المرشحين لرئاسيات 4 جويلية المقبل ممن أعلنوا نيتهم خوض غمار هذه الاستحقاقات غير أن الأمر لم يكن كذلك وشهدت الساعات الأخيرة ولانتهاء الآجال انسحاب الحزبين الوحيدين الذين أعلنا نيتهما الترشح ممثلين في حزبي التحالف الوطني الجمهوري وجبهة المستقبل من باب أن الوضعية التي تمر بها البلاد حاليا غير مناسبة لتنظيم هذه الاستحقاقات.
التحالف الوطني الجمهوري :
“فرصة ضائعة للحل”
أعلن حزب التحالف الوطني الجمهوري انسحابه من رئاسيات 4 جويلية المقبل مبررا خطوته هذه بغياب الشروط المناسبة لتنظيم هذه الاستحقاقات ويضاف لها الرفض الشعبي لها ما يجعلها حسب التحالف الوطني الجمهوري فرصة ضائعة للحل .
وأورد في الحزب في بيان توج اجتماع المكتب الوطني أمس :”في إطار متابعة تطورات المشهد السياسي في البلاد وعلى إثر اجتماع المكتب الوطني للحزب يعلن التحالف الوطني الجمهوري تعليق مشاركته في الانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها في 04 جويلية 2019 وهذا إلى غاية توفر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري والهام حيث سبق للحزب وأن أكد بأن ترشيح أمينه العام بلقاسم ساحلي مشروط بضرورة مرافقة الحل الدستوري والانتخابي، بجملة من الإجراءات السياسية لطمأنة الرأي العام الوطني وترميم الثقة المهزوزة بين السلطة والحراك الشعبي ولاسيما ما تعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بقيادة شخصية مستقلة وتوافقية ومعالجة إشكالية عدم شرعية رئيس المجلس الشعبي الوطني التي أشار لها الحزب منذ اليوم الأول الذي تم فيه السطو على هذا المنصب وخرق قوانين الجمهورية شهر أكتوبر من العام الماضي وتنصيب هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات وتعديل بعض مواد القانون العضوي للانتخابات ذات الصلة بإجراء الانتخابات الرئاسية، ضمن رؤية مرنة للأجندة الانتخابية والتي تتطلب تأجيل الانتخابات الرئاسية لبضعة أسابيع وفق ما يتيحه نص وروح الدستور”.
وأشار حزب التحالف الوطني الجمهوري إلى أن عدم مشاركته في الرئاسيات راجع أيضا لاعتبارات شعبية والظاهرة في رفض شرائح معتبرة من الشعب الجزائري للإطار الذي سيتم فيه موعد 4 جويلية وليس للانتخابات كوسيلة وحيدة للتعبير الحّر والديمقراطي عن السيادة الشعبية واعتبارات دستورية و قانونية و سياسية تتمثل في عدم اكتمال الآليات الدستورية والقانونية المؤطرة للانتخابات من الهيئة العليا للإشراف والرقابة، وتعديل قانون الانتخابات بالإضافة إلى غياب التوافق السياسي لدى أغلبية الفاعلين في الساحة الوطنية من أحزاب سياسية مجتمع مدني وممثلي الحراك وهي أمور – حسب ” الحزب تجعل من موعد 4 جويلية فرصة أخرى ضائعة للحل و سببا إضافيا لتأزيم الوضع عوض أن يكون البداية الصحيحة لمسار حل الأزمة السياسية الراهنة.
وجدّد في السياق ذاته تمسّكه بالحل الدستوري والانتخابي وأكد أنه يتقاسم في ذلك الموقف المعبّر عنه من طرف المؤسسة العسكرية باعتبار أن إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن وفي أحسن الظروف المتاحة وكذا تأطير الحراك الشعبي وتنظيمه بما يمنحه قدرة تفاوضية لتحقيق مطالبه المشروعة والتأكيد على رفضه لأي استغلال حزبي أو سياسوي، و كذا رفضه لكل تدخل أجنبي، بالإضافة إلى رفض والتنبيه لخطورة بعض المطالب غير العقلانية.
وحذر من الوقوع في فخ الفراغ الدستوري الذي سيدفع بالبلاد إلى حالة الانسداد ويعرّضها والحراك الشعبي لجملة من التهديدات و المخاطر التي ستنعكس سلبا على تماسك المجتمع وانسجامه.
وكشف حزب التحالف الوطني الجمهوري أن حزبه تمكن من جمع 731 استمارة توقيع شخصي خاصة بالمنتخبين موزعة على ثلاث و ثلاثين ولاية مثبتة بموجب محضر معاينة معّد من طرف محضر قضائي.
كما دعا جميع المخلصين والوطنيين من أحزاب سياسية ومجتمع مدني وحراك شعبي إلى الالتفاف حول هذا المسعى المصيري لتحقيق الهبّة الوطنية المنشودة وبناء الجزائر الجديدة عبر ترتيب الأولويات والابتعاد عن المواقف المتشددة لهذا الطرف أو ذاك، وتركيز جهود الجميع على إنجاح الفترة الانتقالية الدستورية مع ما يتطلبه الأمر من تنازلات مشتركة و ضرورة تحلّي الجميع بروح المسؤولية لتغليب المصالح العليا للوطن فوق كل المصالح الحزبية أو الشخصية الضيقة، من أجل تحقيق الهدف الأسمى ألا وهو إرجاع الكلمة للشعب لممارسة سيادته في اختيار رئيسه المقبل.
جبهة المستقبل:
“انسحابنا طبيعي لعدم توفر شروط إجراء الانتخابات”
وعلى الرغم من تمسكه بقرار الترشح وترديد ذلك في عديد خرجاته الإعلامية تراجع رئيس حزب جبهة المستقبل عن الترشح لرئاسيات 4 جويلية المقبلة ولم يودع أمس ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري بالرغم من استكمال ملف الترشح بما فيها جمع التوقيعات المطلوبة قانونا على خلفية ما أسماه الحزب بغياب التجاوب والتفاعل الجدي مع هذه المحطة المهمة.
وأرفق مبررات انسحابه من إستحقاقات4 جويلية المقبل في بيان توج اجتماع مكتبه الوطني غموض وجمود يسود ويدفع إلى انعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المحطة الهامة وإنعدام التنافسية السياسية المطلوبة لإضفاء الجو الديمقراطي لهذه الرئاسيات وعدم جاهزية الظروف والأجواء الشعبية التي تدفع بالمشاركة الفعالة والمطلوبة والمرجوة من هذه العملية وعدم تجسيد الحوار الذي نادت إليه المؤسسة مؤسسة الجيش الوطني الشعبي.
وأكد الحزب أن جبهة المستقبل تتمسك بالمسار السياسي في إطار الدستور كخيار وحيد يؤمن للجزائر استقرارها يضمن للشعب الجزائري التعبير الحر عن سيادته في كنف الممارسة الديمقراطية.
غير أن انسحاب الحزب من خوض معترك الرئاسيات المقبلة لم يمنعه من التأكيد أن الإنتخابات الشفافة والنزيهة هي السبيل الأمثل والوحيد لتخطي الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد وأبرز أن المرحلة الحرجة التي تمر بها الجزائر اليوم تقتضي من الفاعلين السياسيين تحمل مسؤولياتهم أمام الله والوطن وأمام الشعب الجزائري.
زينب بن عزوز