الأحد , نوفمبر 24 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / الوطني / خبراء يرون أن اتخاذ قرارات من دونها قد يخلق أزمات:
هل تعتمد معطيات مراكز الدراسات في صناعة القرار؟

خبراء يرون أن اتخاذ قرارات من دونها قد يخلق أزمات:
هل تعتمد معطيات مراكز الدراسات في صناعة القرار؟

رغم الأهمية البالغة التي تكتسيها مراكز البحث والدراسات وكذا عمليات سبر الآراء في مختلف دول العالم، والتي تعتمد عليها كمرجع رئيسي لاتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة، إلا أننا لا نجد أي أهمية لها في الجزائر، حتى أن الموجودة منها تعد على الأصابع وغالبيتها تقدم معلومات يعتبرها الكثيرون غير دقيقة أو موجهة، كما أنها لا تهتم بالتوجه العام نحو المسائل السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية المصيرية، وهو ما نشهده حاليا من غياب تام لعمليات سبر الآراء أو اهتمام المراكز الموجودة بالبحث، في توجه الرأي العام من الموعد الانتخابي الهام الذي تنتظره البلاد، فهل السبب في ذلك يعود إلى نقص الوعي لدى المجتمع أم لغياب الكفاءات، أم لطبيعة النظام، أم هو الخوف المفرط من الانفتاح على الأفكار الجديدة، القادمة من خارج محيط المسؤولين وصناع القرار؟ وهل بالفعل يؤدي عدم الاستعانة بهذه المراكز إلى خلق أزمات متتالية؟.
تؤدي مراكز الدراسات والبحوث أو ما يطلق عليه مخازن التفكير -Think Tanks- أدوارا كبيرة في صنع السياسة العامة في مختلف دول العالم نظرا لما تقدمه من معارف دقيقة ومتخصصة، فالمعرفة التي تقدمها هذه المراكز من خلال الأنشطة العلمية المختلفة، تضاعف مستوى الوعي لدى صانع القرار والمؤسسات والأفراد، وتساعدهم على الربط بين الوقائع الميدانية وإطارها العلمي النظري، ولذا نجد الدول الكبرى تهتم بإنشاء ودعم مراكز الأبحاث، هذه الأخيرة تمارس دورها في التأثير على صناع القرار، من خلال عدة أشكال أو وسائل بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، بعضها يكون له تأثيره على المدى البعيد، وبعضها يكون تأثيره على المدى القصير، كالأنشطة العلمية التفاعلية على غرار عقد المؤتمرات، الندوات وورش العمل حول قضايا تقع ضمن القرار السياسي، والحلقات البحثية أو اللقاءات المغلقة، وعادة تكونهذه الحلقات بين كبار المسؤولين أو صناع القرار مع فريق من الخبراء المكلفين بإعداد دراسات معينة تتعلق بقضايا بعينها أو إعداد سياسات عامة.
كما أن لوسائل الإعلام دور كبير في صناعة القرار من خلال اللقاءات التي تجريها مع خبراء وعاملين في مراكز الدراسات والبحوث للاطلاع على آرائهم وتحليلهم العلمي للقضايا السياسية المختلفة، غير أنه في الجزائر وإن كانت تنظم دوريا ندوات مع خبراء ولقاءات مع أساتذة وباحثين، إلا أن الاهتمام بهذه المسألة يبقى ضعيفا ومراكز البحث لا تعطى لها الأهمية التي تستحقها ولا يؤخذ بمنتوجها، ويرى الكثير من المختصين أن السبب في ذلك ليس له علاقة بنقص الكفاءات، فالجزائر تضم من الكفاءات ما يؤهلها لأن تفتح أكبر المراكز البحثية، والدليل على ذلك أن معظم المراكز الموجودة في العالم تضم في صفوفها خبراء جزائريين، إنما السبب حسبهم يرجع إلى طبيعة النظام السياسي في الجزائر الذي لا يولي أهمية لما تقدمه المراكز من فكرة أو معلومة يمكن استغلالها في صناعة السياسة العامة للبلاد.

إشكالات تعيق مراكز الدراسات عن صناعة القرار
وتعاني مراكز الأبحاث والدراسات في الجزائر وكما في العالم العربي ككل، من مجموعة من الإشكالات، كضعف ثقافة التأسيس المنهجي لدى الكثير من المسؤولين والإدارة، والحذر المفرط من الانفتاح بسهولة على الأفكار الجديدة، القادمة من خارج محيط المسؤولين وصناع القرار، إضافة إلى غياب قواعد بيانات إلكترونية تشكل مصدراً أساسياً لإعداد الدراسات والأبحاث العلمية، أضف إلى ذلك ضعف الشراكة التفاعلية بين مراكز الأبحاث والدراسات الخاصة والمستقلة مع مختلف القطاعات الحكومية، كما يشكل ضعف الإمكانيات والقدرات التسويقية للإنتاج المعرفي والنشر العلمي الذي يصدر عن بعض مراكز الأبحاث والدراسات عامل محبط لانجازات المراكز.

المختص في علم الاجتماع محمد طيبي:
“عدم الاستعانة بمراكز الدراسات يولد قرارات ارتجالية تخلق أزمات متتالية”
رغم كل هذه الصعوبات يدعو المختصون إلى ضرورة اعتماد مراكز البحث، والأخذ بمنتجاتها، لأنها الوحيدة القادرة على تشخيص الوضع وتقديم حلول للأزمات بناء على المعطيات العلمية الدقيقة المستقاة من لدن خبراء ومن الميدان، خصوصا مع تعقد المجتمع، وتوالي الأزمات في الجزائر، وفي هذا الشأن يقول المختص في علم الاجتماع محمد طيبي في تصريح لـ “الجزائر”: “إن البلدان التي تتخذ القرارات الناجعة تتخذها على أسس مذكورة في القرآن الكريم وهي التدبر والتبصر، والتي تأتي عن طريق تحليل المعطيات واتخاذ القرار المناسب بعد ذلك”، وأضاف أنه “اليوم وبالنظر إلى تعقد المجتمعات والأنظمة فالأمر يستدعي بالضرورة أن تكون هنالك مراكز دراسات متخصصة في كل القطاعات، تربية، صحة، اقتصاد، سياسة وغيرها، فلا يمكن تسيير البلاد دون وجود دراسات تحدد السيناريوهات المحتملة وتساعد على صناعة القرارات”، وأوضح أن “صانع القرار يجمع بين معارفه اعتبارا من خبرته ومنصبه وما يقدمه له المختصون والمحللون من أطروحات”، واعتبر الخبير الاجتماعي أنه “إذا ما تم الخروج على منطق التسيير المبني على هذه الأسس، سوف ندخل فيما يسمى التسيير العشوائي والارتجالي الذي يرتكز على رد فعل لاعقلاني وينقل البلاد من أزمة إلى أزمة ويتراكم الفشل ويتم إعادة إنتاج الأزمات”، وقال طيبي “هذا ما نجده في الجزائر، فنحن نعيش أزمة وراء أزمة، لأن اتخاذ القرار لم يكن مرتبطا بفكرة الدولة كمؤسسات إنما كان مرتبطا بالسلطة الممثلة في أشخاص”.
وتأسف طيبي لعدم وجود مراكز بحث ودراسات متختصصة في الجزائر، كما تأسف للعراقيل والضغوط التي عانت منها بعض هذه المراكز في عهد رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة كمركز الأنثربولوجيا بوهران الذي أشرف طيبي على إنشائه والذي قال إنه “اضطر إلى تركه بعد أن أصبح المركز لا يخدم مصلحة الجزائر إنما سخر لخدمة قوة أخرى لديها علاقة قوية بالمحيطين ببوتفليقة”.

الخبير في تكنولوجيات الاتصال والرقمنة يوسف بوشريم:
“الجزائر لا تزال بعيدة على اعتماد الإحصائيات والأبحاث في صناعة القرار السياسي”

من جانبه يقول الخبير في تكنولوجيات الاتصال والرقمنة يوسف بوشريم في تصريح لـ “الجزائر”: “إن المواطن اليوم أصبح يتحكم في التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل رهيب وهو اليوم أصبح يقوم بإحصائيات وسبر للآراء عبر هذه المنصات”، وأضاف أن القيام بالإحصائيات أو رصد الآراء لا يتطلب تكنولوجيا عالية أو كبيرة، كما أنها لا تتطلب كفاءة عالية ليقوم الشخص بهذه العملية، ويرى أن النظام السياسي لا يأخذ بالإحصائيات ولا يعتمدها كمرجع في توجيه السياسة.
ويرى أن القرارات في الجزائر تتخذ ولا تصنع، عكس ما يحدث في الدول المتطورة، حيث القرارات تصنع بناء على ما تفرزه مراكز الإحصاء وسبر الآراء، وأشار إلى أنه في البلدان المتقدمة، تعتبر مراكز الإحصاء العصب النابض والرئيسي لصناعة القرار، فالسياسي أو الاقتصادي أو حتى صاحب مؤسسة معينة يرجع إلى هذه المراكز عندما يكون بصدد اتخاذ قرار للاطلاع على النتائج التي تفرزها كونها معبرة عن توجهات الرأي العام ومساعدة على معرفة القرار الصائب. وقال بوشريم إن حتى الشركات قبل اتخاذها أي خطوة تتعلق بمصالحها وعقودها أو مستقبلها دائما ما تستعين بهذه الإحصائيات. ويوضح الخبير أن صناعة القرار عبارة عن جمع عدد أكبر من المعلومات تم تستغل في اتخاذ القرار.
وتأسف المتحدث ذاته عن الوضع في الجزائر وقال “إننا لا نزال متأخرين جدا في كل المجالات العلمية والتكنولوجية”، فهناك -حسبه- عدد من المسؤولين لا يتقنون استعمال التكنولوجيا وليس لديهم حتى إيميلات يستقبلون فيها مختلف الرسائل، فكيف لهم أن يطلعوا على المستجدات، وأضاف أن العالم في تطور مستمر وإذا لم نواكب هذا التطور خاصة التكنولوجي المتسارع فسوف نبقى دائما متأخرين بسنوات وسنوات، خصوصا- يقول الخبير- أن التكنولوجيا أصبحت المحرك الأساسي في كل العمليات وحتى في الحياة اليومية للمواطن فما بالك بالمؤسسات والأنظمة.
وأشار بوشريم إلى المدى الذي أصبحت تساهم وتساعد فيه التكنولوجيا في معرفة خيارات الأشخاص وحتى ردود فعلهم إزاء الأحداث الحاصلة والتي تعتمد في اتخاذ قرار معين من قبل الشركات أو الأنظمة، حيث أشار إلى أنه في بعض الدول المتطورة توضع كاميرات على اللافتات الخاصة بمواد إشهارية، أو لشعارات سياسية، أو للافتات الخاصة بمرشحين لإنتخابات معينة، ويتم فيها رصد ملامح الأشخاص عند قراءتهم للافتات أو أثناء تمعنهم فيها، وعلى أساسها تتمكن الشركات صاحبة الإشهار أو صاحب اللافتة من معرفة مواقف وآراء الناس حول ما عرضه عليهم ومن ثمة اتخاذ القرار المناسب.
رزيقة.خ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Watch Dragon ball super