أحيت أمس الجزائر، أمس، عند الذكرى 18 عشرا لفيضانات باب الوادي، التي خلفت مقتل 733 ضحية منهم 683 لقوا مصرعهم في أزقة الحي الشعبي، والتي دمرت في طريقها ما قيمته 2.5 مليار دينار، وتشردت مئات العائلات، تلك الذكرى الأليمة التي لا يمحوها الزمن من مخيلة كل الجزائريين، وبالرغم من المشاريع التي أقيمت بمحيط مقاطعة باب الواد بعد فيضانات العاشر من نوفمبر سنة 2001، إلا أنه لا يزال عدد من العائلات المقيمة بعمارات مهددة بالانهيار تنتظر الترحيل، مع مخاوف كبيرة من تكرار سيناريو كارثة باب الواد 2001، وهم الذين عاشوا الحدث.
حيث تمر 18 سنة تمر على الكارثة الطبيعية غير أنه ولا شيء تغير، فلا مخططات ولا دراسات تقنية جادة لمواجهة غضب الطبيعة رغم أن الفيضانات تتكرر سنويا وبمناطق مختلفة من الوطن ما يدعو للقلق ودق ناقوس الخطر لتجنب ما لا يحمد عقباه، سيما وأن كل المؤشرات والدراسات المنجزة من طرف الخبراء تؤكد على أن التغيرات المناخية تسوء من سنة لأخرى وتستدعي إجراءات استثنائية.
الحماية المدنية تحصي أزيد من 100 موقع مهدد بالفيضان
حددت مصالح الحماية المدنية لولاية الجزائر ازيد من 100 موقع مهدد بالفيضانات تقع ب39 بلدية بولاية الجزائر تعتبر “نقاطا سوداء تم تبلغيها لمصالح الولاية
وأوضح المكلف بالإعلام بمديرية الحماية المدنية لولاية الجزائر, الملازم الأول بن خلف الله خالد, أن المصالح المختصة قدمت مؤخرا “لائحة تضم 105 نقطة سوداء موزعة على 39 بلدية من بلديات المقاطعات الإدارية ال 13 بالولاية وذلك في إطار التحضير لموسم الشتاء و الترتيبات اللازمة لمواجهة خطر الفيضانات”.
و تتخوف مصالح الحماية المدينة من امكانية حدوث فيضانات على مستوى الأحياء السكنية المحاذية للأودية على غرار وادي الحراش و واي الحميز و وادي بني مسوس, ناهيك عن احتمال حدوث تراكم للمياه على مستوى خط الترامواي في الجهة الشرقية للجزائر العاصمة, و كذا في بعض التجمعات السكنية الفوضوية و غير المرخصة (منطقة الكحلة ببئر توتة و حي قوماز القصديري بسطاوالي) و أيضا البنايات العتيقة على غرار القصبة.
وفي المقاطعة الإدارية لسيدي امحمد تمت الإشارة إلى نقاط عبر نفق شارع الاستقلال المؤدي إلى ساحة أديس أبابا و أخرى بالقرب من مستودع الحافلات التابعة للمؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري لولاية الجزائر المطل على شارع حسبة بن بوعلي, و نهج جيش التحرير الوطني و نقطة أخرى بالقرب من المستشفى الجامعي مصطفى باشا.
و نبهت ذات المصالح إلى وجود نقاط سوداء عبر بلديات المقاطعة الإدارية لباب الوادي, كملعب فرحاني و شارع سعيد تواتي, و ببولوغين بمقربة الثانوية التقنية غنام الجيلالي الواقعة بشارع علي وراق, أما في رايس حميدو فهناك احتمال فيضان بالقرب من مصنع الإسمنت (شارع علي قبلاجي) و في نقطة أخرى بالطريق الوطني رقم 11 ميرامار.
وعلاوة على منحدر فري فالون و بوفريزيه ببلدية وادي قريش, نبهت ذات المصالح إلى أهمية مراقبة البنايات العتيقة ببلدية القصبة, علما أن هذه الأخيرة سجلت انهيار عمارة بشارع تمقليت شهر أفريل المنصرم عقب تساقط كثيف للأمطار, أودى بحياة 5 أفراد.
كما ضمت القائمة الموجهة لمصالح ولاية الجزائر, بلديات مثل حسين داي و باب الزوار برج الكيفان و بلوزداد حيث يمر ترامواي الجزائر بمحطات معرضة للغرق في مياه الأمطار, فيما أبرزت القائمة بعض البلديات في الحراش و ما جاورها و كذا الرغاية و الرويبة ووادي السمار بخطر الفيضان جراء قرب السكنات من وادي الحراش ووادي الحميز و وادي أشايح و وادي دوار زيان.
650 بلدية مهددة بالفيضانات
وفي هذا السياق ،أكد عبد الكريم شلغوم، رئيس نادي المخاطر الكبرى في تصريحات اعلامية أنه لا يوجد أي سياسة وقائية من المخاطر التي تهدد ولايات الوطن، بل هو مجرد تسيير أو مخطط عشوائي تتداخل على تسييره عديد الجهات على غرار الحماية المدنية، البلديات، المصالح الولائية، الوزارية، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون هناك مؤسسة ثابتة مكلفة بوضع الإستراتيجية الوقائية، مرجعا سبب حدوث الفيضانات إلى مخطط العمران وليس إلى البالوعات والقنوات في حد ذاتها. وأكد شلغوم خلال حديثه أن قرابة ال650 بلدية عبر الوطن معنية بفيضانات مهولة في حال وجود اضطراب جوي.
70 بالمائة من بنايات العاصمة مهددة بالانهيار
كما كشف عبد الحميد بوداود، رئيس المجمع الجزائري لخبراء المهندسين و المعماريين في تصريح سابق “للجزائر” أن السبب الرئيسي لتساقط الأبنية هو قدم العمارات كونها مشيدة منذ وقت الاستعمار و هذه الأخيرة هي ما تحتويه العاصمة ،كما لا يمكن نفي أن المياه هي هاجس البناء، فيما يبقى أي اهتزاز طفيف ليس من حركة الترامواي وإنما من حركة هدم لجدران أو ما شابه سببا في سقوط واجهة، أو شرفة..،
وأضاف العاصمة بأكملها و بنسبة 70 بالمائة تعاني من المشكل بالنظر إلى بلديات سطاولي، الجزائر الوسطى، بلوزداد، حسين داي، المدنية.. معربا في ذات السياق أن الترميم يكون حلا متى تم ذلك من طرف خبير متمكن و ذو أهلية، في المقابل على هذا الأخير أن ينجز “دفترا صحيا” خاصا بالعمارة محل الترميم تدون عليه كل المعلومات المتعلقة بها و كذا بعملية الترميم، و من جهة أخرى أضاف بوداود، أن الصحيح في الأمر هو فرض الرقابة و تحميل المسؤولية من بداية العمل بما سماه “دفتر الورشة” و الذي يدون فيه الخبير مكان ورشة البناء، الرخصة، تحليلا للتربة التي سينجز عليها المشروع .. و كذا مراعاة متابعة المشروع خطوة بخطوة بإلزام فرض رقابة مستمرة و تحميل المسؤولية لكل من تجاوز المقاييس و المعايير في البناء، كما نوه ذات المصدر على أن الر قي بالمدينة يأتي بتكاتف جهود الجميع خاصة من وزارة السكن،الموارد المائية، المالية، وزارة الصحة، الإعلام و الاتصال كون أن المدينة تحتاج إلى كل هذه الخدمات.
ف-س