الجزائر لعبت دورا رياديا إضافة إلى بعض الدول كلبنان والعراق في إرجاعها
تعمل الدول العربية على إيجاد تاريخ مشترك لإعادة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، بعد أكثر من ثماني سنوات من “طردها” بسبب الأزمة الدامية التي دخل فيها هذا البلد عام 2011، وتعتبر الجزائر من بين أبرز الدول التي رفضت إقصاء دمشق من الجامعة وعملت طوال السنوات الأخيرة في إطار دبلوماسي على إقناع القادة العرب بضرورة عودة سوريا إلى “البيت العربي” في القاهرة.
وحسب محمد حامد الباحث المصري في العلاقات الدولية فإن رغبة إعادة سوريا إلى الحضن العربي “أمر جيد” لكنه في نفس الوقت يعتقد بأنها عودة “متأخرة جدا”، مشيرا في تصريح لـ”الجزائر” أن ذلك “ينسجم مع مبادرة الإمارات والبحرين في إعادة فتح سفارتهما في دمشق”. ووصف حامد في تحليله “الجزائر والعراق ولبنان بـ”الدول الرائدة والمبادرة” في مسألة إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية.
وقال الباحث المصري المتخصص في القانون والعلاقات الدولية إنه كان “من المفترض أن تعود سوريا إلى الجامعة سنة 2016 أي بعد التدخل الروسي في المعارك لسنة كاملة حيث أصبح التوازن والغلبة لصالح النظام السوري أو على الأقل مع الزخم الذي حدث العام الماضي، مع زيارة الرئيس السوداني السابق البشير ثم الرغبة الخليجية في إعادة العلاقات بفتح سفاراتهم مرة أخرى في دمشق”.
ولكن وفق المتحدث، هناك ما وصفها بـ”الفيتوهات” من جانب الحكومة السورية، التي قال بشأنها إنها “لا تزال ترفض التعامل مع الدول العربية حيث تراها أنها كانت جزءا من الأزمة في بلاده ولا تريد مد يد التعاون معها رغم وعود إعادة إعمار سوريا من طرف رجال أعمال عرب”.
ولمح الباحث المصري حامد إلى مترشحي الرئاسة التونسية، الذين عبر العديد منهم عن تصميمه في إعادة العلاقات مع دمشق إلى سالف عهدها، وهذه هي العلاقة التي تربط الشعوب العربية بسوريا.
وأفاد وزير الخارجية المصري سامح شكري، الأربعاء الفارط، بأن هناك “مشاورات عربية للتوافق حول التوقيت المناسب لعودة سوريا إلى الجامعة العربية”. وأوضح شكري في تصريحات صحيفة أودرتها وكالة الأنباء المصرية، أن “سوريا دولة عربية مهمة”، وأضاف: “هناك مشاورات فيما بين الدول العربية للتوافق حول التوقيت الملائم والمناسب لعودتها إلى الجامعة العربية بعد إزالة محنتها والعمل على تنفيذ المسار السياسي”، دون تحديد موعد بشأن ذلك.وأوضح أن اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي تم الثلاثاء، لم يناقش موضوع عودة سوريا بـ”شكل واسع”، وأكد أنه “بعد إزالة محنة سوريا والعمل على تنفيذ المسار السياسي، فستكون بالتأكيد هناك فرصة أخرى ومزيد من الحوار فيما بين الوزراء العرب لتحديد التوقيت الملائم لهذه العودة”.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية المصري، بعد جهود دبلوماسية حثيثة قامت بها عدة دول داخل الجامعة أبرزها الجزائر وتونس والعراق ولبنان من أجل إعادة دمشق إلى الجامعة العربية.
ولا بد من التذكير أن ملف عودة سوريا إلى الجامعة كان من المفترض دراسته في القمة العربية التي عقدت في تونس شهر أفريل الماضي، ولكن الملف لم يدرج لأسباب تتعلق بعدم وجود تفاهمات بين الدول العربية حول المسألة، لكن الأمر يبدوا أنه تم تجاوزه حاليا بين الحكومات العربية التي لم يبق أمامها إلا التوافق حول توقيت هذه العودة، بعد تطبيع بعض الأنظمة العربية علاقاتها مع الحكومة السورية.
ولكن الملف لم يدرج على قائمة أعمال قمة مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء خارجية الدول العربية، وصدر بيان عن اجتماع وزراء الخارجية العرب في الاجتماعات التحضيرية للقمة، ربط عودة سوريا للجامعة العربية آنذاك، بتنفيذ شرطين، وهما وجود توافق مع موقف نظام الرئيس بشار الأسد فيما يتعلق بالتسوية السياسية وبالعلاقة مع إيران.
وكان قد علق مجلس الجامعة العربية، في نوفمبر عام 2011، عضوية دمشق نتيجة لضغوط عدة مارستها دول عربية مؤثرة، في ظل “ربيع عربي” حمل إلى الحكم شخصيات معادية لنظام دمشق، حيث حمّلت هذه الحكومات نظام الرئيس بشار الأسد مسؤولية الدماء والأزمة الأمنية التي وقعت طوال مدة الصراع المسلح، علاوة على دعمها الكبير لقوى المعارضة السورية بشقيها المسلح والمدني.
وبعدما أغلقت دول عربية عدة سفاراتها في دمشق، كما أن هناك من خفضت مستوى علاقاتها مع النظام السوري، رجعت بداية السنة الحالية، بعضها إلى تبني مقاربة جديدة في العلاقات مع سوريا الرسمية على غرار الإمارات العربية التي أعادت افتتاح سفارتها في دمشق، فيما قام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، بزيارة لدمشق، التقى فيها الرئيس السوري بشار الأسد، كانت زيارته هي الأولى لرئيس عربي لدمشق منذ اندلاع الأزمة السورية.
وتبقى الجزائر من الدول الوحيدة في الجامعة العربية التي حافظت منذ اشتعال الصراع الدامي في سوريا على مقاربة واحدة ترتكز على الحل السلمي والداخلي بعيدا عن أجندات التدويل، ولم تقطع علاقاتها مع الدولة السورية، هذا رغم الانتقادات التي تعرضت إليها الجزائر بسبب موقفها من الأزمة هناك، إلا أن تلك الجهات التي كانت تهاجم الدبلوماسية الجزائرية التي لم تصطف وراء الأجندات المشبوهة عادت في الأخير إلى نفس مواقف الجزائر المبدئية من أزمة سوريا.
إسلام كعبش