يعيش الجزائريون حالة من الترقب حول من تكون الشخصيات التي سوف تقترحها السلطة لقيادة مسار الحوار الشامل الذي دعا إليه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في خطابه الأخير، و التي أعلنت الرئاسة أول أمس عن”قرب” الكشف عنها، خصوصا و أن البلاد تعيش اليوم انسدادا سياسيا حقيقيا، وهو الوضع الذي يجعل من هذه الشخصيات بمثابة المعادلة الصعبة، في ظل رفض الحراك ممثلين عنه للتحاور مع السلطة، وفي ظل عدم تمكن الطبقة السياسية كسب ورقة تمثيله.
بدأت السلطة في اتصالاتها ومشاوراتها مع الشخصيات التي تعتزم اقتراحها لقيادة مسار الحوار الوطني الشامل و التي سوف تكشف قريبا عن تشكيلتها حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية مساء أول أمس، و الذي جاء فيه “انه سيتم “قريبا” الكشف عن الشخصيات الوطنية التي ستقود مسار الحوار الشامل الرامي إلى تنظيم الرئاسيات المقبلة والذي كان قد دعا إليه رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، وأوضح البيان، أن بن صالح استقبل الوزير الأول، نور الدين بدوي، في لقاء تم خلاله “إجراء تقييم شامل للوضع السياسي الراهن على ضوء المقاربة السياسية التي تضمنها خطاب رئيس الدولة عشية عيد الاستقلال والشباب والترتيبات العملية التي ستضعها الدولة لمرافقة مسار الحوار الشامل الرامي إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية، والذي ستقوده شخصيات وطنية سيفرج عن تركيبتها قريبا”، و أشار إلى أن هذه الشخصيات “محل اتصالات ومشاورات مستمرة”.
وفي ذات السياق، شدد رئيس الدولة على “ضرورة تغليب منطق الحوار وتقديم المصلحة العليا للوطن في التفاعل مع مختلف الشركاء الاجتماعيين في كل القطاعات وتفعيل آليات العمل الجواري للتكفل بانشغالات المواطنين والمتعاملين عبر كل ولايات الوطن”.
ورغم أن البيان لم يكشف عن أسماء هذه الشخصيات، إلا أن مصادر إعلامية ذكرت أنه تم الاتفاق مبدئيا على اختیار الثلاثي سید احمد غزالي، محمد الصالح دمبري، ويوسف الخطیب، لقیادة الحوار، وتتواصل من خلاله مع فعالیات المجتمع المدني وممثلي الحراك الشعبي، كما أشارت هذه المصادر أنه وضمن الاتفاق المبدئي، شمل إدخال رئیس المجلس الشعبي الوطني الجديد، سلیمان شنین، في خط المشاركة في إدارة الحوار من خلال ربط اتصالات مع الأحزاب السیاسیة، غير أن رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق كريم يونس، و عبر منشور له على صفحته الرسمية على الفايس بوك، أول أمس، أكد انه أيضا ” مستعد ليلعب دور الوسيط في الحوار الوطني و أن یكون من ضمن الشخصیات الوطنیة التي ستقود الحوار الوطني”، و بذلك تكون هناك عدة احتمالات حول من تكون تلك هذه الشخصيات التي سوف تقود هذا الحوار، وان كان سيكون لها قبول شعبي.
وفي المقابل من ذلك، يرى خبراء و محللون سياسيون أن الوضع الذي تعيشه البلاد اليوم وحالة الانسداد هذه تجعل القبول بالشخصيات التي سوف تقترحها السلطة ” أمر واقع و إضراري”، وفي هذا السياق يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر نور الدين بكيس في تصريح ل”الجزائر”، أمس، أن أهم شيء اليوم وفي ظل الانسداد الحقيقي الذي تعيشه البلاد هي طبيعة الأشخاص الذين سوف تختارهم السلطة لإدارة هذه المعادلة الصعبة، فالجميع يعلم أننا أمام مرحلة صعبة جدا، وان الاختيار هو اللحظة المحورية، و يرى بكيس أن الحراك سوف يقبل بالشخصيات التي تتمتع بالمصداقية، فالساحة السياسية اليوم لا تحتاج إلى أفكار بل إلى مثل هذه الشخصيات، ولدى-يضيف المتحدث ذاته- فهناك صعوبة كبيرة للتوافق على هذه الشخصيات التي سوف يعينها النظام، خصوصا و أن الحراك الشعبي “يقصي نفسه “بأن يكون له ممثلين ويرفض ذلك، في الوقت الذي لم تتمكن فيه الطبقة السياسية من كسب ورقة تمثيله، و عليه فإننا مضطرين إلى التعامل مع الشخصيات التي سوف تقترحها السلطة-يقول- و يرى أن الأزمة الحالية جد معقدة و تبقى السلطة هي اللاعب الأساسي لإنهاء الأزمة أو الدفع بها إلى الحل من خلال ما ستختاره من شخصيات.
رزيقة.خ