انتهى قادة أحزاب “التحالف الرئاسي” جميعهم إلى مواجهة القضاء إثر العملية التي تخوضها العدالة في إطار محاربة الفساد الذي مس شخصيات سياسية من نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ومن بين الأسماء التي سلمت النيابة العامة ملفاتها إلى المحكمة العليا إضافة إلى صفتهم كوزراء ورؤساء حكومة سابقين نجد أحمد أويحيى الأمين العام لـ”الأرندي” وعمار غول رئيس “تجمع أمل الجزائر” وعمارة بن يونس “رئيس الحركة الشعبية الجزائرية” الذين يقودون لحد اليوم أحزابا داعمة للسلطة.
أحالت النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر، ابتداء من أول أمس، إلى النائب العام لدى المحكمة العليا ملف التحقيق الابتدائي الذي يشمل المسؤولين السياسيين الحاليين وهم أحمد أويحيى، عمارة بن يونس وعمار غول وأسماء أخرى لوزراء سابقين ورؤساء حكومة ووالي، في انتظار التحاق اسم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني السابق جمال ولد عباس بالقائمة التي تتجه العدالة إلى معالجة قضيتها بعدما انتهت لجنة الشؤون القانونية بمجلس الأمة، من إعداد التقرير النهائي، حول رفع الحصانة البرلمانية عن عضو الغرفة العليا للبرلمان السيناتور ذاته ولد عباس في قضية أخرى تتعلق بتسيير وزارة التضامن الوطني عندما كان على رأسها سابقا.
تعيش أحزاب الموالاة أو على الأقل قياداتها مرحلة حرجة منذ إنشائها بسبب تورط رؤسائها في قضايا أسالت الكثير من الحبر وهي التي تعالجها العدالة منذ أسابيع بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أفريل الماضي، ومطالبة الحراك الشعبي في مسيراته المختلفة بمحاكمة المتورطين في قضايا فساد مختلفة، وتقف هذه الأسماء “المهمة” خلال حكم الرئيس السابق، أمام المحكمة العليا التي ستتخذ في حقهم إجراءات المتابعة القضائية بخصوص علاقة هذه الأطراف برجال أعمال نافذين أغلبهم اليوم في الحبس، على رأسهم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد الذي جر معه عدة إطارات سامية من وزراء ومسؤولين كبار عند التحقيق معه، في محكمة سيدي امحمد، أبرزهم الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وعدة وزراء سابقين من بينهم وزير التجارة السابق عمارة بن يونس وهو الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية.
ويأتي وصول ملفات قادة أحزاب “التحالف الرئاسي” سابقا إلى المحكمة العليا في مرحلة سياسية حرجة تمر بها السلطة الحالية في ظل تصعيد الحراك الشعبي من مطالبه التي تحث على مباشرة مرحلة انتقالية بلا وجوه النظام الحاليين، إضافة إلى بروز إمكانية تأجيل رئاسيات 4 جويلية، التي تعتبر آخر حل بالنسبة للسلطة القائمة في إطار معالجة الأزمة في إطار دستوري، في الوقت الذي يواصل الحراك من الضغط في اتجاه تحقيق مطالبه واشتغال المعارضة وجمعيات المجتمع المدني على الدفع بالحل السياسي ومحاولة إقناع المؤسسة العسكرية بهذه الرؤية على غرار المبادرة التي طرحها الثلاثي أحمد طالب الإبراهيمي وعلي يحيى عبد النور ورشيد بن يلس والداعية إلى فتح حوار سياسي بين مختلف الأطراف برعاية الجيش.
وما عدا جبهة التحرير الوطني التي استطاعت تنفيذ مخطط إزاحة الثنائي ولد عباس ومعاذ بوشارب من قيادة الحزب لصالح محمد جميعي الذي انتخبته اللجنة المركزية بعد فشل الاجتماع الأول، تعيش باقي الأحزاب الموالية للسلطة وضعا داخليا صعبا خاصة عند الحليف الأول لـ”الأفالان” التجمع الوطني الديمقراطي الذي دخل مؤخرا في حالة من الشد والجذب إثر المحاولات التي قادها القيادي والذراع الأيمن السابق لأويحيى الصديق شهاب في إطار ما يسميه “استرجاع الحزب” من القوى غير الدستورية، في حين يعرف الحزبان “تاج” و”الحركة الشعبية الجزائرية” صمتا مطبقا بالنظر إلى أن هذين التشكيلتين مرتبطتين أساسا بمؤسسيهما غول وعمارة بن يونس في ظل غياب قيادات “كارزماتية” داخلها بإمكانها اللعب على المنافسة على القيادة في المرحلة المقبلة.
وقد حاولت هذه الأحزاب في المرحلة الأخيرة الخروج من تحت الرماد، ومحاولة ركوب الموجة بإعلان دعمها الكامل لموقف المؤسسة العسكرية بخصوص ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية لـ4 جويلية المقبل، مع أن كل المؤشرات توحي اليوم أن هذه الرئاسيات سيكون محكوم عليها بالتأجيل.
ويتهم الجزائريون هذه الأحزاب التي ساندت منذ سنوات الرئيس بوتفليقة، بأنها المتسببة الرئيسية في الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، بحيث أنه رغم الحالة الصحية التي كان عليها الرئيس السابق والرفض الشعبي لعملية إعادة ترشيحه لعهدة خامسة إلا أن هذه الأحزاب استفزت الجميع وأعلنت في اجتماع بمقر حزب جبهة التحرير الوطني بداية فيفري، ترشيحها لبوتفليقة لرئاسيات 18 أفريل، بصيغة “أحب من أحب وكره من كره”.
إسلام كعبش
إحالة ملفات رؤسائها إلى المحكمة العليا:
الوسومmain_post