اتسعت دائرة الشخصيات التي التفت حولها فئات معينة من المواطنين ودعتها للترشح للرئاسيات القادمة، فمن زروال، إلى حمروش إلى بلخادم، و بنسبة أقل تبون الذي أعلن ترشح رسميا، فيما رفض زروال ذلك، وأبقي كل من حمروش وبلخادم الباب مفتوحا لاحتمالات عدة، وهي ظاهرة طرحت تساؤلات حول الغاية من وراء دعوة تلك الشخصيات للترشح والإلحاح عليها، إن كانت هذه الفئة من المواطنين قد شدها الحنين إلى المراحل السابقة، أم أنها لا تؤمن بالكفاءات الموجودة حاليا، أم أن هناك لعبة مصالح تحركها، أم أن إفلاس الساحة السياسية السبب.
شهدت الساحة الوطنية منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي إلى اليوم، بروز أطياف من المجتمع تريد ترشيح شخصيات “تاريخية” و”وطنية “للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم أن هذه الشخصيات لم تبد رغبتها في ذلك، و سلكت هذه الفئات في سبيل ذلك عدة طرق، إما عبر دعوات كتابية للشخصية المرغوب في ترشحها من أجل تلبية مطلب الترشح، أو بالانتقال إلى مقر سكن المعني والإلحاح عليه، وتشكيل خلايا دعم ومساندة له.
وقد بدأت الدعوات هذه تبرز مع تقديم رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة استقالته في 2 أفريل الماضي، حيث توجه العديد من المواطنين إلى مقر سكن رئيس الجمهورية الأسبق اليمين زروال بباتنة ودعوه لقيادة المرحلة القادمة، وقد تكررت المحاولات عدة مرات إلا أن زروال كان دائما جوابه أنه “يجب ترك المشعل للشباب لتسيير البلاد في هذه المرحلة”، وبعد أشهر ومع إعلان رئيس الدولة عبد القادر بن صالح عن تاريخ تنظيم الرئاسيات القادمة والذي حدد في 12 ديسمبر القادم، وفتح باب الترشيحات، وبدء العديد من الراغبين في الترشح إلى إعلان نيتهم في ذلك، ظهرت فئة من المواطنين تروج لإمكانية ترشح الوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون، ولم يقض وقت طويل حتى أعلن هذا الأخير ترشحه رسميا، وبعدها بأيام بدأت حملة جديدة من قبل فئات أخرى تدعو رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش إلى الترشح، وقد شكلت صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصيصا لحشد الدعم لحمروش وحثته على الترشح، كما تنقل عدد من المواطنين إلى مقراه سكناه بأعالي العاصمة، وتجمهروا هنالك وطالبوه بتقديم ملفه، غير أنه رد بالقول “أنه لن يترشح لكن يبقي الباب مفتوحا”، وقد تزامن مع حملة دعوة حمروش للترشح حملة أخرى مشابهة تدعو رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم أيضا للترشح، وتنقل العديد من الشخصيات لإقناعه بذلك، غير أنه أبقى على “السوسبانس” ولم يغلق الباب نهائيا حول هذه المسالة، وقد يتساءل الكثيرون عن الدافع وراء إلحاح بعض المواطنين والفعاليات على ترشيح شخصية معينة، خصوصا وأن هذه الشخصيات كانت جزءا من النظام “البوتفلقي”، أوالعهد الذي سبقه، فهل هو حنين لهذه الأنظمة رغم أن الشارع وبالنظر إلى المسيرات الشعبية يطالب ويصر على ضرورة إحداث القطيعة مع كل مسؤول سابق، أم أنه لم تعد هناك ثقة في الكفاءات الحالية، وإفلاس الساحة السياسية من الشخصيات التي تصلح لمنصب الرئيس.
أستاذ العلوم السياسية نسيم بلهول:
“ضبط كل الأذواق على إيقاع الشخصية التي يريدها الشعب صعب”
في هذا السياق يقول أستاذ العلوم السياسية نسيم بلهول في تصريح لـ “الجزائر”، إنه على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي هناك دعايات مجانية لشخصيات معينة قصد حشد الجماهير والرأي العام نحوها، وأضاف أن مسألة المناداة بشخصيات لحثتها على الترشح من قبل فئة معينة من المواطنين ليس أساس يعتمد عليه للترشح، فتلك الشخصيات و التي هي مرتبطة بالنظام فستلجأ أطراف من الجهة المعاكسة لها بإخراج ملفاتها من هنا وهناك، سواء ما تعلق بشخصيات مرتبطة بعهد بوتفليقة أو حتى تلك التي تقلدت مناصب في فترة التسعينات كحمروش رغم انه يعتبر شخصية تاريخية، وقال الأستاذ الجامعي أنه وحتى الشخصيات الأكاديمية التي أصبحت تظهر في الساحة السياسية تحولت إلى مادة للسخرية، واعتبر أن ضبط كل الأذواق على إيقاع الشخصية التي يريدها الشعب صعب .
و يرى بلهول أن الجانب المصلحي يلعب أيضا دور كبير في تزكية شخصية و دعمها و حشد الجماهير لها، وهذا ما يجعل جانب الجودة السياسية في الجزائر خارج الحسابات السياسية في هذه المسائل، و أشار الأكاديمي إلى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام أيضا في الرفع من أسهم الشخصيات أو العكس.
كما اعتبر بلهول أنه حتى العدد الكبير للمرتشحين ميع العملية الانتخابية وزادتها طريقة تعامل وسائل الإعلام مع هذا الأمر سوء، أين حولت قضية كقضية انتخابات رئاسية و التي تسفر في النهاية عن انتخاب رئيس للبلاد إلى “مهزلة ومادة للسخرية”، و تأسف المتحدث لهذا الوضع، و قال أنه من المفروض و بالنظر لحساسية المسالة و أهميتها القوى فكان الأولى حدوث إجماع بين الرجال القدامى ذوي المصداقية، و النخبة و طبقات المجتمع المختلفة من أجل ترشيح شخصية تصلح لمنصب الرئيس.
الباحث السياسي بشير شايب:
“هناك إفلاس في الساحة السياسية”
من جانبه قال الباحث السياسي بشير شايب في تصريح لـ “الجزائر”، أنه و بالنسبة للكثير من المواطنين فالبحث عن شخصيات على وزن حمروش، زروال، بلخادم يأتي من باب أنهم يعتقدون أن لها مصداقية و نزاهة، لكن من جهة أخرى فقد يدل هذا الأمر على أن الشعب يعطي رسالة وكأنه يقول أن هناك إفلاس في الساحة السياسية، وان المترشحين الحاليين لا يرونهم مناسبين لمنصب رئيس الجمهورية.
رزيقة.خ