تحولت جلسة مناقشة مشروع قانون المحروقات بالغرفة السفلى للبرلمان إلى منبر لتبادل وإطلاق التهم بين ممثلي الحكومة من جهة ونواب البرلمان من جهة أخرى، بعد أن احتدم الخلاف حول مضمونه، حيث استغل النواب تدخلاتهم لإطلاق العنان لسخطهم وتذمرهم مما جاء به القانون، في حين دافع وزير الطاقة بشراسة عن خيارات الحكومة.
وأعاب نواب لدى عرض مشروع قانون المحروقات غموضه في بعض البنود المتعلقة بالشراكة مع الأجانب، وقال النائب لخضر بن خلاف عن الإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، إن مواد القانون “لم تجب عن الاستهلاك المحلي ولم تجب على التحدي في الشق المتعلق بالطاقة المتجددة التي يجب أن نستثمر فيها، كما لم يجب على الشراكة الأجنبية التي يريد أن يأتي بها خدمة للجزائر”، معيبا على الحكومة “منحها تحفيزات كثيرة للأجانب، من بينها العمال الذين يعملون في الشركات الأجنبية حيث وتساهل مع الاقتطاعات القانونية الاجتماعية الخاصة بهم، حيث لم يفرضها عليهم صراحة بل ترك لهم حرية تسديدها في الصندوق الذي ينتمون إليه في بلدهم وهو أمر غير مفهوم حسب ذات المتحدث”. وتساءل النائب ذاته، أيضا “عن عدم إجابة القانون عن المشكل المادي المتعلق بميزانية الدولة التي من بينها 98 بالمائة مداخيل من المحروقات”، وعلى هذا الأساس اعتبر بن خلاف “مجيء هذا القانون في هذا الوقت بالذات عن طريق حكومة تصريف أعمال يزيد الطين بلة في وقت كان يمكن الانتظار إلى ما بعد الرئاسيات ومناقشته”.
وفي السياق ذاته، طبعت مناقشة القانون احتجاجات من طرف النواب أثناء عرضه من قبل وزير الطاقة محمد عرقاب، حيث رفع برلمانيون أحرار لافتات في بهو المجلس تندد بعرض القانون المصيري في هذا التوقيت، كما دخلوا إلى قاعة الجلسات ورفعوا نفس اللافتات لإثارة انتباه الوزير.
-عرقاب يدافع بشراسة عن خيار تعديل قانون المحروقات
بالمقابل، دافع وزير الطاقة، محمد عرقاب، بشراسة عن خيار التوجه لتعديل قانون المحروقات، محذرا من استمرار العمل بنفس المواد الحالية، كاشفا بأنه تم استهلاك 60 في المائة من احتياطات الجزائر التقليدية الأولية من المحروقات في السوق الوطنية والتصدير.
وقال عرقاب إن “تباطؤ نشاط المنبع لصناعة النفط الوطنية وما نتج عنه من تراجع في احتياطياتنا المؤكدة ومستوى إنتاجنا، دفعنا للتفكير في نص جديد قادر على إنعاش النشاط في القطاع من خلال الشراكة مع رأس المال الخاص، ومن أجل الحد من المخاطر الاستكشاف التي تتحملها وحدها مؤسسة سوناطراك”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن مشروع القانون يهدف إلى “تحسين ظروف الاستثمار في الجانب القانوني والمؤسساتي والجبائي وذلك بغية، تشجيع وتعزيز الشراكة بهدف زيادة جهود الاستكشاف وزيادة احتياطات البلاد لضمان الأمن الطاقوي على المدى الطويل، وتأمين الموارد الضرورية للنمو الاقتصادي والاجتماعي تلبية حاجيات السوق الوطنية على المدى الطويل ضمن سياق نمو متسارع للاستهلاك الوطني للغاز والمتوجات البترولية وحصص سوناطراك في السوق الدولية من خلال زيادة إنتاجها”.
وأضاف وزير القطاع لتحقيق أنه تم تعديل الإطار المؤسسي من أجل إزالة العبء الإداري الذي يثقل تكاليف الإنتاج كما تم إدخال نظام ضريبي مبسط وتنافسي من أجل تشجيع مشاركة المستثمرين الأجانب، وأوضح في هذا الجانب أن اللجوء إلى الشراكة الأجنبية ليس غاية في حد ذاتها، ولكنه سيسرع عملية تفعيل نشاط الاستكشاف والإنتاج من أجل تجديد الاحتياطيات المستنزفة.
ولجذب استثمارات أجنبية جديدة في قطاع المحروقات، أوضح الوزير أنه تم تقديم حوافز في مشروع هذا القانون لتبسيط جميع الإجراءات الإدارية والتشغيلية لممارسة الأنشطة النفطية، وذلك لتقليص الوقت وخفض التكاليف التي قد تعوق التشغيل السلس لهذه الأنشطة، وتوفر عائد استثمار مقبولا للشريك الأجنبي يمكن مقارنته بالعائد الذي تقدمه الدول المنافسة، مؤكدا على أن ممارسة هذه الانشطة النفطية لا يمكن تنفيذها على حساب الجوانب المتعلقة بصحة المستخدمين وسلامة المنشآت وحماية البيئة ولاسيما الموارد المائية
في السياق ذاته، أكد أن مشروع قانون هذا يمنح للدولة دور في الحفاظ على الموارد الطبيعية من المحروقات من خلال استغلالها بطريقة مثلى وفقا لأفضل المعايير الدولية ومن خلال تخصيص هذه الموارد على وجه الخصوص لإشباع احتياجات السوق المحلية من الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية.
ومن جانبها، أكدت مقررة اللجنة، أن أحكام مشروع هذا القانون كانت محل دراسات دقيقة ومعمقة من قبل خبراء ومختصين جزائريين معترف بهم دوليا، ومشهود لهم بالكفاءة والمهنية الراقية والتمتع بالروح الوطنية العالية.
وأضافت تكوك منصورية أن الدراسات تتوقع تسجيل عجز هيكلي كبير آفاق 2030، سيجعل شركة سوناطراك غير قادرة على تصدير المحروقات، بما يفيد أن قانون 05-07 قد أثبت محدوديته، وعليه، فإنه أصبح من الضروري العمل على إعداد نص قانوني جديد يستجيب لمتطلبات الاقتصاد الوطني، وهو الأمر الذي استوجب إدراج ثلاثة أنواع من العقود النفطية في مجال الشراكة: عقد الامتياز، عقد خدمات ذات المخاطر وعقد المشاركة أو تقاسم الإنتاج.
واختتمت مقررة اللجنة بالقول إن الخبراء والمختصين “أجمعوا على حتمية إصلاح النظام القانوني والتعاقدي والجبائي للتكيف مع النظام الدولي الطاقوي الجديد الذي يعرف عرضا وافرا في الإنتاج، وانخفاضا في الأسعار، وذلك قصد إعادة الاعتبار للمجال المنجمي الوطني وجلب الاستثمارات الأجنبية التي تتمتع بالتقنيات العالية والحائزة على رؤوس الأموال الكافية للدخول في شراكة متعادلة مع سوناطراك، لاسيما في مجال تقاسم مخاطر البحث والاستكشاف ومواجهة الصعوبات والتعقيدات الجيولوجية التي يتميز بها مجالنا المنجمي”.
عمر حمادي