شهدت أسعار صرف الدينار الجزائري انخفاضا مخيفا خلال الفترة السابقة ، حيث واصلت العملة الوطنية تراجعها بنسبة 4.15 بالمائة أمام الأورو وبنسبة 8.3 بالمائة أمام الدولار الأمريكي، خلال نهاية السنة الماضية، لتؤكد على السقوط الحر الذي تواجهه العملة الوطنية خلال السنوات القليلة الماضية في التعاملات الرسمية وكذا السوق السوداء للعملة الصعبة على السواء.
وفي هذا الشأن، أكد بنك الجزائر على أنّ تطور أسعار صرف الدينار الجزائري سنة 2018 مقارنة بالأورو والدولار كمتوسط شهري وبرره تطور سعر الأورو أمام الدولار في الأسواق العالمية، على اعتبار أنّ تطور أسعار صرف الدينار الجزائري مقارنة بالدولار والأورو يعكس تطور أسس الاقتصاد الوطني (سعر البترول، فارق التضخم مع الدول المتعاملة تجاريا، مستوى النفقات العامة)، وكذا تطور أسعار نقود المتعاملين التجاريين لاسيما بالأورو والدولار على مستوى أسواق الصرف الدولية.
وأوضح بنك الجزائر في مذكرة حول وضع السداسي الثاني من سنة 2018، أنه بينما ارتفعت قيمة الأورو أمام الدولار بـ 4.12 بالمائة (بين ديسمبر 2016 وديسمبر 2017)، انخفضت سنة 2017 قيمة الدينار، كمتوسط شهري، بنسبة 3.3 بالمائة مقارنة بالعملة الأوربية و 3.1 بالمائة مقارنة بالعملة الأمريكية، وعلى هذا الأساس فإنّ انهيار الدينار سنة 2017 خلال نهاية الفترة لاسيما مقارنة بالأورو، إنما يعكس إلى حد بعيد تطور أسعار صرف العملتين الرئيسيتين للتسوية بالجزائر في سياق طال فيه أمد اختلالات الحسابات الخارجية والعمومية والتطور السلبي لبعض أسس الاقتصاد الوطني، وبالخصوص فارق التضخم مع الدول المتعاملة تجاريا.
وأشار بنك الجزائر إلى أنّ بين ديسمبر 2017 ومارس 2018، انتقل سعر صرف الأورو أمام الدولار من 18.1 إلى 23.1، مسجلا ارتفاع بمعدل 2.4 بالمائة، قبل أن ينهار سعر الأورو أمام الدولار بحوالي 3.5 بالمائة بين مارس وجوان وبنسبة 5.2 بالمائة بين جوان وديسمبر من سنة 2018.
وحسب نفس المصدر، فإنّ الدينار قد عرف تكيفات هامة خلال السنوات الأخيرة في سياق صراع داخلي، بحيث أكد بنك الجزائر أنّ التكيفات التي طرأت على معدل الصرف يجب ألا تشكل القاعدة الأساسية أو الوحيدة للاقتصاد الكلي. وحتى يكون فعالا، يؤكد بنك الجزائر أنّه لابد أن يرافق تكييف الصرف تطبيق إجراءات وسياسات تكيفية أخرى للاقتصاد الكلي، لاسيما تلك المتعلقة بالميزانية، من أجل استعادة توازنات الاقتصاد الكلي بشكل مستدام وكذا الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى إقامة التنوع الاقتصادي الفعلي أو باختصار إلى ارتفاع العرض المحلي للسلع والخدمات. وفي سياق آخر كشف ذات المصدر عن تراجع مستوى احتياطي الصرف تحت سقف 80 مليار دولار مع نهاية سنة 2018 ،حيث تراجع مستوى الاحتياطي إلى 88. 79 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2018 مقابل 33ر97 مليار دولار في نهاية 2017 أي تراجع ب 45. 17 مليار دولار.
واوضح البنك المركزي أن هذا التراجع “مرتفع قليلا عن عجز الرصيد الكلي لميزان المدفوعات بسبب تأثير التثمين السلبي بحوالي 73ر1 مليار دولار المرتبط بانخفاض قيمة الاورو أمام الدولار في الفترة الممتدة بين ديسمبر 2017 و ديسمبر 2018”.
وأضاف المصدر ذاته ان الانخفاضات السنوية لاحتياطات الصرف المرتبطة بعجز الرصيد الكلي للمدفوعات تعكس -حسب بنك الجزائر- ارتفاع النفقات الداخلية الخام لمجموع العناصر الفعالة الاقتصادية حول الدخل الوطني أي ارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات.
و تشير تحاليل ذات المؤسسة المالية إلى أن “هذه الاختلالات راجعة الى العجز الكبير الذي سجلته المالية العمومية” مؤكدة أن استمرار تراجع احتياطات الصرف “يؤكد على ضرورة بدل جهود تصحيح مستمرة سيما فيما يخص الميزانية من أجل إعادة الاستقرار لميزان المدفوعات و الحد من تراجع الاحتياطيات الرسمية للصرف”.
كما أشارت ذات الوثيقة إلى أن تلك الجهود من شأنها أن تندرج في إطار “برنامج واسع لإصلاحات هيكلية بهدف تحسين تحصيل الجباية العادية (بما في ذلك من خلال ترشيد الدعم) و تحرير الامكانيات الكبيرة لنمو الاقتصاد الوطني و تنويع العرض الداخلي و تصدير السلع و الخدمات”.
يجدر الذكر بأن احتياطات الجزائر من الصرف (دون احتساب الذهب) بلغت 12. 82 مليار دولار في نهاية شهر نوفمبر 2018 مقابل 08. 86 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر و 61. 88 مليار دولار في نهاية شهر جوان 2018. عمر حمادي