• قانونيون يقرون صعوبة الحكم على هيئة شرفي قبل مباشرة عملها
تنتظر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات مهمة صعبة تتمثل في تنظيم انتخابات الرئاسة لـ12 ديسمبر 2019، وهي أول عملية تخوضها هذه الهيئة بعدما كانت قبل اندلاع الحراك الشعبي مجرد أمنية من أمنيات المعارضة، في أن تتولى الانتخابات هيئة مستقلة عن الإدارة، وقد أكدت السلطة السياسية القائمة على دعمها لهذه الهيئة الانتخابية المستقلة من بداية عملها إلى غاية الإعلان عن نتائج الرئاسيات.. فهل تستطيع سلطة محمد شرفي مراقبة وتنظيم العملية الانتخابية لاستحقاق 12 ديسمبر كما يتمنى المشاركون في هذا الإستحقاق الانتخابي ؟؟.. ننتظر لنرى.
تم لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة استحداث مؤسسة مستقلة لتنظيم كل أشكال الانتخابات تحت عنوان: “السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات”، وستكون مختصة، في تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، ومراقبتها داخل وخارج الوطن وإعلان نتائجها.
وأتت هذه الهيئة الجديدة، بعد “ماراطون” من المشاورات وجلسات الحوار بقيادة كريم يونس، لتتولى مهامها وفق إطار قانوني خاص بها حولها إلى مؤسسة مستقلة ماليا وإداريا، لتحل مكان كل من اللجنة الوطنية القضائية للإشراف على الانتخابات واللجنة الوطنية السياسية لمراقبة الانتخابات، والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهذا بعدما تم حل الأخيرة.
وأطلق محمد شرفي رئيس السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات عدة تصريحات تصب في خانة طمأنة الرأي العام الوطني بأن رئاسيات 12 ديسمبر لن تكون كسابقاتها، وأن التزوير “مستحيل” هذه المرة بالنظر إلى الإمكانيات التي أصبحت تحظى بها السلطة المستقلة مقارنة بنظيرتها في السابق.
ويظل شرفي في خرجاته المكثفة هذه الأيام متمسكا بمواقفه بخصوص نزاهة الاقتراع الرئاسي المقبل، لإقناع الجزائريين بأنه لا سلطة ستعلوا على سلطة الشعب في اختيار رئيس الجمهورية القادم، الذي له وحده قرار اختيار الساكن الجديد لقصر المرادية، وأن عهد صناعة الرؤساء قد ولى، ودعا شرفي في كذا مرة شباب الحراك إلى مساعدة الهيئة الانتخابية في مراقبة الصناديق لتأمين العملية أكثر فأكثر، ويتكئ شرفي على التطورات التكنولوجية الحاصلة في تأمين العملية الانتخابية.
وتعتبر الكثير من الشخصيات الحزبية والمستقلة من المشاركة في الرئاسيات القادمة أن تأسيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات هو “المحفز” الرئيسي لدخولها غمار الترشح، في ظل تطمينات المؤسسة العسكرية أن هذه الأخيرة “لن تزكي أيا من المترشحين” وأن الصندوق هو الفيصل في اختيار رئيس الجمهورية القادم.
ومن بين أبرز السلبيات التي تم تضمينها لهيئة محمد شرفي، مثلما أشارت عدة شخصيات حزبية هو سرعة تنصيبها، مما اعتبروا تأسيسها تم من دون توفر الشروط الموضوعية، في إشارة إلى “ماراطون” مشاورات هيئة الحوار والوساطة برئاسة كريم يونس والتي قاطعتها عدة أطراف مهمة في الساحة السياسية، في حين يربط آخرون عدم اقتناعهم بسلطة الانتخابات بإرادة النظام السياسي وإيمانه بجدوى انتخابات شفافة ونزيهة.
وفي سياق متصل، تعتقد جهات قانونية أنه من الصعب الحكم على السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أي قبل مباشرة عملها في الميدان يوم تنظيم الاقتراع في التاريخ المحدد سلفا.
وفي هذا الخصوص، أكد المحامي والمستشار السابق في حقوق الإنسان فاروق قسنطيني في اتصال معه أن السلطة المستقلة للانتخابات “على رأسها شخصيات معروفة وتحظى بالثقة لكن عملهم يجب أن يبرهن على أرضية الواقع بحيث يجب أن يفرضوا انتخابات نزيهة”.
وأكد فاروق قسنطيني أن “الانتخابات التي لا تتورط فيها الإدارة التي لديها تقاليد في التزوير يجب أن نثق فيها”، في إشارة إلى أن هيئة شرفي مستقلة تماما عن الإدارة، وأبرز قسنطيني أن “مستقبل الجزائر بين أيدي السلطة المستقلة للانتخابات”.
من جهته، اعتبر المحامي عبد الرحمن صالح أنه من “الصعب الحكم على نجاح هذه السلطة في تحقيق انتخابات نزيهة لأنها في بداية عملها بحيث لا تزال تنصب في هياكلها وتعين مندوبيها الولائيين والبلديين”.
ووصف المحامي عبد الرحمن صالح الإطار القانوني المشكل لهذه الهيئة المختصة في تنظيم ومراقبة الانتخابات بـ”السليم جدا”، متسائلا في السياق ذاته، هل بإمكانها تحقيق مبتغاها عند تطبيق عملها على أرض الواقع ؟. وفي سياق مغاير، أشار عبد الرحمن صالح إلى الشكاوى التي تقدم بها بعض المرشحين بسبب وجود عدة خروق في عملية جمع التوقيعات إضافة إلى “العراقيل البيروقراطية” أثناء جمع الاستمارات، محذرا من عودة نفس أسطوانة الأعمال التحكمية للإدارة.
• بيوغرافيا محمد شرفي:
ولد محمد شرفي، في 15 أكتوبر 1946، بولاية قالمة، بعد الاستقلال درس بالمدرسة الوطنية العليا للإدارة، الخزان الأساسي الذي يمد الدولة بالإطارات.
تخصص جامعيا في القضاء، وتخرج بشهادة الليسانس في العلوم الجنائية ومكافحة المخدرات، ثم نال شهادة الدكتوراه في القانون، وباشر حياته المهنية في قطاع العدالة، وتولى منصب النائب العام لعشرة أعوام كاملة (1979- 1989) بعدة ولايات.
تولى محمد شرفي، منصب الأمين العام لوزارة العدل، بين 1989 و1991، لينتقل بعدها إلى منصب مستشار بالمحكمة العليا لأعوام طويلة.
كما عمل مستشارا للرئيس بوتفليقة، في أول سنة له كرئيس للجمهورية، قبل أن يعين وزيرا للعدل في 2002، وكان يومها علي بن فليس، رئيسا للحكومة، وبالتالي عرف بعد ذلك بالقرب منه.
وأعاد بوتفليقة محمد شرفي وزيرا للعدل مرة ثانية، في 2012، وخلال هذه الفترة قام بخطوة جريئة تمثلت في إصدار مذكرة توقيف دولية، بحق وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الذي كان محسوبا على محيط الرئيس بوتفليقة، حيث أعطى الضوء الأخضر، للنائب العام لمجلس قضاء الجزائر العاصمة آنذاك بلقاسم زغماتي (وزير العدل الحالي)، لإصدار مذكرة توقيف دولية بحق وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، ولكن بعد هذا الإجراء بقي محمد شرفي، في المنصب لأشهر قليلة، قبل أن تتم إقالته من طرف بوتفليقة، ويستبدله بالطيب لوح، المتواجد حاليا في الحبس المؤقت، ليتوارى محمد شرفي عن الساحة، إلى غاية تنصيبه رئيسا للسلطة المستقلة العليا للانتخابات بتاريخ 15 سبتمبر الماضي.
مهام السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات:
• تجسيد وتعميق الديمقراطية الدستورية وترقية النظام الانتخابي المؤدي للتداول السلمي والديمقراطي على ممارسة السلطة.
• تحتكم السلطة المستقلة لمبدأ سيادة الشعب عن طريق الانتخابات.
• تضمن لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية للانتخاب حق التصويت.
• تسجيل الناخبين والقوائم الانتخابية ومراجعتها.
• التحضير للعمليات الانتخابية والتصويت.
فرز وإعلان النتائج الأولية.
• مسك البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة بالداخل والخارج وتحيينها بصفة دورية وفقا للقانون.
• استقبال ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية والفصل في فيها.
• اعتماد ممثلي المترشحين مراقبي العملية للانتخابية.
إسلام كعبش