تحاول هيئة الوطنية للوساطة والحوار رسم نهج توافقي وطني لإخراج البلاد من أزمتها السياسية حيث ستتجه نحو عرض حصيلة عملها في القريب العاجل، في الوقت الذي تحظى فيه الهيئة بدعم المؤسسة العسكرية المؤيدة للحوار كحل أوحد للأزمة.
أكد منسق الهيئة الوطنية للوساطة والحوار، كريم يونس بالجزائر العاصمة، مواصلة الهيئة تدعيمها وتثمين الحوار، حيث قدمت ملخصا عن نشاط عملها، يتضمن جمع المقترحات حول تعديل مشروع قانون الانتخابات، لاسيما ما تعلق منه باستحداث السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات من أجل ضمان تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة في أقرب وقت ممكن.
وأوضح كريم يونس أن الهيئة ” قدمت مقترحات أساسية وهامة للخروج من هذا الوضع الصعب خلال اللقاءات التي أجرتها مع كل الفاعلين السياسيين والنخبة والمجتمع المدني وممثلي الهيئات النقابية المهنية وعدد من المواطنين، من بينها ضرورة تحضير مشروع تعديل القانون العضوي للانتخابات وكذا مشروع قانون لاستحداث سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات في إطار شفاف ونزيه”.
وأوضحت لجنة الحوار والوساطة في الندوة التي عقدتها مؤخرا أن هذه السلطة الوطنية المستقلة للتحضير للانتخابات، لا تكون تابعة لأي جهة من أجل ضمان النزاهة والشفافية، كما سيتم إدخال تعديلات على القانون العضوي للانتخابات حيث سيتم إخراج السلطة التنفيذية من الانتخابات.
وأضاف كريم يونس في هذا الصدد أن” السلطة التنفيذية ستخرج بشكل نهائي من تنظيم الانتخابات، وسيكون هذا التحدي الذي نرفعه لنعطي للشعب منظورا آخر بصفة ملموسة بأن هناك رؤية صادقة ونزيهة وشفافة، ولن يكون لأي سلطة مركزية من ولاة ورؤساء دوائر في الانتخابات لأن ذلك محل انتقادات كثيرة، سنعمل على إخراج القانون ليكون في مستوى تطلعات الشعب”.
وشددت هيئة الوساطة والحوار على ” وجوب تفعيل المادتين السابعة والثامنة من الدستور اللتين تنصان على أن الشعب هو المصدر الرئيسي للسلطة، إلى جانب الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي من بينها استقالة الحكومة الحالية”.
وقال كريم يونس في هذا الإطار أن هيئته ” استمعت، خلال جولاتها عبر مختلف مناطق الوطن، إلى كل شرائح المجتمع دون إقصاء أو تهميش من أجل الخروج برؤية واضحة حول مجمل الانشغالات والتحديات التي تعرفها الجزائر”.
ورأى عدد من المتدخلين من أعضاء المجلس الاستشاري للهيئة أن النتائج المتوصل إليها لحد الآن ساهمت في لم شمل كل أطياف المجتمع بهدف التوصل إلى إجماع وطني يساهم في إنهاء الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
وأشار المشاركون في هذا الإطار إلى أن الهيئة التقت بأزيد من 300 تنظيم جمعوي وأزيد من 3000 مشارك من مختلف مناطق الوطن، مؤكدين أنها اعتمدت في مرجعيتها لدعم الحوار الشامل والجامع على أرضيات عمل المشاورات السابقة وآراء فواعل الحراك الشعبي مع تعزيز الشراكة التوافقية والالتزام بالحياد والمصداقية والإجماع.
وحث المتدخلون على التركيز على مكافحة الفساد والمحسوبية والتزوير من أجل التمكن من تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، مشددين في هذا المجال على “وجوب تحضير مشروعي تعديل القانون العضوي للانتخابات وقانون لاستحداث سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات.
تجاذبات في هيئة الوساطة والحوار
من جهة أخرى شكك الكثيرون في مصداقية الهيئة الوطنية للجنة الحوار والوساطة في ظل تضارب مصالح الهيئة والخلاف بين السياسيين وعدم الحصول على توافق عام يخدم المؤسسات القائمة ولا يضرها بل يزيد من عمرها مما شكل غموض في مصير لجنة الحوار.
ويرفض الحراك الشعبي بكل اتجاهاته إجراء انتخابات رئاسية في ظل العهدة الخامسة وبما فيها من حلول تلفيقية تمدد للرابعة، ناهيك عن اعتراض مواطنين، أول أمس، في شلف على تنصيب لجنة الحوار والوساطة التي يقودها كريم يونس.
وزارة الداخلية صائمة عن تحضير الانتخابات
وفي سياق متصل، يتساءل بعض فواعل الحراك عن غياب وزير الداخلية والجماعات المحلية وعدم تقديم أي بيان أو تصريح فيما يخص تطورات الراهنة وتفاعلات السياسية والتحولات التي مست عدة قطاعات، علاوة على دعوته عموما إلى ضرورة التحلي بكامل الوعي والمسؤولية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد وعدم المساس باستقرار البلاد دون الخوض في حوار أعمق.
الخبيرة القانونية وعضو المجلس الاستشاري للهيئة توضح طريقة عمل اللجنة
في سياق متصل، أكدت الخبيرة القانونية وعضو المجلس الاستشاري للهيئة الوطنية للوساطة والحوار كوثر كريكو، على ضرورة تعديل مواد من قانون الانتخابات، والشروع في إعداد مشروع قانون لإنشاء هيئة انتخابات جديدة تقوم بتحضير الانتخابات والإشراف على جميع مراحلها حتى إعلان النتائج الأولية وذلك في تصريح لوكالة سبوتنيك.
وأوضحت كريكو تباين السلطة المستقلة التي تقترحها الهيئة الوطنية للوساطة والحوار عن الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات،لافتة إلى أن “الهيئة السابقة كانت تراقب فقط الانتخابات، أما السلطة الجديدة فستشمل التنظيم والتحضير والمراقبة، إلى أن تعلن النتائج الأولية، في حين يبقى الإعلان عن النتائج النهائية من اختصاص المجلس الدستوري.
وكشفت الخبيرة القانونية عن مناقشة الاقتراح خلال الاجتماع المقبل للجنة القانونية في هيئة الوساطة والحوار، والتي ستخصص لإثراء هذه المشاريع، قبل عرضها على السلطة المختصة، واعتبرت كوثر كريكو أن الهيئة الجديدة تتجاوز الدستور الجزائري، قائلة “نحن لن نخرج عن الدستور، بل نعكف حالياً على إيجاد أرضية تتطابق مع القانون والدستور”، وأضافت الخبيرة القانونية في ذات السياق” مقترحاتنا ستنصب من أجل التوفيق بين المادة 194 من الدستور ،ة وتفصل هذه المادة في دور الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، وبين التعديلات التي سنضيفها لمشروعنا الذي سينضم الانتخابات، وهذا التطابق سينبع من المادة سبعة من الدستور التي يطالب بها الشعب ونخص بالذكر المادة 7 التي تنص على أن الشّعب مصدر كلّ سلطة، السيادة الوطنية ملك للشعب”.
أميرة أمكيدش